انتخب مجلس النواب الألماني الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولتز (63 سنة) مستشاراً، وبات المستشار التاسع لـألمانيا لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. وبحصوله على تأييد 395 نائباً عاد اليسار الوسط إلى الحكم ليطوي بذلك عهد أنغيلا ميركل.
جاء ذلك، بعدما تصدر حزبه "الاشتراكي الديمقراطي" الانتخابات قبل شهرين ونصف، وتمكن من تحقيق غالبية مريحة قدرها 206 مقاعد مع شريكيه الجديدين في الائتلاف، "الخضر" (118 مقعداً) والحزب "الديمقراطي الليبرالي الحر" (92 مقعداً)، في حين أنه بحاجة إلى 369 صوتاً للفوز بالمستشارية.
وتطوي ميركل التي تنسحب فيما شعبيتها في أعلى مستوياتها، حياة سياسية استمرت 31 عاماً، بينها 16 على رأس القوة الاقتصادية الأولى في أوروبا.
وهي تغادر بفارق تسعة أيام فقط من تحطيم الرقم القياسي لأطول مدة للحكم سجلها هيلموت كول (1982- 1998).
على الرغم من كون شولتز خصمها السياسي كان وزير ماليتها ونائبها في السنوات الأربع الماضية بموجب لعبة التحالفات.
النساء
ويتسلم شولتز مقاليد السلطة على رأس أول حكومة تكافؤ في ألمانيا تتولى نساء فيها وزارات أساسية مع تعيين البيئية أنالينا بيربوك وزيرة للخارجية والاشتراكيتين الديمقراطيتين كريستين لامبريشت وزيرة للدفاع، ونانسي فيسر وزيرة للداخلية.
كذلك تعد الحكومة سابقة لجهة تشكيلتها السياسية، إذ تضم للمرة الأولى منذ الخمسينيات ثلاثة مكونات هي الحزب "الاشتراكي الديمقراطي" وحزب "الخضر" والحزب "الديمقراطي الليبرالي الحر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى الرغم من الاختلاف، لا بل التعارض أحياناً في برامج التشكيلات الثلاث، إلا أنها توصلت سريعاً إلى الاتفاق على برنامج يرتكز إلى حماية البيئة والتقشف المالي وأوروبا.
ومن المتوقع أن يتولى زعيم الليبراليين كريستيان ليندنر المعروف بتمسكه بنهج التقشف، وزارة المال.
وسيواجه الوزراء فور تولي مهماتهم الجديدة وضعاً صحياً متأزماً إلى حد غير مسبوق منذ ظهور "كوفيد-19"، إذ دفعت الموجة الجديدة من تفشي الوباء الحكومة إلى فرض قيود شديدة على غير الملقحين تتضمن منعهم من دخول المطاعم والمواقع الثقافية وحتى المتاجر غير الأساسية في بعض المناطق منها العاصمة برلين.
ومن المتوقع أن تفرض الحكومة الجديدة بدفع من شولتز إلزامية التلقيح ضد "كوفيد-19"، وذلك اعتباراً من فبراير (شباط) أو مارس (آذار)، في وقت تخضع المستشفيات لضغوط شديدة، لا سيما في ساكسونيا وبافاريا حيث الوضع متأزم جداً.
وقرر شولتز، رئيس بلدية هامبورغ سابقاً، أن يعهد بحقيبة الصحة إلى كارل لاوترباخ وهو طبيب، ويدعو إلى فرض قيود شديدة.
الغضب
غير أن السلطات الجديدة قد تصطدم بمشاعر الغضب حيال التدابير الصحية في مناطق ألمانيا الشرقية سابقاً، التي تضم معاقل اليمين المتطرف، وحيث تنتشر نظريات المؤامرة بين السكان الذين يرفضون تلقي اللقاح.
وغالباً ما تشهد تجمعات المعارضين للقيود الصحية اشتباكات.
كذلك، تواجه الحكومة الجديدة ترقباً كبيراً في الملفات الدولية وسط التوتر الجيوسياسي مع روسيا والصين.
ولم يعلق شولتز على إعلان الولايات المتحدة مقاطعتها الدبلوماسية للألعاب الأولمبية الشتوية في بكين في فبراير والقرار المماثل الصادر لاحقاً من أستراليا أيضاً، في وقت لم تستبعد وزيرة الخارجية الجديدة أن تحذو حذو واشنطن.
ووعدت بيربوك باعتماد سياسة أكثر صرامة من الحكومة السابقة تجاه موسكو، في وقت تحشد روسيا قوات ومدرعات عند حدود أوكرانيا، ما يثير مخاوف من شن هجوم على هذا البلد.
وفي استمرارية للتقليد المتبع من أسلافه، سيتوجه شولتز إلى فرنسا في زيارته الأولى إلى الخارج، ومن المقرر أن يستقبله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة.
أما وزيرة الخارجية الجديدة، فتصل الخميس إلى باريس قبل أن تشارك نهاية الأسبوع في اجتماع لوزراء خارجية "مجموعة السبع" في ليفربول.