أقرّ المدعي العام العسكري الإسرائيلي شارون أوفيك بوجود قرار بمنح الحصانة الكاملة للجنود الإسرائيليين، وأنه لا توجد "صلاحية للمحكمة الجنائية الدولية للنظر في محاكمتهم"، في حين رفض الفلسطينيون تلك التصريحات واعتبروها اعترافاً صريحاً بتورط أركان الدولة في إسرائيل بالجرائم ضدهم.
وأضاف المسؤول الإسرائيلي أن "إسرائيل دولة قانون لديها جهاز قضائي مستقل وقوي، وأنه لا يوجد سبب بأن تكون عملياتها خاضعة لفحص المحكمة الجنائية الدولية"، مشيراً إلى أن "الجندي الذي يواجه الخطر ويعمل على حماية نفسه أو من هو مسؤول عن حمايته، يحظى بالدعم الكامل ولن يتعرض للمساءلة".
ورداً على تصريحات أوفيك، قال المدير العام لمؤسسة الحق لحقوق الإنسان شعوان جبارين، إن هذه التصريحات لا تستند إلى أي أرضية قانونية. وأضاف أن المحكمة الجنائية الدولية لها الولاية القضائية على فلسطين، لأن الأخيرة انضمت إلى نظام روما المؤسس للمحكمة الدولية، وبالتالي لها الحق في التحقيق والمحاكمة إذا طُلب منها ذلك.
وشدد جبارين على أن "الحصانة التي تحدث عنها المسؤول العسكري الإسرائيلي ليست سوى حصانة البلطجة وثقافة الإفلات من العقاب".
"اعتراف صريح وفاضح"
دانت وزارة الخارجية الفلسطينية تصريحات المدعي العام العسكري الإسرائيلي، وقالت إنها تنظر بخطورة بالغة إليها ولنتائجها وتداعياتها، معتبرة إياها "اعترافاً صريحاً وفاضحاً بتورط المستوى السياسي والعسكري والقضائي في دولة الاحتلال في الجرائم اليومية التي يرتكبها جنودها ومستوطنوها بحق أبناء شعبنا".
وقالت الخارجية الفلسطينية إن المحاكم الإسرائيلية "توفر للمجرمين أبواباً للهروب والتبرئة، بدءاً من إخفاء الأدلة والتلاعب بمسرح الجريمة، مروراً بمحاكمات هزلية شكلية، وصولاً إلى تبرئتهم الكاملة والإفراج عنهم".
وطالبت الخارجية الفلسطينية المحكمة الجنائية الدولية الإستجابة إلى المطالبات الفلسطينية بفتح تحقيق جدي في الجرائم الإسرائيلية، وعدم الوقوع في "مصيدة الاعتقالات والتحقيقات والمحاكمات الشكلية التي تلجأ إليها سلطات الاحتلال لتضليل تلك المحاكم والرأي العام العالمي، في محاولة لإقناع الأطراف الدولية بوجود محاكمات نزيهة للمجرمين والقتلة".
انضمام فلسطين إلى نظام روما
وكانت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتوا بنسودا أعلنت قبل أربع سنوات بدء دراسة أولية للوضع في فلسطين بعد انضمامها إلى نظام روما الأساسي وقبولها اختصاص المحكمة في الجرائم الواقعة في فلسطين.
ومنذ ذلك اليوم، يناشد المسؤولون الفلسطينيون بنسودا الإنتقال من الفحص الأولي إلى فتح تحقيق رسمي في الاتهامات التي قدموها ضد إسرائيل وتتعلق بقتل المدنيين وتدمير الممتلكات في قطاع غزة والضفة الغربية والاستيطان ونهب الموارد الطبيعية والفصل العنصري وحصار قطاع غزة.
واتهم جبارين المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية "بالتأجيل غير المبرر لفتح تحقيق رسمي في جرائم قوات الاحتلال الإسرائيلي"، مشدداً على أن ملف التحقيقات وجمع وتحليل المعلومات استكمل منذ حوالى سنة ولا يحتاج إلا إلى قرار إجرائي من بنسودا.
وأضاف جبارين أن التهديدات الأميركية القوية ضد المحكمة الجنائية الدولية، ومنع بنسودا من دخول الولايات المتحدة الأميركية يقفان وراء عدم فتح التحقيق، مشيراً إلى أن قضاة المحكمة الدولية يشعرون "بأنهم مكشوفو الظهر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح جبارين أن المحكمة أمام اختبار جدي حول مصداقيتها ومهنيتها من أجل أنصاف الضحايا وملاحقة الجناة، محذراً من خطورة تسييس عملها على العدالة الدولية.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب توعد قبل أكثر من شهر "برد قوي" على أي محاولة من المحكمة الجنائية الدولية لاستهداف الولايات المتحدة أو إسرائيل أو أي من حلفائها.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية رفضت طلب المدّعية العامة بفتح تحقيق في جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية، يشتبه بأن قوات من الجيش الأميركي ارتكبتها في أفغانستان.
وبرر القضاة موقفهم بأنه من غير المرجح أن ينجح التحقيق والملاحقة القضائية، لأنه من غير المتوقع أن يتعاون المتورطون، بما في ذلك الولايات المتحدة وقادة الحرب الأفغان.
ويأتي ذلك القرار بعد أسبوع فقط من سحب واشنطن تأشيرة دخول بنسودا، رداً على تحقيق قد تجريه بشأن هذه المزاعم. كما هدد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في مارس (آذار) الماضي بأن ترفض واشنطن منح تأشيرات لموظفي المحكمة الجنائية الدولية، الذين يحققون في مثل هذه المزاعم.