تعافى تعدين "بيتكوين" تماماً من حملة الصين على التشفير التي أدت إلى توقف أكثر من نصف عمال المناجم في العالم عن العمل تقريباً بين عشية وضحاها في وقت سابق من هذا العام، ويتم قياس الاسترداد من خلال النظر إلى معدل التجزئة، وهو مصطلح يستخدم لوصف قوة الحوسبة لجميع المعدنين في شبكة "بيتكوين".
ولطالما كانت الصين مركزاً لهذه الصناعة، إذ تشير التقديرات السابقة إلى أن 65 إلى 75 في المئة من تعدين العملة في العالم تم هناك، ولكن بعد أن قامت بكين فعلياً بإيقاف عمال مناجم العملة المشفرة في البلاد في مايو (أيار)، انخفض أكثر من 50 في المئة من معدل تجزئة العملة من الشبكة العالمية.
وتظهر أحدث البيانات من بلوك تشين دوت كوم "أن الشبكة قلصت تماماً تلك الخسائر، وارتفع معدل تجزئة الشبكة بحوالى 113 في المئة خلال خمسة أشهر".
وقال كيفن زانغ من شركة العملات الرقمية "فاوندري" التي ساعدت في جلب أكثر من 400 مليون دولار من معدات التعدين إلى أميركا الشمالية، "صمدت بيتكوين في وجه هجوم دولة قومية للصين حظر التعدين فعلياً، وتجاهلت الشبكة ذلك".
وقال مهندس تعدين "بيتكوين" براندون أرفاناغي الذي يدير "مييو"، وهي شركة تتيح مشاركة خزانة الشركات في أسواق التشفير لشبكة "سي أن بي سي" الإخبارية، "يبشر الزخم التصاعدي في معدل التجزئة بالخير بالنسبة إلى سعر العملة المشفرة الأكثر شهرة في العالم، والتي انخفضت بنسبة 30 في المئة عن الشهر الماضي. وكان حظر الصين إشارة واضحة للشراء، تماماً كما كان الحال مع غوغل وفيسبوك من قبل".
لكن بالنسبة إلى أرفاناغي "فإن أكبر استفادة من هذه المحنة بأكملها هو حقيقة أن تعدين بيتكوين نجا من أعظم اختبارات الإجهاد حتى الآن مع القليل من الدراما". وأضاف، " لقد صمدت شبكة تعدين العملة أمام هجوم من قبل قوة عظمى كبرى وظهرت أقوى من أي وقت مضى بعد ستة أشهر قصيرة". وتابع، "كيف يمكن لأي شخص أن يجادل؟"، لكنه تساءل "ولكن ماذا لو حظرته الصين مرة أخرى؟".
التعافي السريع لـ"بيتكوين"
وعندما أصبح نصف شبكة "بيتكوين" مظلماً هذا الربيع، قال العديد من الخبراء إن عمال المناجم سيعودون إلى الإنترنت في أميركا الشمالية، وتم إجراء كثير من التوقعات أيضاً حول الجدول الزمني لإعادة الشبكة إلى أعلى مستوياتها السابقة، في حين لم يعتقد أي شخص أن الشبكة ستعود لطبيعتها بحلول نهاية العام.
ويقول المهندس مارشال لونغ، عامل تعدين "بيتكوين" في تكساس ورئيس الهندسة المعمارية في "روديوم إنتربرايسس" وعامل منجم "بيتكوين"، "إنه فوجئ قليلاً بوتيرة التعافي". ويضيف، "كنت أحسب أننا سنكون هنا في وقت ما في أواخر يناير (كانون الثاني)، أو أوائل فبراير (شباط)". ويعتقد بعضهم الآخر "أن الأمر سيستغرق وقتاً أطول من ذلك، قد يكون من ستة إلى 12 شهراً أخرى"، من توقعات لونغ.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفقاً لزانغ، "حدث التعافي السريع لشبكة بيتكوين لأن الولايات المتحدة وضعت الأساس لتصبح الوجهة الجديدة للتعدين". ويقول "إنه في الولايات المتحدة هناك إقبال كبير على النمو وبناء البنية التحتية والاستفادة من القوة العالقة".
