Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قصة حركة "حباد" المرتبطة بمقتل الحاخام الإسرائيلي في الإمارات

منظمة يهودية تؤمن بـ"أرض إسرائيل" الكاملة وتشكك في جدوى السلام مع العرب وتعد السيطرة على الضفة الغربية وغزة والجولان ضرورة أمنية ملحة

تأسيس المنظمة يعود إلى 250 عاماً، وتصف نفسها بأنها "أكبر منظمة يهودية في العالم" (رويترز)

ملخص

ترفض "حباد" فكرة التنازل عن الأرض مقابل السلام، وتملك أكثر من 3500 فرع في أكثر من 85 دولة حول العالم، منها جنوب أفريقيا وأميركا الجنوبية وروسيا وأستراليا وآسيا والمملكة المتحدة وأجزاء كثيرة من الولايات المتحدة.

ما إن ضجت وسائل الإعلام العربية والعالمية بخبر مقتل الحاخام الإسرائيلي تسفي كوغان في دولة الإمارات قبل أيام حتى اشتعلت محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي بالسؤال عن منظمة "شاباد" أو "حباد" التي ينتمي إليها كوغان وأهدافها وماهيتها وتاريخها، خصوصاً أنه سبق ذلك مقتل رجل الأعمال الإسرائيلي زيف كيبار بمدينة الإسكندرية بمصر في السابع من مايو (أيار) 2024، الذي كان ناشطاً قوياً جداً في المنظمة ذاتها التي أشادت به على موقعها الإلكتروني باعتبار أنه كان داعماً كبيراً لها، يشارك في نشاطاتها وتجمعاتها في أوكرانيا وإسرائيل ومصر وغيرها، ونشرت صورته برفقة حاخامين بينما يرتدي لباس حاخامات "حباد" (التيفلين) وهم يؤدون طقوسهم الدينية. وعلى رغم أن تأسيس المنظمة يعود إلى 250 عاماً، وتصف نفسها بأنها "أكبر منظمة يهودية في العالم"، لا تزال "حباد" محط أنظار كثيرين ممن يرونها القوة الأكثر ديناميكية في الحياة اليهودية اليوم.

حركة روحية

في بيلاروس وعلى يد الحاخام شنؤور زلمان تأسست حركة "حباد" عام 1772، وهي واحدة من مدارس اليهودية الأرثوذوكسية، كحركة حسيدية روحانية اجتماعية يهودية، وأطلق عليها بالعبرية "حباد- لوبافيتش". وتختصر الأحرف الأولى للقدرات الفكرية الثلاث (الحكمة، الفهم، المعرفة) التي يولي النظام الفلسفي الديني للحركة أهمية كبيرة لفهمها. أما "لوبافيتش" فهي اسم المدينة في بيلاروس حيث انطلقت فكرة المنظمة التي انتقلت إبان الحرب العالمية الثانية إلى حي بروكلين بمدينة نيويورك الأميركية لتصبح أكثر انتشاراً حول العالم وتستقطب اليهود من كل مكان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتوفر بيوت "حباد" حول العالم لليهود المحليين والمسافرين طعام "كوشير" (حلال وفقاً للشريعة اليهودية)، ومكاناً للصلاة وخدمات دينية أخرى. وبحسب الموقع الرسمي للمنظمة فإن هناك أكثر من 3500 مؤسسة "حباد" في أكثر من 85 دولة حول العالم منها جنوب أفريقيا وأميركا الجنوبية وروسيا وأستراليا وآسيا والمملكة المتحدة وأجزاء كثيرة من الولايات المتحدة الأميركية.

وتستضيف تلك البيوت والمؤسسات عموماً دروساً ومحاضرات وورش عمل حول موضوعات يهودية، وتقدم الخدمات الدينية ووجبات السبت، وتقام فيها المناسبات الخاصة التي تركز الاهتمام بالحاجات الروحية والمادية لجميع اليهود أينما وجدوا بزعم توحيدهم في جميع أنحاء العالم، وتمكينهم من معرفة تقاليدهم التي يبلغ عمرها 3300 عام، وتعزيز ارتباطهم الأعمق بطقوس اليهودية وإيمانها.

 

وترفض منظمة "حباد" وفق منشوراتها فكرة التنازل عن الأرض مقابل السلام، وتشكك في إمكانية التوصل إلى سلام بين إسرائيل العرب، وتعتقد أن "الحفاظ على حيازة الأراضي التي تم الاستيلاء عليها في حرب الأيام الستة (حرب 1967)، أمر ضروري ليس فقط لمنع الهجوم، ولكن أيضاً للحماية من الإرهاب. وتقول إن "وجود السكان العرب في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وغزة يطرح مشكلات أمنية". وبحسب صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تتمتع المنظمة بعلاقات وثيقة مع المسؤولين السياسيين حول العالم، وتعد من المنظمات اليهودية المتطرفة".

