قطعت الحكومة المصرية خطوة جديدة في إعادة تأهيل القاهرة الخديوية عقب انتقال الوزارات والإدارات التابعة لها إلى العاصمة الإدارية الجديدة في عام 2022، ووقعت اتفاقية مع التحالف الأميركي الفائز بمناقصة عمليات تطوير، وإعادة تأهيل مجمع التحرير في وسط القاهرة، بتكلفة استثمارية تصل إلى نحو 3.5 مليار جنيه (حوالى 191 مليون دولار أميركي) على أن تستغرق عمليات التأهيل نحو 24 شهراً.
رحلة جديدة يقطعها مبنى مجمع المصالح الحكومية العريق المعروف شعبياً بـ "مجمع التحرير" بعد انتهاء خدمته للمواطنين على مدار 69 عاماً كمبنى حكومي يخدم ملايين المصريين.
شيده الملك فاروق
ويعد مجمع التحرير في وسط العاصمة القاهرة أحد أشهر وأقدم المباني التاريخية في ميدان التحرير، وقد صممه المعماري المصري محمد بك إسماعيل عام 1948، ليجمع كافة المصالح الحكومية، توفيراً للنفقات الباهظة التي كانت تتحملها الدولة نتيجة استئجار عدد كبير من العقارات لمصالحها من جانب وتوفير جهد المواطن من جانب آخر، إذ كان يضطر أي مواطن مصري قبل عام 1951 إلى المرور على عدة جهات رسمية في أماكن عدة لتخليص الأوراق الرسمية، ليُدشن تحت مسمى مجمع الجلاء على أنقاض الثكنات العسكرية البريطانية، عندما كانت مصر تحت الاحتلال البريطاني بناء على طلب الملك فاروق في ذلك الوقت، بتكلفة استثمارية بلغت آنذاك نحو 350 ألف جنيه (حوالى 22.2 ألف دولار) ليفتتح رسمياً في عام 1951.
ومجمع المصالح الحكومية يتكون من 14 دوراً وتم بناؤه على مساحة 28 ألف متر، ويبلغ ارتفاعه 55 متراً وبه 1356 غرفة للموظفين، ويتميز بالصالات الواسعة والنوافذ العديدة والممرات.
وزيرة التخطيط: تلقينا 11 عرضاً عالمياً
من جانبها، قالت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، رئيسة صندوق مصر السيادي، هالة السعيد، في بيان رسمي مساء الثلاثاء، إن التحالف الأميركي الفائز بعملية طرح إعادة تأهيل مجمع التحرير يضم مجموعة "غلوبال فينتشرز" ومجموعة "أوكسفورد كابيتال" وشركة "العتيبة للاستثمار". وأكدت على أن صندوق مصر السيادي تلقى نحو 11 عرضاً فنياً ومالياً من أنحاء العالم كافة، من المتخصصين في إعادة تأهيل وتطوير المباني التاريخية، مشيرة إلى أن الاختيار النهائي وقع على التحالف الأميركي لما يتمتع به من سابقة أعمال ثرية لعملية إعادة تأهيل مجموعة من المباني التاريخية في أميركا وأوروبا.
تحويل جزء من المجمع إلى فندق
وقالت، إن مصر دولة غنية بالعديد من الأصول، ومنها أصول غير مستغلة، مشيرة إلى أنه منذ نقل سلطة إدارة مجمع التحريرإلى الصندوق السيادي وُضعت دراسة لاستغلال هذا الأصل أفضل استغلال عبر التواصل مع عدد من الشركات الاستشارية، ولفتت إلى عقد عدد من اللقاءات مع المطورين، ليصبح مجمع التحرير بعد تطويره مكاناً متعدد الاستخدامات، يشمل جزءاً فندقياً وجزءاً إدارياً وتجارياً، مع الحفاظ على الطابع التاريخي للمبنى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشارت وزيرة التخطيط المصرية إلى أن الصندوق اشترط مجموعة من الشروط والمعايير أُخذت في الاعتبار بشأن الشركات المتقدمة لتطوير المبنى منها القدرة والملاءة المالية للشركة وخبرتها السابقة في تطوير مبان مماثلة، كما تم عمل دراسات على الكثافات المرورية في منطقة التحرير، وتوفير المواقف اللازمة للسيارات وغيرها من الأمور المهمة لتحقيق الهدف من تطوير المجمع، مشيرة إلى أن هناك لجنة ضمت وزراء السياحة والآثار والإسكان لوضع المعايير المبدئية، وتمت الاستعانة ببيوت خبرة عالمية لدراسة أفضل استخدامات لمبنى مجمع التحرير.
إعادة استغلال أصول الدولة
من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي أيمن سليمان، إن باختيار التحالف الأميركي يبدأ مجمع التحرير رحلة جديدة بعد انتهاء مهمته التاريخية كمبنى حكومي عريق وعلامة مميزة في قلب القاهرة، لافتاً إلى أنه سيتحول إلى مبنى متعدد الاستخدامات لجذب السياحة العالمية وكبرى الشركات العالمية والإقليمية، معتبراً خطة تطوير المجمع وإعادة هيكلته نموذجاً في إعادة استغلال أصول الدولة المصرية.
وأكد على أن عملية تطوير وإعادة تأهيل مجمع التحرير قامت على منهج علمي من خلال دراسة سوقية قامت بها شركة "كوليرز" العالمية، لوضع أفضل تصور لاستخدام واستغلال المبنى مع تحقيق أعلى عائد، بما يتماشى مع رؤية وخطة الدولة وتطلعاتها في تنمية منطقة وسط البلد.
وأشار إلى أن الاتفاقية الموقعة مع التحالف الفائز بتطوير وإعادة تأهيل مجمع التحرير، تشمل ضخ استثمارات بحوالى 3.5 مليارات جنيه في غضون عامين من تاريخ استلام الشركة المتعاقدة للمبنى، لافتاً إلى أن الصندوق السيادي نجح من خلال عملية تطوير مجمع التحرير في جذب تحالف استثماري يدخل السوق المصري لأول مرة وهو التحالف الأميركي.
190 عقاراً للدولة جاهز للتطوير
فيما أشار رئيس شركة مصر لإدارة الأصول العقارية (المملوكة للدولة)، أحمد عبد العزيز، إلى أن إعادة تأهيل المجمع التاريخي إحدى نقاط الارتكاز في تطوير القاهرة الخديوية، مؤكداً لـ "اندبندنت عربية" على أن فكرة تطوير وإعادة تأهيل المجمع واستغلاله سياحياً جاءت بعد قرار تدشين العاصمة الإدارية الجديدة وانتقال أغلب دواوين ومصالح وإدارات الحكومية المصرية المرتكزة في وسط القاهرة إلى العاصمة الجديدة، قائلاً، من بعد قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رقم 459 لسنة 2020، بدأنا بإزالة صفة النفع العام عن عدد من المنشآت المملوكة للدولة، ونقل ملكيتها لصالح صندوق مصر السيادي، ومن بينها أرض ومبنى مجمع التحرير على مساحة 3.055 فدان.
وتابع أن شركته تمتلك نحو 190 عقاراً تاريخياً في وسط القاهرة، تُصنف غالبيتها على أنها عقارات أثرية مشيراً إلى أن شركته بدأت بالفعل في إعادة هيكلة وتطوير العقارات المملوكة لها في إطار عملية تطوير القاهرة الخديوية عقب نقل دواوين الوزرات الحكومية إلى العاصمة الإدارية الجديدة.