يسعى معارضو الرئيس التونسي قيس سعيد منذ 25 يوليو (تموز) الماضي، إلى حشد الشارع التونسي ضد الإجراءات التي اتخذها وقضت بحل البرلمان واستقالة الحكومة السابقة، ويهدف هؤلاء المعارضون إلى عودة المنظومة التي حكمت البلاد خلال 10 سنوات مضت إلى المشهد السياسي، لكنهم يلاقون في كل مرة عدم تعاطف شعبي تجاه تحركاتهم، التي كان آخرها "إضراب الجوع" الذي تنفذه نخبة من السياسيين التونسيين في إطار تحرك مجموعة "مواطنون ضد الإنقلاب".
وفي سياق محاولاتهم لكسب ثقة الشارع، دعا منسق مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" جوهر بن مبارك إلى "التعبئة والحشد لتنظيم تظاهرة ومسيرة تاريخية في 14 يناير (كانون الثاني) المقبل".
إلا أن الباحث السياسي أحمد نظيف رأى أن "رئيس الجمهورية ما زال يحتفظ بقدر من الشعبية وحتى إن انخفضت بسبب عدم تحقيق مطالب القطاع الأوسع من داعمي إجراءات 25 يوليو، بخاصة تلك المتعلقة بالجانب الاقتصادي". ولكن برأيه فإن السبب الرئيس لفشل المعارضة في حشد الدعم الشعبي هو أن "جزءاً كبيراً منها كان قبل 25 يوليو يمثل السلطة ولذلك ما زال الناس يحملونها الجزء الأكبر من المسؤولية عن الأزمة، وبخاصة من تردي الأوضاع الاجتماعية".
أوهام اجتماعية
في المقابل، اعتبر الناشط السياسي المعارض للرئيس، أحمد نجيب الشابي، أن "الموقف الشعبي يتأثر بعاملَين، أولاً رد الفعل على الوضعية السائدة قبل 25 يوليو، والعامل الثاني هو الانتظارات التي يعلقها الشعب على الوضعية الجديدة أي بعد 25 يوليو". وأضاف "في مثل هذا الظرف، أغلبية الرأي العام مساند لقيس سعيد لكن شعبيته بدأت تتآكل والوضعية الاقتصادية والاجتماعية المتفجرة ستُسقط كل الأوهام التي عُلِّقت عليه".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعبّر الشابي عن اعتقاده بأن "الشعب سيكون على موعد مع هذا الموقف السياسي حين تزول الأوهام الاجتماعية، ويتضح يوماً بعد يوم أن الوضع الاجتماعي آيل إلى الانهيار وأن القيادة السياسية للبلاد عاجزة عن معالجة الوضع المتأزم على كل الأصعدة"، معتبراً أن "مطلَب تنظيم حوار وطني واسع يجمع الكل للاتفاق على برنامج إنقاذ اقتصادي واجتماعي، مسألة لا مفرّ منها".
غرفة تقارير
من جهة أخرى أقرب إلى رئيس الجمهورية، قال الناطق الرسمي باسم "التيار الشعبي" محسن النابتي إن "كل مَن أخطأ في القراءة السياسية العميقة لأحداث 25 يوليو، سيخطئ حتماً في كيفية التعاطي مع تبعاتها مهما كان موقفه منها". وفسّر النابتي أن "تاريخ 25 يوليو هو ذروة الاصطدام بين الشعب التونسي وبين ما يُسمى بالطبقة السياسية التي حكمت البلاد طيلة عشر سنوات مضت فاستشرى الفساد وتحطمت كل أحلام التونسيين، بالتالي كل ما يأتي من هذه النخبة مرفوض شعبياً".
ورأى النابتي أن "هذه النخبة لا تريد استيعاب الدرس، فالشعب التونسي انتفض ضدهم"، مضيفاً "فهم معزولون عن الشعب ولا يمكن أن يلاقي أي تحرك يقومون به أي تعاطف شعبي، فهذه العزلة نتيجة سوء قراءتهم لما حصل في 25 يوليو". وزاد أن "إضراب الجوع عادةً ما تلجأ إليه فئة معينة جراء انسداد الأفق أو نتيجة لقمع كبير مسلط عليهم من طرف السلطة ومنعهم من التحرك في الشارع، لكن هذا لم يحصل في تونس بعد قرارات يوليو، بل هم مارسوا كل حقوقهم في الشارع عبر تظاهرات في محطات عدة، ولجوءهم إلى الاعتصام".
واعتبر النابتي أن "إضراب الجوع هو حركة يائسة لأنهم فشلوا في كسب ثقة الشارع التونسي. ورهانهم الوحيد الآن هو إثارة أزمة اقتصادية كبرى، بينما يقع الرهان الثاني على الخارج"، مفسراً أن "إضراب الجوع ليس موجهاً إلى التونسيين بل إلى غرفة تقارير موجهة إلى الدوائر الخارجية، حول انتهاكات غير موجودة إلا في أذهانهم من أجل تشويه سمعة الدولة التونسية والضغط على السلطة".