يغلب التفاؤل على توقعات المحللين والمتعاملين في أسواق الأسهم والأوراق المالية بأداء جيد للسوق الأسبوع المقبل القصير بسبب العطلات، وحتى الأيام الأولى من العام الجديد 2022. ومع غياب أي بيانات اقتصادية مهمة عن الاقتصاد الأميركي، أكبر اقتصاد في العالم، يتركز اهتمام المستثمرين على أي بيانات تصدر في آسيا في ما تبقى من أيام هذا العام.
ومع استيعاب الأسواق لتوجه البنوك المركزية بشأن تشديد السياسة النقدية، الذي أصبح واضحاً الآن بعد بيانات البنوك الرئيسة هذا الشهر، سيكون العامل الحاسم في أيام التداول خلال الأيام الأخيرة من هذا العام هو حجم السيولة في السوق. وتقليدياً، تشهد هذه الفترة ما بين عطلة عيد الميلاد (الكريسماس) وعطلة رأس السنة ضعف السيولة في السوق. وغالباً ما تتحرك مؤشرات الأسهم بشكل مفاجئ دون أي دوافع من الأخبار المهمة، فتشهد ارتفاعاً كبيراً وتصحيحاً قوياً لأسباب غير تقنية.
لكن تحسن السوق في الأسبوع المنصرم، الذي انتهى الخميس الماضي في أميركا والجمعة الماضي في أوروبا وآسيا، يشير إلى استمرار هذا التحسن الأسبوع المقبل والأخير من عام 2021. وتراجعت إلى حد كبير مخاوف الأسواق من احتمالات فرض مزيد من إجراءات الإغلاق التي تضر بالاقتصاد بعد الأنباء المتتالية عن أن متحورة "أوميكرون" من فيروس وباء كورونا ليست بالخطورة الصحية التي أعلنت مسبقاً، وإن كانت أسرع انتشاراً.
أسبوع جيد وشهر معقول
ومع انحسار تلك المخاوف، جاء أداء الأسواق في الأسبوع المنصرم قوياً، بخاصة في أسواق أميركا وأوروبا الرئيسة، مع الأخذ في الاعتبار أن الأسبوع انتهى على بيانات تعزز التوقعات بشأن التضخم وسوق العمل في الولايات المتحدة. وهذا ما جعل مؤشرات "وول ستريت" الرئيسة ترتفع كلها في اليوم الأخير من الأسبوع وفي المتوسط الأسبوعي بشكل عام.
وأظهرت الأرقام الرسمية الأميركية ارتفاع إنفاق المستهلكين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بنسبة 0.6 في المئة بمعدل شهري، وبنسبة 4.7 في المئة بمعدل سنوي. كما جاءت الأرقام الأسبوعية لطلبات إعانات البطالة للأسبوع الماضي أقل من مستوياتها ما قبل وباء كورونا. وهو ما يتسق مع تقديرات مسار معدلات التضخم التي تبني على أساسها البنوك المركزية خطواتها في ما يتعلق بأسعار الفائدة. وهذا ما جعل مؤشرات الأسهم وأسعار النفط وغيرها تنهي الأسبوع في وضع جيد.
وأنهت المؤشرات الأميركية الرئيسة الأسبوع مرتفعة في آخر أيام تعاملاتها الخميس. وأضاف مؤشر "ناسداك" لأسهم شركات التكنولوجيا نسبة 0.85 في المئة، بينما ارتفاع مؤشر "أس أند بي" لأسهم الشركات الكبرى بنسبة 0.62 في المئة، وكذلك مؤشر "داو" لأسهم الشركات الصناعية بنسبة 0.55 في المئة الخميس. وارتفع العائد على سندات الخزانة الأميركية متوسطة الأجل لمدة 10 سنوات إلى أكثر من 1.49 في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي المتوسط الأسبوعي، أنهت كل المؤشرات أسبوعها القصير بمكاسب قوية. وحقق مؤشر "داو جونز" أفضل أداء أسبوعي منذ فترة لينهي الأسبوع بإضافة 4.4 في المئة، بينما أنهى مؤشر "غس أند بي" الأسبوع محققاً الرقم القياسي للمرة الـ68 خلال 2021، مرتفعاً بنسبة 3.6 في المئة. أما مؤشر "ناسداك" فكان الأقل ارتفاعاً في المتوسط الأسبوعي، مضيفاً نسبة 0.7 في المئة فقط.
تفاؤل بالعام الجديد
وعلى الرغم من اضطراب الأسواق خلال ديسمبر (كانون الأول)، فإن المؤشرات الرئيسة على وشك إنهاء العام في المؤشر الأخضر لهذا الشهر. ويعزز ذلك توقعات أغلب المحللين باستمرار التحسن للعام المقبل 2022، بخاصة لمؤشر "أس أند بي" القياسي. وتجمع التقديرات على نمو العائد على أسهم المؤشر الرئيس بنسبة نحو 8 في المئة العام المقبل.
وفي ظل غياب البيانات المهمة حول الاقتصادات الرئيسة، ستكون عين المستثمرين على آسيا، وما يمكن أن يصدر من طوكيو أو بكين. وعلى الرغم من الإشارات الأولية حول تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني، ثاني أكبر اقتصاد في العالم هذا العام، فإن التفاؤل يسيطر على الأسواق بأن الأوضاع ستستقر أكثر في العام المقبل، ما لم تحدث مفاجآت تهز الأسواق.
ومن العوامل التي ستظل مهيمنة على اهتمام المستثمرين والمتعاملين في السوق، مستقبل خطط الإنفاق لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن. وتحديداً خطة "البناء للأفضل مجدداً" بتمويل يصل إلى 1.75 تريليون دولار. وينتظر أن تطرح الخطة للتصويت في مجلس الشيوخ في الكونغرس أول أيام العام الجديد بعد نهاية العطلات.