نفق سري

تسترشد "حباد" بتعاليم قادتها السبعة ((Rebbes الذين شرحوا الجوانب الأكثر دقة وحساسية للتصوف اليهودي، وجسدوا الصفات التوراتية القديمة للتقوى والقيادة. وكان آخرهم الحاخام السابع مناحيم مندل شنيرسون، ويعرف بين أتباعه بـ"وبافيتش ريبي" (ريبي تعني الحاخام) الذي اشتهر بعد المحرقة اليهودية (الهولوكوست) بجلب تعاليم المنظمة إلى كل مجتمع يهودي تقريباً حول العالم. واستطاع تحويلها من مجرد مجموعة "حسيدية" كانت على وشك الاندثار إلى شبكة دينية دولية يطلق من خلالها حملات عدة بين المجتمعات اليهودية للتشجيع على إقامة الطقوس اليهودية مثل "حملة الميتزوفوت" التي تشجع على تعليق لفافة من ورق فيها نصوص دينية على أبواب المنازل اليهودية، و"حملة التيفلين" لارتداء الصناديق الجلدية الصغيرة التي تحوي نصوصاً دينية وتربط على الذراع أو الجبهة أثناء الصلاة، وإشعال الشموع يوم السبت، حتى صار يتوافد إليه شخصيات بارزة وساسة ورجال دين يهود وغير يهود، طلباً للمشورة والنصح، ويمرون بكنيسه المعروف بـ"770" في بلدة إيست بافرك بولاية فرجينيا الأميركية.

 

وعلى رغم وفاة شنيرسون عام 1994 وترك مكانه في الحركة من دون وريث، حافظت "حباد" على اتساعها وانتشارها، وصارت الأكثر انفتاحاً بين الجماعات اليهودية والأرثوذكسية المتشددة في العصر الحديث، ولا تزال تستمر بإرسال مبعوثين لها إلى الجامعات والساحات العامة تشجيعاً لليهود على الالتزام بتعاليم دينهم.

وبعد الاشتباكات التي وقعت بين عناصر "حباد" في نيويورك والشرطة الأميركية مطلع العام الحالي بعدما حاولت الأخيرة ردم نفق غير قانوني تم حفره سراً أسفل المقر العالمي للحركة في مدينة بروكلين، شهد اسم الحركة اليهودية تغطية واسعة بالصحف الأميركية، خصوصاً بعد أن قامت شرطة نيويورك باعتقال 10 من أعضائها الذين حاولوا منع إغلاق النفق الذي زاد عرضه على 20 قدماً. وعلى رغم أن الغرض من النفق غير واضح فإن صحفاً محلية ذكرت أن شنيرسون قبل وفاته أمر أتباعه بتوسيع أقدس موقع لديهم تمهيداً لمجيء المسيح. وتطبيقاً لوصيته عمل شباب يهود بصورة مستقلة وبسرية على توسيع كنيسه في بروكلين معتقدين أنه طريقهم للخلاص، وبدأوا بهدم جدران الكنيس في الطابق السفلي وربطه بالمباني المجاورة حتى وصل طول النفق قبل اكتشاف السلطات أمره أواخر عام 2023 نحو 60 قدماً.

في غزة

منذ بداية الحرب الإسرائيلية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، برز نشاط منظمة "حباد" في غزة بصورة لافتة. وبحسب موقع "JND" الذي يقدم نفسه على أنه "أكبر مجموعة إعلامية في القطاع الحريدي لليمين اليهودي الأرثوذوكسي المتطرف، فإن المنظمة عملت منذ الأيام الأولى للحرب على الدعوة إلى الاستيطان في غزة والضفة الغربية. وفي السادس من ديسمبر (كانون الثاني) 2023، رفع جنود إسرائيليون لافتة على منزل في بيت حانون شمال غزة معلنين أنه "أول بيت حباد في غزة". في حين أكد موقع "Jewish press" أن مبعوثي "حباد" حرصوا على إيجاد طريقهم إلى غزة لمرافقة قوات الجيش الإسرائيلي أثناء معركته الوجودية هناك ضد "حماس". وعمل أتباع المنظمة من الجنود في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على وضع الشمعدان اليهودي العام في أكبر عدد ممكن من الأماكن في إسرائيل وحول العالم، وفي غزة أيضاً. وقال الحاخام ليفي مندلسون الذي ينسق أنشطة "حباد" في تغريدة على منصة "إكس"، "أينما يوجد جنود في كل قاعدة وفي كل موقع استيطاني يوجد مبعوثو (حباد- لوبافيتش) حاملين الشمعدان والكعك".

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور لدبابات إسرائيلية تجوب غزة رافعة راية منظمة "حباد" الصفراء، التي تمثل بتاج أزرق وتحته عبارة "ماشياح" بالعبرية، إذ يؤمن اليهود المتشددون بقدوم السيد المسيح مانحاً إسرائيل الخلاص والنصر وفقاً للاعتقاد اليهودي. وبحسب "حباد" فإن 80 في المئة من الفعاليات التوراتية للجيش تتم تحت إشراف المنظمة التي تؤمن بضرورة السيطرة على الضفة الغربية وغزة والجولان لأمن "أرض إسرائيل".

المزيد من متابعات