بعد يوم من تصريحات أطلقتها الخارجية الإيرانية، اتهمت فيها السعودية ضمناً بتعطيل إجلاء سفيرها لدى الحوثيين، حسن إيرلو، وهو في حالة صحية سيئة، ما تسبب في وفاته، رد تحالف دعم الشرعية في اليمن واصفاً تلك التصريحات بـ"العارية عن الصحة".
وأوضح العميد الركن تركي المالكي، المتحدث باسم التحالف، أن قيادة القوات المشتركة للتحالف، باشرت بتسهيل "نقل المذكور لاعتبارات إنسانية تقديراً لوساطة دبلوماسية من الأشقاء في سلطنة عمان وجمهورية العراق بعد أقل من ٤٨ ساعة من الإبلاغ عن حالته الصحية"، واصفاً إيرلو بـ"العسكري وضابط الحرس الثوري في اليمن".
وأضاف المالكي "تصريحات الخارجية الإيرانية مسيئة للمملكة، ولا تثمن موقف التحالف الإنساني والنبيل في إخلاء المذكور من صنعاء إلى البصرة، كما أنها تصريحات غير مستغربة من المسؤولين الإيرانيين، وتأتي في سياق السلوك الإيراني بإيفاد المذكور إلى اليمن بطريقة غير شرعية وقيامه بدعم الفوضى والقتال".
وبيَّن العميد أن عملية إخلاء إيرلو كانت المرة الثانية التي تخلي فيها الرياض مواطناً إيرانياً مرتبطاً بالعمليات القتالية في اليمن، بعد إخلاء أحد أفراد السفينة الإيرانية العسكرية "سافيز" في البحر الأحمر عام ٢٠١٩، ونقله للعلاج بأحد المستشفيات السعودية لفترة طويلة جراء وضعه الصحي المتدهور.
إيران تحتج
وبعد التلميحات التي أطلقتها الخارجية الإيرانية ضد السعودية بخصوص التسبب في وفاة إيرلو، توعد وزير الخارجية، أمير عبد اللهيان، بتقديم احتجاج رسمي بسبب تأخر الرياض في اتخاذ "قرار السماح بنقله إلى إيران لتلقي العلاج بعد إصابته بفيروس كورونا ووفاته لاحقاً".
وقال عبد اللهيان في تصريحات صحافية خلال تشييع إيرلو "تابعنا لبضعة أيام إجراءات الحصول على تصريح عبر دولة ثالثة لإرسال طائرة من إيران أو دولة أخرى لنقله فوراً إلى مستشفى مجهز تجهيزاً جيداً في إيران، لكن للأسف، الجانب السعودي اتخذ قراره متأخراً وتلكأت بعض الأجهزة التنفيذية السعودية في هذا المجال"، حسب قوله.
وأضاف وزير الخارجية الإيراني "سنعلن احتجاجنا رسمياً وفق المعاهدات والمواثيق الدولية"، إلا أن الرياض ترفض وصفه بالدبلوماسي، مؤكدة أنه كان يقوم بأدوار "عسكرية ميدانية بوصفه ضابطاً في الحرس الثوري الإيراني".
وفاته بعد العودة
وكانت قالت وزارة الخارجية الإيرانية قد أعلنت أمس الثلاثاء، أن مبعوث البلاد لدى ميليشيات الحوثي اليمنية قد توفي بعد أن أُعيد للبلاد نهاية الأسبوع الماضي.
وقال المتحدث باسم الوزارة، سعيد خطيب زادة، لوسائل الإعلام المحلية الرسمية، إن السفير حسن إيرلو "تم نقله إلى إيران في حالة صحية سيئة إثر إصابته بـ(كوفيد-19)"، إلا أن أطرافاً يمنية شككت في سبب الوفاة، ورجحت إصابته في إحدى المواجهات الدائرة في البلاد ضد الشرعية، إذ تتهمه الحكومة اليمنية بلعب أدوار عسكرية بناءً على خلفيته المهنية في الحرس الثوري الإيراني.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف زادة، "لقد توفي بسبب تأخر الاستجابة من بعض دول المنطقة في طلب نقله إلى إيران"، ولم يُسمّ هذه الدول، إلا أنه كان يشير إلى السعودية على الأرجح، لرفضها السماح لطائرة إيرانية بالهبوط في صنعاء بسبب استخدام طهران الطائرات المدنية لنقل الأسلحة إلى الميليشيات، بحسب ما يتهمها به تحالف دعم الشرعية، واشتراطها نقله عبر وسيط ثالث، عمان أو العراق.
الجدير بالذكر أن وزارة الخزانة الأميركية قد أدرجت إيرلو على قوائمها السوداء في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وقالت إنه مسؤول في فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني.
بعد أيام من المغادرة
كان حسن إيرلو قد غادر العاصمة صنعاء، السبت، على طائرة عراقية، سمحت لها السعودية بالهبوط والإقلاع من مطار المدينة الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثيية.
وجاءت مغادرة سفير إيران، الدولة الوحيدة التي تعترف بحكومة الحوثيين، وتدعمهم، بطلب من الميليشيات، وفي ظل ظروف غامضة، إذ لم تتضح الأسباب وراء رغبة الحوثيين برحيله، إلا أن طهران بررت الأمر بإصابته بفيروس كورونا، وحاجته لرعاية خاصة.
وقال المسؤول لوكالة الصحافة الفرنسية، "غادر على متن طائرة عراقية، وقد يكون حالياً في بغداد"، مضيفاً أن موافقة الرياض على السماح برحيله صدرت بعد وساطة عراقية وعمانية بين الميليشيات والسعوديين.
وقال سعيد خطيب زادة، لوسائل إعلام رسمية، السبت الماضي، "نظراً إلى ضرورة توفير الرعاية الطبية العاجلة له، فقد قامت الخارجية الإيرانية ببعض الاتصالات والمشاورات اللازمة مع عدد من دول المنطقة، بالتالي توافرت الظروف المبدئية اللازمة، ويتم حالياً نقل السفير الإيراني إلى البلاد".
وكتب المتحدث باسم الحوثيين، محمد عبدالسلام، على "تويتر"، "تفاهم إيراني - سعودي عبر بغداد تم بموجبه نقل السفير الإيراني في صنعاء على متن طائرة عراقية، وذلك لظروفه الصحية".
إشاعات الخلاف
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية قد كشفت يوم الجمعة الماضي، عن طلب تقدمت به الميليشيات عن طريق وسيط ثالث بالسماح للسفير والضابط السابق في الحرس الثوري بالعودة إلى بلاده، من دون أن تبين الجهة الوسيطة، فيما أكدت الرياض عدم السماح لأي طائرة إيرانية بالوصول إلى مناطق الحوثيين.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إقليميين وغربيين قولهم، إن القادة الحوثيين أكدوا للرياض أنهم "لن يستبدلوا إيرلو بدبلوماسي إيراني جديد".
وأضافت، "بدأت الرسائل تصل إلى السعودية في الأيام الأخيرة"، وكانت الرسائل تطلب "الإذن بإعادة إيرلو إلى طهران عبر طائرة إيرانية ستأتي لتقلّه"، لكن الطلب قُوبل بالرفض.
من جانبها، اعتبرت الرياض هذا الطلب إشارة إلى أن "الحوثيين كانوا يحاولون النأي بأنفسهم عن نفوذ طهران"، وفقاً لمسؤولين نقل عنهم التقرير.
واشترط السعوديون، بحسب الصحيفة، نقله "على متن طائرة عمانية أو عراقية"، بالإضافة إلى "إطلاق الحوثيين سراح بعض المحتجزين السعوديين لديها".