دعا علماء بريطانيون إلى وجوب إعطاء الأولوية للمعلمين في ما يتعلق بجرعات اللقاح المعززة، إضافة إلى تطعيم الصغار ممن تفوق أعمارهم خمس سنوات، لأن الانتشار السريع لمتحورة "أوميكرون" يهدد بإغلاق جماعي لمدارس المملكة المتحدة في السنة الجديدة.
وتمثلت المؤشرات الأولى على ذلك خلال الأيام الأخيرة بإقفال مدارس في العاصمة لندن، وبلدة "ويست برومويتش" في "ميدلاندز"، وكذلك مدينة "تشيستر" شمال غربي إنجلترا، بسبب تفشي المرض، وقد أُغلقت مدرستان منها بسبب "أوميكرون".
واستطراداً، تغيب نحو 208 آلاف تلميذ عن المدارس الحكومية الإنجليزية في نهاية الشهر الفائت لأسباب تتعلق بعدوى كورونا، بحسب تقديرات الحكومة البريطانية.
ويتخوف خبراء من أن يصل عدد الإصابات بمتحورة "أوميكرون" إلى قرابة مليون حالة مع حلول نهاية الشهر الجاري. ويرى علماء أنه يتعين الوصول إلى تحصين أفضل للمدارس بعد فترة عيد الميلاد، لتجنب انقطاع في التعليم، والحفاظ على سلامة التلاميذ والمعلمين.
واتصالاً بذلك، رفض وزير الصحة البريطاني ساجد جاويد استبعاد إمكانية إغلاق المدارس في يناير (كانون الثاني)، وأعلن في عطلة نهاية الأسبوع أنه "لا توجد ضمانات" عن ذلك.
وفي المقابل، ذكرت ديبتي غورداساني العالمة في الأوبئة السريرية في "جامعة كوين ماري لندن" أنه "إذا لم تتخذ الحكومة إجراءات عاجلة، فيمكننا أن نتوقع انتشاراً سريعاً للعدوى في المدارس، ما قد يتسبب بحدوث اضطراب جماعي على مستوى التعليم، وربما يؤدي إلى إغلاق مدارس".
وكذلك رأى كيت ييتس كبير المحاضرين في العلوم الرياضية في "جامعة باث"، أن تحسين التهوية وتركيب فلاتر هواء، وطلب وضع كمامات الوقاية، و"إعطاء التطعيم بشكل حاسم لشبابنا"، تشكل جميعها إجراءات يمكن أن تساعد في التخفيف من تفشي العدوى. واعتبر أن "جميع هذه التدابير كان من الممكن، بل ينبغي، تطبيقها في وقت سابق من الوباء".
في سياق متصل، دعا البروفيسور عظيم مجيد أستاذ الرعاية الأولية والصحة العامة في "جامعة إمبريال كوليدج لندن"، الحكومة إلى التأكد من تلقيح جميع المعلمين والموظفين الآخرين في المدارس، على أن يتلقى هؤلاء تطعيماً كاملاً بالجرعات الثلاث.
وبصورة عامة، سرعت الحكومة البريطانية برنامج التلقيح بالجرعة الثالثة في إنجلترا، وبات يشمل جميع الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 18 عاماً مع حلول نهاية السنة. وأورد رئيس الوزراء بوريس جونسون في خطاب تلفزيوني، مساء الأحد، إنه أطلق ما سماها "مهمةً وطنية" تقضي بإعطاء هذه الجرعة للجميع.
من جهة أخرى، مع صفوف الانتظار الطويلة خارج مراكز الاستقبال، والمشكلات التقنية التي طرأت على موقع هيئة "الخدمات الصحية الوطنية"، بالنسبة إلى حجز مواعيد اللقاحات، تحت تأثير تدفق الناس من أجل الحصول على الجرعة المعززة، رأى البروفيسور مجيد أنه قد يكون من الضروري إعطاء الأولوية في التطعيم لموظفي المدارس، بغية ضمان حصولهم على حماية كاملة من الفيروس، قبيل انطلاق الفصل الدراسي المقبل.
وفيما يتوقع أن تكون عطلة عيد الميلاد بمثابة "فترة زمنية فاصلة"، من شأنها أن تقلل من التفشي المرتفع لمرض "كوفيد" بين الأصغر سناً، ذكرت أيرين بيترسن عالمة الأوبئة في "كلية لندن الجامعية" UCL: "لكن السؤال هو إلى متى" يمكن أن يبقى ذلك.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورأت أنه حتى تتحسن تغطية التطعيم ما بين الأطفال والمراهقين، "يبدو من المرجح أن عدداً من الصفوف الدراسية قد يكون فارغاً من التلامذة خلال فترة من الزمن".
واستناداً إلى بيانات رسمية بريطانية، فقد حصل 45 في المئة من الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عاماً على اللقاح، مع حلول العاشر من ديسمبر (كانون الأول). وبحسب البروفيسور بيترسن، "فإن أفضل طريقة لحماية الأطفال والمدارس وأسرهم تكون بتطعيم أكبر عدد ممكن من اليافعين في أسرع وقت ممكن".
في سياق متصل، ذهب علماء إلى القول، إنه يتعين على المملكة المتحدة المباشرة في تلقيح الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5 و11 عاماً. وأشار البروفيسور مجيد إلى أن "بريطانيا هي الآن متخلفة في هذه الناحية عن عدد من الدول الأخرى".
في غضون ذلك، لم تسمح الجهة المنظمة للأدوية في المملكة المتحدة حتى الآن بإعطاء لقاح "فايزر" لهذه الفئة العمرية، على الرغم من أن "اللجنة المشتركة للتطعيم والتحصين" Joint Committee on Vaccination and Immunisation (JVCI) تنوي، بحسب ما علمت "اندبندنت"، التوصية بالبدء بالتطعيم فور الحصول على الضوء الأخضر.
في ملمح متصل، وافق الاتحاد الأوروبي على تطعيم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و11 عاماً، بجرعة لقاح "فايزر". وفي الولايات المتحدة، تلقى أكثر من مليونين و600 ألف طفل ضمن هذه الفئة العمرية، جرعتهم الأولى، بحسب تقديرات البيت الأبيض.
وفي مسار مواز، ذكرت الأستاذة في "جامعة كوين ماري لندن" الدكتورة غورداساني، "إننا ندخل موجة تفشي ’أوميكرون‘ مع معدل إصابات مرتفع للغاية حتى الآن بين الأطفال (مع إصابة واحد من كل 25 طفلاً في المدارس الابتدائية والثانوية) فيما حماية هؤلاء من الفيروس قليلة جداً".
وأضافت، "أن تخفيف حدة المرض في المدارس ضئيل أو حتى منعدم، مقارنة مع معظم الدول في أوروبا الغربية، ولدينا في إنجلترا أحد أدنى معدلات تطعيم المراهقين".
وعلى نحو مماثل، نبه الدكتور ييتس من "جامعة باث" إلى أنه "في حال تسبب المعدلات المرتفعة في تفشي متحورة ’أوميكرون’ في نهاية المطاف بإغلاق المدارس، فلن تلوم الحكومة البريطانية سوى نفسها. وبالتالي، يحق لأهالي الطلاب وأفراد المجتمع الأوسع أن يثور غضبهم على ذلك".
وأخيراً، رأى البروفيسور سول فاوست أستاذ مناعة الأطفال والأمراض المعدية في "جامعة ساوثهامبتون"، أن خيار إغلاق المدارس في البلاد يجب أن يكون الملاذ الأخير.
© The Independent