نبّه قيّمون على "خدمات الصحة الوطنية" (أن أتش أس) في المملكة المتحدة، إلى أن مرافقهم دخلت في "حال أزمة"، خصوصاً بعد أن أعلنت مستشفيات على امتداد البلاد عن حوادث خطيرة، واعتراف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بأن الضغوط على هذا القطاع ستستمر "لأسابيع".
وقد وضعت المستشفيات وخدمات سيارات الإسعاف في جميع أنحاء المملكة المتحدة، في أعلى مستويات التأهب، في وقت باتت فيه ترزح تحت "ضغط غير مسبوق"، نتيجة تسبب وباء "كوفيد" في تناقص عدد الموظفين من جهة، وزيادة معدلات دخول المرضى للاستشفاء من جهة أخرى.
وسجلت في إنجلترا واسكتلندا معاً 157758 حالة إصابة جديدة بعدوى "كوفيد" يوم الاثنين الماضي، فيما بلغ عدد المصابين بالمرض في المستشفيات في مختلف أنحاء إنجلترا 13151 فرداً، بارتفاع عن الرقم المسجل في يوم رأس السنة الجديدة، الذي كان عند مستوى 12615. ولم تتوافر بيانات حديثة عن الوضع في ويلز أو إيرلندا الشمالية يوم الاثنين.
ماثيو تايلور الرئيس التنفيذي لـ"اتحاد خدمات الصحة الوطنية" NHS Confederation، الذي يمثل المستشفيات التابعة للهيئة، قال: "بتنا في عدد كبير من أجزاء الخدمات الصحية، في حال أزمة في الوقت الراهن".
وذكر أن ست مؤسسات استشفائية تابعة لهيئة "خدمات الصحة الوطنية" NHS أعلنت عن "حوادث خطيرة" لديها (تسليط الضوء على أحداث وقعت أو حالات فشل وشيكة قد يكون لها تأثير على رعاية المرضى وسلامتهم)، بحيث يشعر رؤساؤها بقلق من احتمال عدم تمكنهم من تقديم الخدمات ذات الأولوية، اعتباراً من مساء يوم الاثنين.
"مركز موركامب باي الجامعي" University Hospitals of Morecambe Bay كان آخر المستشفيات التي أطلقت جرس الإنذار حتى الآن، عندما أكد الرئيس التنفيذي آرون كامينز أن المؤسسة قد أعلنت عن "حادث داخلي خطير"، مشيراً إلى أنه سيتم تعليق بعض العمليات الجراحية والإجراءات الطبية غير العاجلة.
وأبلغ كامينز موظفيه في رسالة داخلية تمت مشاركتها على "تويتر"، بأنه "ويا للأسف، ما زال عدد من مرضانا، على الرغم من بذل جميع العاملين قصارى جهدهم، يتلقون مستوى من الرعاية والخبرة، هو أدنى من مستوى معايير الخدمة التي نرغب في تقديمها".
وفيما لفتت مستشفيات في لينكولنشير إلى أن "النقص الحاد وغير المسبوق في عدد الموظفين" من المتوقع أن "يخفض نوعية الرعاية"، أعلنت "خدمة الإسعاف في إيست ميدلاندز" East Midlands Ambulance Service عن تلقيها 1714 مكالمة "قياسية"، عبر خدمة خط الطوارئ 999، في الساعات السبع الأولى من السنة 2022.
وقالت إن تسارع الأمور "فرض علينا اتخاذ خطوات إضافية للحفاظ على تقديم خدمات آمنة لمرضانا، ومساعدتنا على التعامل مع الضغوط المتزايدة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما القيّمون على الرعاية الصحية في "نورفولك"، فأعلنوا عن وضع الحادث الكبير، بعد أن كانوا قد حذروا الناس عشية عيد الميلاد، من أن مستشفياتهم واجهت "أكبر الضغوط التي عرفتها خلال الأعوام الأخيرة". وطلبوا من المرضى عدم الحضور إلى أقسام "الحوادث والطوارئ" إلا عندما يكون ذلك ضرورياً للغاية.
