يُعدُّ الخبز أحد الأطعمة الأساسية في النظام الغذائي، وقد ظهرت أشكال مختلفة من هذه المادة الغذائية الشعبية في جميع أرجاء العالم، من "البيتا" pita أو الخبز العربي في الشرق الأوسط، مروراً بـ"تورتيلا" tortilla في أميركا الوسطى، وصولاً إلى خبز الـ"إنجيرا" injera الإثيوبي. وفي المملكة المتحدة وحدها مثلاً، يباع ما يقدر بنحو 12 مليون رغيف يومياً.
ولكن للأسف، يتسبب إنتاج الأغذية واستهلاكها بما يناهز ثلث مجموع انبعاثات غازات الدفيئة حول العالم، ويشكل الخبز جزءاً رئيساً في هذا الأثر البيئي.
1. كيف يطرح الخبز آثاراً سلبية على البيئة؟
قدرت دراسة قامت بها "جامعة شيفيلد" University of Sheffield في 2017 الأثر البيئي لرغيف الخبز، بدءاً من المزرعة حتى وصوله إلى أرفف المتاجر، وحددت أي جزء من خط إنتاجه مسؤول عن معظم انبعاثات غازات الدفيئة التي يتسبب بها.
في تحليلهم للدورة العمرية لرغيف من الخبز، وجد الباحثون أنه يؤدي إلى إطلاق نحو نصف كيلوغرام من ثاني أكسيد الكربون.
كشف البحث عن أن سماد نترات الأمونيوم [أو الأمونيا] الذي يستخدم في زراعة القمح يسهم في نحو نصف (تحديداً 43 في المئة) انبعاثات غازات الدفيئة، ما يطغى على مختلف العمليات الأخرى في سلسلة الإمداد الخاصة بهذه المادة الغذائية.
وقال الدكتور ليام غوتشر، الذي اضطلع بالدراسة، إن "المستهلكين يجهلون غالباً التأثيرات البيئية المتجسدة في المنتجات التي يبتاعونها، لا سيما الأطعمة، إذ تثير الصحة أو الرفق بالحيوان الشواغل الرئيسة عادةً.
"ربما يسود وعي بالتلوث الناجم عن البلاستيك المستخدم في تغليف الأغذية، لكن كثيرين ستعتريهم الدهشة حينما يدركون التأثيرات البيئية الأوسع التي كشفت عنها هذه الدراسة"، أضاف الدكتور غوتشر.
"وجدنا أن ظاهرة الاحترار العالمي تتجلى في كل رغيف من الخبز بسبب الأسمدة التي تستخدم في حقول المزارعين بغرض زيادة محصولهم من القمح"، على ما قال الدكتور غوتشر.
ويشرح الدكتور غوتشر أن "مرد ذلك [إسهام رغيف الخبز في الاحترار العالمي] إلى الكمية الكبيرة من الطاقة اللازمة لصنع الأسمدة، ومن غاز "أكسيد النيتروز" nitrous oxide [يعرف أيضاً بـ"أكسيد النيتروجين الثنائي"] الذي ينبعث عندما تتحلل [الأسمدة] في التربة".
عموماً، تسود مخاوف متنامية بشأن التلوث الناجم عن البلاستيك المستخدم في تغليف المواد الغذائية، فضلاً عن شواغل بيئية أوسع، من بينها النقل [الانبعاثات الناجمة عنه].
2. كيف نقلص آثاره السلبية على البيئة؟
لا شك في أن الحد من الكمية المُهدرة من الخبز يُعدّ خطوة أولى أساسية في هذا الصدد. تُرمى نحو 24 مليون شريحة من الخبز في المملكة المتحدة يومياً لأن الناس لا يتناولونها في مواعيد استهلاكها، وقد أقر نحو ثلث الأسر في المملكة المتحدة بأنهم في نهاية المطاف يتخلصون من الطعام على أساس أسبوعي.
اشترِ علبة لحفظ الخبز لأنها ستبقيه طازجاً لفترة زمنية أطول، والجأ إلى وضع الأرغفة والمعجنات في الثلاجة، ثم استهلكها بحسب الحاجة، واعمد إلى تحميص الخبز مباشرة بعد إخراجه من الفريزر.
وفق بحث تولته المنظمة الخيرية "راب" Wrap المعنية بالاستدامة، فإنه في المستطاع تحقيق تراجع كبير في الكمية التي تُهدرها المملكة المتحدة من الخبز في حال تخلص كل شخص في البلاد من ثلاث شرائح أقل من الخبز أسبوعياً.
3. ماذا عن الأعمال التجارية الزراعية؟
ذكر البروفيسور بيتر هورتون، وهو باحث مشارك في دراسة "جامعة شيفيلد"، أنه لا بد من خفض كمية النيتروجين المستخدمة إلى حد كبير.
"النتائج التي توصلنا إليها تسلط الضوء على جزء رئيس من التحدي الذي يفرضه الأمن الغذائي، ألا وهو حسم التناقضات الكبرى المترسخة في نظام الأغذية الزراعية، الذي يتمثل هدفه الأساسي في جني الأموال، وليس توفير الأمن الغذائي العالمي المستدام"، كما أضاف البروفيسور هورتون.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الحال أن "استخدام ما يربو على مئة مليون طن من الأسمدة على مستوى العالم سنوياً لدعم الإنتاج الزراعي، يعتبر مشكلة هائلة، ولكن التأثير البيئي لا يحتسب ضمن هذا النظام، من ثم لا تتوفر حالياً حوافز حقيقية تحملنا على خفض اعتمادنا على الأسمدة".
4. هل يكمن الحل في الخبز العضوي؟
توضح مقالة نشرتها مجلة "نيو ساينتست" New Scientist أنه مقارنة مع الزراعة التقليدية، تستخدم المزارع العضوية مساحة أكبر كثيراً من الأراضي لكل رغيف، التي [الأراضي] يمكن "تخصيصها من أجل الحيوانات البرية أو استخدامها لتوليد الطاقة من الكتلة الحيوية".
ويقول روجر سيلفستر برادلي من شركة "أداس" ADAS المعنية بالبحوث الزراعية إنه إذا زرع المزارعون البقوليات التي تجمع النيتروجين ونشروها في الحقول على اعتبار أنها "سماد أخضر" صديق للبيئة، لن تتوقف التربة عن إطلاق أكسيد النيتروز.
أضف إلى ذلك أن حراثة التربة الغنية بالمواد العضوية تطلق أيضاً كمية كبيرة من الكربون، كما يقول برادلي.
© The Independent