عقب إطلاق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تصريحاته، بُعيد اجتماع لمجلس الوزراء، آلية "وديعة الليرة التركية المحمية من تقلبات أسعار الصرف"، نشطت أسعار الصرف الأجنبي، وخسرت أسعار الصرف الأجنبي 30 في المئة من قيمتها قبل إعلان تفاصيل النظام الاقتصادي الجديد، واستمرت التقلبات في أسعار العملات الأجنبية والذهب، وتذبذب الدولار خلال ساعات النهار، وكذلك اليورو، وخسر البعض مدخراتهم، بينما زاد آخرون من رصيد ثرواتهم.
هل يمكن إقحام البنوك الخاصة في النظام الاقتصادي الجديد؟
كما هو معروف، يحصل الأشخاص الذين يحتفظون بمدخراتهم في حسابات الودائع بالليرة التركية الآجلة على نسب من الفوائد المتفق عليها من البنوك الذي يعملون معها، على سبيل المثال عندما يكون هذه النسبة 12 في المئة، ويرتفع سعر الدولار 56 في المئة من يوم فتح الحساب حتى انتهاء الأجل، وتقوم الخزانة بدفع الفرق من الميزانية وإيرادات الضرائب، وسيتمكن جميع الأشخاص الحقيقيين الذين لديهم ودائع آجلة في حساباتهم المصرفية من الاستفادة من النظام الجديد.
لكن، في الوقت الراهن، سيتم إقحام البنوك العامة فقط، ووفق المعلومات التي قدّمها ألب أسلان، رئيس مجلس إدارة جمعية البنوك التركية، فإن البنوك الخاصة تنظر بإيجابية إلى الدخول بهذا النظام الجديد، وأنها ستدخلها رويداً رويداً.
هل رُفع النص المُحرِّم للفوائد إلى الرّف؟
أفاد المحللون الاقتصاديون بأن ما تم فعله ههنا هو زيادة خفيّة لسعر الفائدة، وهناك تحليلات مختلفة حول هذه القضية، وقال المتخصص في الشأن الاقتصادي محفي أغيلماز في تغريدته عبر "تويتر" تعليقاً على النموذج الجديد، "ارتفع سعر الصرف بنسبة 40 في المئة، فإذا كانت الفائدة 14 في المئة، فسيتم دفع الفارق بينهما وهي 26 نقطة، وهذه العملية تسميه فائدة! رائع".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من ناحية أخرى، زعم عديد من الاقتصاديين أن الرئيس أردوغان وضع "النص المُحرِّم للفوائد " الذي تبنّاه، على الرّف، لذا لجأ إلى رفع سعر الفائدة.
ويستمر الجدل حول الآلية التي تسمى "وديعة الليرة التركية المحمية من تقلبات أسعار الصرف"، وستتبلور تفاصيل هذه الآلية مع التصريحات الرسمية، غير أن سيل الاعتراضات على النظام الجديد لا يكاد يتوقف، خوفاً من مخاطره التي من شأنها أن تفرض عبئاً ثقيلاً على كاهل الشعب، ففي نظر المتخصص في الشأن الاقتصادي أسفندر قورقماز، تمت زيادة الفائدة سراً، وأن فوائد الودائع ستضاهي الزيادة في أسعار الصرف الأجنبي.
وأشار قورقماز إلى أنه لا يمكن لهذه الآلية التي لجأت إليها الحكومة أن تُبقي العملة الأجنبية عند مستويات منخفضة، قائلاً، "في الواقع، ارتفع الدولار الذي كان ينبغي أن يكون نحو سبع ليرات، إلى 18 ليرة. لقد تم تخفيض سعر الصرف المرتفع إلى مستوى معين، لكنه سيرتفع مرة أخرى، إذ من المستحيل التغلب على الأزمة وإنهاؤها بهذه الآلية الجديدة".
هل يمكن للمحكمة الدستورية إلغاء هذا النموذج الاقتصادي الجديد؟
وأشار قورقماز إلى أن الميزانية ستعاني عجزاً إذا ما تم تطبيق آلية "وديعة الليرة التركية المحمية من تقلبات أسعار الصرف"، مؤكداً أن هذا غير دستوري، وأنه إذا ما تم رفع دعوى قضائية في هذا الخصوص يمكن للمحكمة الدستورية إلغاء تطبيق هذه الآلية. وتابع، "ينص الدستور على إمكانية اتخاذ قرار بتقديم خدمات عامة"، وهذه ليست بخدمة عامة، وسيقوم أردوغان بدفع الفارق من الميزانية، من دون أن يسميه فائدة، التفافاً على النص المُحرِّم الذي يتبنّاه، وكما قلت آنفاً، هذا غير دستوري، ومن المرجح أن تتخذ المحكمة الدستورية قراراً بإلغاء تطبيق آلية "وديعة الليرة التركية المحمية من تقلبات أسعار الصرف" إذا ما تم رفعها إليها.
"البنوك العامة تتحمل مخاطر تقلبات أسعار الصرف الأجنبي"
وأشار البروفيسور التركي سعدي أوزون أوغلو، المتخصص في الشأن الاقتصادي، إلى دخول تركيا في نظام "ضمان سعر الصرف". وأضاف أوزون أنه نسخة مختلفة لنظام سعر الصرف العائم، "تم دفع مخاطر تقلبات سعر الصرف إلى كاهل البنوك العامة". ولفت أوزون أوغلو الانتباه إلى انخفاض كبير في أسعار الصرف بعد الإعلان عن الآلية الجديدة بسبب بيع المدخرات من العملات الأجنبية على الرغم من كون الأسواق المالية مغلقة، قائلاً، "لقد تم تقديم ضمان لسعر الصرف، بمعنى أنه قيل للمواطن حافظ على مدخراتك بالليرة التركية، فإذا ما ارتفع سعر الصرف عن فائدة الليرة التركية، فإن الخزانة ستدفع الفارق"، وهذا سيكون على النحو الآتي: سيتم فتح بعض حسابات في البنوك العامة والخاصة لمدة ستة أشهر، أو سنة واحدة، ويستفيد من هذا الحق الأشخاص الذين يُودعون أموالهم في هذه الحسابات، وبهذا يتوقف الطلب على النقد الأجنبي من الداخل.
إقرار الحكومة بالصعوبات التي يواجهها المجتمع بسبب ارتفاع أسعار الصرف
وشدد المتخصص في الشأن الاقتصادي أوغوز دمير على إقرار الحكومة بالصعوبات التي يواجهها المجتمع بسبب ارتفاع أسعار الصرف. وأشار دمير إلى ضرورة التصرف بحذر حيال الردود المحتملة للجماهير والمستثمرين والمدخرين على الخطوات الاقتصادية الأخيرة للحكومة، قائلاً، "ليس من السهل التنبؤ بما سيحدث لاحقاً من دون رؤية ردود الفعل. كانت هناك حالة من عدم الثقة، فهل للخطوات الاقتصادية للحكومة أن تعيد الثقة إلى ربوعها؟ سنرى ذلك في الأيام المقبلة، إذ من الصعوبة بمكان أن نتنبّأ بشيء".
(اندبندنت تركية)