في غضون ذلك، أصر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يوم الاثنين، على عدم وجود حاجة لاتخاذ حكومته مزيداً من التدابير وفرض قيود متعلقة بمواجهة عدوى "كوفيد" في إنجلترا، على الرغم من اعترافه بأن "الضغط على مرافق (خدمات الصحة الوطنية)، وعلى مستشفياتنا، سيكون كبيراً خلال الأسبوعين المقبلين، وربما أكثر من ذلك"، على حد تعبيره.
وفي إطار دفاع جونسون عن نهجه المخفف في التعامل مع الأزمة - وذلك في تناقض صارخ مع الإجراءات الحاسمة التي اتخذت في بقية أنحاء المملكة المتحدة - قال: "لقد وضعنا خطةً بديلةً، وينبغي على الناس ألا ينسوا ذلك على الإطلاق". ورأى أن "المضي إلى الأمام بالنسبة إلى البلاد ككل، يتطلب مواصلة المسار الذي نسلكه".
وأضاف: "سنبقي كل شيء قيد المراجعة - وسنبقي بالطبع جميع التدابير قيد المراجعة - لكنني أرى أن المزيج القائم من الإجراءات التي نقوم بها في الوقت الراهن، هو في اعتقادي الشيء الصحيح".
تعليقات رئيس الوزراء جاءت في الوقت الذي وجد فيه موظفو "خدمات الصحة الوطنية" أنفسهم تحت الضغط لإلغاء عطلاتهم حفاظاً على استمرارية الخدمات. وأوضح ماثيو تايلور أنه "في مواجهة المستويات العالية من الطلب على الاستشفاء وغياب العاملين، يتعين على بعض المستشفيات أن تعلن عن وضع "الحادث الخطير".
وأشار الرئيس التنفيذي لـ"اتحاد خدمات الصحة الوطنية" إلى أن "بعض المستشفيات يقوم بإجراء اتصالات عاجلة مع موظفين مرهقين، كي يتخلوا عن أيام راحتهم وإجازتهم، وذلك لتمكين مؤسستهم من الحفاظ على الخدمات الأساسية. وكان على كثير من المستشفيات حظر دخول الزائرين إليها، في محاولة للحد من انتشار العدوى. أما (هيئة خدمات الصحة الوطنية في إنجلترا) فتواصل التخطيط لتعزيز القدرة على التعامل مع التدفق الكبير في أعداد المرضى".
وتابع تايلور قائلاً، إن "خدمات الرعاية المجتمعية والاجتماعية، التي كانت قد تعرضت من قبل لإرهاق كبير، هي على وشك الانهيار. ففي كثير من المناطق، لا تتمكن خدمات الإسعاف من الوفاء بأوقات الاستجابة المستهدفة. وبات على الرعاية الأولية أن تضيف إلى خدماتها رعاية مرضى (كوفيد-19)، ومحاولة إبقائهم خارج المستشفيات، وتولي برنامج التلقيحات المعززة، والتعامل مع الطلب الأساسي على الاستشفاء غير المسبوق الذي سببه جزئياً ملايين الأشخاص المرضى المنتظرين مواعيدهم وإجراء عمليات جراحية".
النقص في عدد العاملين تسبب في زيادة الضغوط في معظم المستشفيات في البلاد. وبحسب ما ذكرت صحيفة "صنداي تايمز"، فإن موظفاً واحداً من كل 10 موظفين كان مريضاً ليلة رأس السنة الجديدة.
وكانت "اندبندنت" قد أفادت في وقت سابق، بأنه تم الطلب من القيّمين على مرافق "خدمات الصحة الوطنية"، الاستعداد لوضع الذروة في دخول المستشفيات بسبب "كوفيد"، في الأسبوع الثاني من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي. وحذر رؤساء المستشفيات من أن هذا قد الوضع قد يقابله نقص في عدد العاملين بمعدلات قياسية.
هذه الأنباء تأتي أيضاً مع استمرار مشكلة وصول الأفراد إلى اختبارات "كوفيد" في مختلف أنحاء المملكة المتحدة. وقد أبلغت "هيئة خدمات الصحة في إنجلترا" الموظفين عشية رأس السنة الجديدة، بأنها على علم بالصعوبات، وأنه يتوجب عليهم مراجعة المسؤولين عنهم في أماكن العمل إذا لم يتمكنوا من الوصول إلى الاختبارات.
© The Independent