تواصلت منذ مطلع العام الجديد الاحتجاجات الشعبية في عدة مدن شمال سوريا بريف حلب، وضمن مناطق تسيطر عليها المعارضة السورية، وخاضعة للنفوذ التركي، على خلفية رفع أسعار الكهرباء إلى أضعاف سعرها الحالي، وصلت إلى نسب لا طاقة للسوريين على مجاراتها مع واقع معيشي متردٍّ.
نحو تصعيد الاحتجاجات
وألهبت الزيادة الأخيرة الشارع السوري في ريف حلب الشرقي والشمالي الشرقي، وأخذت بالاتساع في منطقتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون"، إذ عمت التظاهرات المطالبة بوقف القرار، متهمة الشركات التركية الموردة للكهرباء بالسعي إلى جني أرباحها على حسابهم.
وتشهد مدن كإعزاز والباب وصوران وريف عفرين وغيرها توترات لهذا السبب، ورفع المحتجون لافتات مكتوباً عليها، "الاحتكار يولد الاستعمار" و"المحرر ليست مزرعة للشركات الاحتكارية".
في حين أفاد متابعون لوقائع الاحتجاجات بعدم انكفائها حتى مع التطمينات التي تبثها الشركات، بل من المتوقع حدوث تصعيد وتطور أوسع وأكثر ضراوة في حال لم تحل هذه الإشكالية، وسط تخوف بالاتجاه نحو أعمال تخريب تطال المنشآت التابعة للشركات ذاتها والمجالس المحلية التي وقَّعت معها عقود التوريد.
ويؤكد أحد الناشطين في الحراك الشعبي، رمضان حاج قاسم، مواصلة الناس اعتصامهم في أرجاء مدينة الباب وريفه، وسط تخوف المسؤولين من التصعيد، ما دفعهم إلى زيادة الحراسة الأمنية على مواقع عملها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يقول قاسم، "من المتوقع اتساع التظاهرات في أرجاء مدن غصن الزيتون ودرع الفرات على حد سواء في حال لم تلتزم الشركة الموردة بشروط العقد المبرمة مع المجالس المحلية. الناس لا تجد ما تأكله، وارتفاع أسعار الكهرباء سيدفعهم إلى الانفجار، إنهم كالبارود".
وعلى الرغم من ذلك، تحاول المجالس المحلية امتصاص الغضب الذي بدأت ملامحه تتجلى في مطالبة الناس بإلغاء العقود مع تلك الشركات الموردة للكهرباء التركية، واتجهت المجالس إلى عقد اجتماعات، لمناقشة الأزمة.
وبحسب المعلومات الواردة من مدينة جرابلس، الريف الشرقي لمدينة حلب، فإن المعنيين في المدينة طلبوا من المتظاهرين تأجيل تظاهرة كان مزمعاً خروجها اليوم الخميس، لحين عقد اجتماع بين مؤسسات أمنية وإدارية والمجلس المحلي مع أعيان المنطقة، للتشاور حول تخفيض سعر الكهرباء، بحيث تتلاءم مع الواقع المعيشي لأبناء المنطقة.
ورفعت الشركة سعر كيلووات الكهرباء إلى 14.7 ليرة تركية للكيلووات الواحد، ومع تعبئة الكروت المخصصة لتوزيع الطاقة لأكثر من 150 يصبح سعر الكيلو 2.50 ليرة تركية، في حين تعادل الليرة التركية حسب سعر الصرف المترجح 13 مقابل الدولار الأميركي الواحد.
ويرى مراقبون أن هذا الارتفاع جاء بنسبة مضاعفة تفوق 50 في المئة عن التسعيرة القديمة، ما يخالف شروط العقد الموقع مع المجالس المحلية.
الكهرباء الواردة
في غضون ذلك، أرجعت الشركة الموردة الكهرباء التركية (AK energy) الزيادة إلى رفع أسعار الطاقة الكهربائية من المصدر في تركيا بنسبة عالية تصل إلى أكثر من مئة في المئة في 31 ديسمبر (كانون الأول) من العام المنصرم، إذ تعتبر هذه الزيادة هي الرابعة خلال عام تقريباً.
وتواصل الشركة المعنية مشاوراتها مع المجلس المحلي، للخروج بصيغة لرفع الأسعار، بما يتوافق مع الزيادة الأخيرة، ومن دون أن يسبب ذلك خسائر كبيرة تثقل كاهل الشركة.
وجاء في بيان صادر عن الشركة أهاب بالمشتركين عدم الانصياع وراء من وصفتهم "يتصيدون بالماء العكر".
وحسب البيان، فإن هؤلاء همهم الوحيد إفشال أي مشروع هدفه رفع مستوى البلد وخدمة البنية التحتية، مؤكدة أنه لم يتم رفع السعر حتى تاريخه وتطبيقه.
ومع كل الاستهجان، الذي يصيب الناس، ترتفع الأصوات عن دور الشركات المحتكرة ومدى امتدادها، وحول مستقبل الاستثمارات التركية وتوغلها، لا سيما مشاريع أنقرة من باب التعليم، وافتتاح واسع للمدارس والمعاهد والجامعات التركية على امتداد المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، في الوقت الذي تتداول الليرة التركية عوضاً عن السورية، مع مد تركيا الكهرباء وهو ما يثير حفيظة متابعي الشأن التركي عن ضرورة تزويد هذه المناطق بصناعة الطاقة، وليس استجرارها، وبذلك تؤمن اكتفاء المواطنين منها.