شتاء التشفير
وتعمل الشركات في الولايات المتحدة بهدوء لتعزيز قدرتها على الاستضافة لسنوات، وتراهن على أنه إذا كانت البنية التحتية المناسبة موجودة، فإن عمال المناجم سيشيدون متجراً في الولايات المتحدة عندما يحين الوقت المناسب.
عندما تحطمت عملة "بيتكوين" أواخر عام 2017 ودخل السوق الأوسع في شتاء تشفير متعدد السنوات، لم يكن هناك طلب كبير على مزارع "بيتكوين" الكبيرة، في حين رأى مشغلو التعدين في الولايات المتحدة فرصة لنشر أموال رخيصة لبناء نظام تعدين بيئي في الولايات المتحدة.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة "فاوندري" مايك كولير، "كان عمال المناجم الكبار والمتداولون علناً قادرين على زيادة رأس المال للقيام بعمليات شراء كبيرة".
ويوافق مؤسس "كور سيانتيفيك" دارين فينشتاين على أنه كان هناك نمو خطر في البنية التحتية للتعدين في أميركا، وقال "لقد لاحظنا زيادة هائلة في عمليات التعدين التي تتطلع إلى الانتقال إلى أميركا الشمالية، ومعظمها في الولايات المتحدة".
واستمرت شركات مثل "كور سيانتيفيك" في بناء مساحة استضافة طوال فصل الشتاء المشفر لضمان القدرة على توصيل معدات جديدة.
ويشير أليكس برامر من "لوكسور مايننغ"، وهو تجمع للعملات المشفرة تم إنشاؤه لعمال المناجم المتقدمين، إلى "أن أسواق رأس المال الناضجة والأدوات المالية حول صناعة التعدين لعبت أيضاً دوراً كبيراً في الصعود السريع للصناعة في الولايات المتحدة"، ويقول "إن العديد من المشغلين الأميركيين كانوا قادرين على البدء بسرعة التوسع بمجرد تأمين التمويل من خلال الاستفادة من سجل متعدد السنوات للربحية ورأس المال الحالي كضمان".
"كوفيد-19" لعب دوراً
وعلى الرغم من أن الوباء العالمي أغلق قطاعات كبيرة من الاقتصاد، فإن أموال التحفيز الحكومية أثبتت أنها نعمة لشركات التعدين الأميركية.
وأوضح أرفاناغي أن "كل النقود المطبوعة أثناء الوباء تعني أن هناك حاجة لمزيد من رأس المال، وكان الناس يبحثون عن أماكن لتخزين أموالهم، ولم تكن الرغبة في الاستثمار على نطاق واسع أكبر من أي وقت مضى، وكثير من ذلك وجد طريقه على الأرجح إلى عمليات تعدين بيتكوين في أماكن خارج الصين".
ولقد آتت هذه المقامرة ثمارها، إذ تُظهر البيانات من جامعة كامبريدج أن الولايات المتحدة هي الآن الوجهة الأولى لعمال تعدين "بيتكوين"، متجاوزة الصين للمرة الأولى على الإطلاق.
لكن الصورة قد لا تكون بهذه البساطة التي تبدو عليها، فوفقاً لمصادر متعددة ظل العديد من عمال المناجم الذين لم يكن لديهم الموارد اللازمة للانتقال في الصين، ونقلوا عملياتهم تحت الأرض وسحبوا الطاقة مباشرة من مصادر مثل السدود المائية في مقاطعة سيتشوان الجنوبية، في حين قسم آخرون عمليات التعدين الخاصة بهم إلى مزارع أصغر بكثير في جميع أنحاء البلاد كان من غير المرجح أن تلاحظها السلطات.
ومهما كان السبب وراء الارتداد الأسرع من المتوقع لعملة "بيتكوين"، فإن عامل منجم العملة أليخاندرو دي لا توري الذي قضى سنوات في صك العملة المشفرة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في الصين وأخيراً في تكساس، قال "إن الدرس الأكبر هنا هو مرونة صناعة التعدين العالمية".