بعد انهيار شركتها "ثيرانوس" عام 2018 إثر اكتشاف كذبة اختراعها لجهاز تشخيص الأمراض المستعصية مثل السرطان وغيره عن طريق تحليل دم بسيط، أدينت أصغر مليارديرات "وادي السيليكون" في كاليفورنيا إليزابيث هولمز من قبل هيئة محلفين بسبع تهم من 11 تهمة وجهتها لها هيئة الادعاء في القضية المستمرة منذ أشهر.
إلى جانب تهمة خداع المستثمرين لجمع الأموال للاستثمار في منتج تعرف أنه لا يصلح، كانت بقية التهم بالاحتيال والتدليس المالي. وقال الصحافيون الذين كانوا في قاعة المحكمة إن هولمز البالغة من العمر 37 عاماً لم يبد عليها أي تأثر أو علامات ندم أو شعور بالذنب.
وعلى مدى أربعة أشهر من المحاكمة حاولت المليارديرة الشابة وهيئة الدفاع عنها إقناع هيئة المحلفين بأنها لم تذنب بحق المجتمع ولا المستثمرين وأنها تعرضت لضغط من شريك سابق لها، كان رفيقها أيضاً قبل أن ترتبط بزوجها الحالي. لكن هيئة المحلفين اقتنعت باتهامات الادعاء وشهادات نحو 30 شخصاً، بعضهم من التقنيين الذين كانوا يعملون في الشركة قبل انهيارها.
ولم يحدد القاضي موعداً للحكم على هولمز في التهم التي أدينت بها، ويمكن أن تصل العقوبة في كل منها إلى السجن 20 عاماً. والأرجح أنه لن تصدر الأحكام إلا بعد محاكمة شريكها السابق في الشركة المنهارة، راميش بالواني، في القضية نفسها.
بيع الوهم الطبي
بدأت قصة المليارديرة الشابة حين أسست شركتها تلك بعد "تسربها" من جامعة ستانفورد حيث كانت تدرس الهندسة الكيميائية التي لم تكمل دراستها. وبسرعة أصبحت نجمة شركات صاعدة في مجتمع التكنولوجيا في الولايات المتحدة. ووصلت الشركة إلى أن أصبحت قيمتها السوقية 9 مليارات دولار واعتبرت واحدة من أهم الشركات الصاعدة في مجال التكنولوجيا الحيوية في "سيليكون فالي".
وأعلنت هولمز عن تطوير جهاز جديد مستخدمة تكنولوجيا مبتكرة يمكن باستخدامه اكتشاف أي مرض ولو كان مستعصياً بتحليل قطرات قليلة من دم الشخص وتعرف النتائج فوراً. وتمكنت المستثمرة الذكية من جمع مئات الملايين من مستثمرين مثل ملياردير الإعلام روبرت ميردوخ وإمبراطور التكنولوجيا لاري إليسون.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في ذلك الوقت كانت وسائل الإعلام تصف إليزابيث هولمز بأنها "ستيف جوبز الجديد"، إشارة إلى مؤسس شركة "أبل" العملاقة. ووصفتها مجلة "فوربس" بأنها "أصغر مليارديرة عصامية في العالم"، واختارتها مجلة "تايم" ضمن أكثر الشخصيات تأثيراً في العالم عام 2015. واحتفت بها وسائل الإعلام حول العالم، ونقل كثيرون عن الإعلام الأميركي وقتها، عن ذلك الاختراع الذي سيحدث ثورة في عالم تشخيص الأمراض.
في ذلك العام، كشف تحقيق لصحيفة "وول ستريت جورنال" أن تلك التكنولوجيا التي تروج لها شركة "ثيرانوس" غير صحيحة. وبدأت مشاكل الشركة، كما أفصحت عنها شهادات التقنيين الذين كانوا يعملون فيها. وفي عام 2018 انهارت الشركة بعد كشف صحة ما جاء في تحقيق الصحيفة وأن الجهاز المزعوم لا يعمل كما تقول الشركة وصاحبتها.
وقال التقنيون خلال المحاكمة إنهم لطالما أبلغوا هولمز بالمشاكل في تلك التكنولوجيا لكنها طلبت منهم نسيان مخاوفهم. وعزز ذلك ما ذكره الادعاء بأن المتهمة كانت تعرف أن ذلك الجهاز للاختبار المزعوم (ويسمى جهاز إديسون) ليس سوى خدعة ولكنها كانت تقول علناً غير ذلك وتقنع المستثمرين بعكس الحقيقة ليضخوا أموالهم في الشركة. وبينما كانت هولمز تروج لأن خططها التكنولوجية بشأن جهاز "إديسون" على الطريق الصحيح، كانت تستخدم أجهزة فحص عادية متاحة في السوق للحصول على نتائج تخدع بها مجموعة من المساهمين.
نموذج سيئ
لم تفلح محاولات هولمز لاستدرار عطف هيئة المحلفين بأنها كانت ضحية لتأثير شريكها وحبيبها السابق. واتهمت بالواني بأنه استغلها كامرأة حين كانا يعيشان معاً وفي الوقت نفسه يتشاركان إدارة الشركة. ورغم اعترافها بأنه كانت هناك أخطاء من جانب شركة "ثيرانوس"، إلا أنها رفضت الإقرار بأنها خدعت أحداً.
ويرى بعض المراقبين والمحللين لقطاع التكنولوجيا تحديداً أن قضية هولمز ربما لا تتعلق فقط بشركة صاعدة فشلت، أو حتى بقضايا التدليس والاحتيال المالي الشائعة في الولايات المتحدة، إنما ربما تكون مقدمة للكشف عن أمثلة أخرى من الشركات الصاعدة، خاصة في مجال التكنولوجيا الحيوية، التي تضخم من إنجازات علمية ليست دقيقة بغرض جمع الأموال من المستثمرين.