على الرغم من توافر اللقاحات بأعداد مُعتبرة، تواصل شريحة واسعة من الجزائريين الامتناع عن التطعيم ضد فيروس كورونا وهو ما ضاعف من مخاوف السلطات الصحية في البلد، التي عبرت عن عدم رضاها من الاستجابة، وقلقها من النسب المتدنية المسجلة حالياً، تزامناً مع تحذيرات من موجة رابعة. وأوردت إحصائيات رسمية، كشفت عنها وزارة الصحة الجزائرية، أن 94 في المئة من الأشخاص الذين توفوا نتيجة إصابتهم بفيروس كورونا خلال ديسمبر (كانون الأول) 2021، لم يكونوا ملقحين.
وأشارت إلى أن نسبة التلقيح لم تتجاوز 28 في المئة من مجموع الفئات المستهدفة بالتلقيح من البالغين (أكثر من 18 سنة)، ولم تتعدَّ 11 في المئة من إجمالي عدد السكان، بينما تطمح السلطات إلى بلوغ معدل تلقيح 75 في المئة من مجموع السكان، البالغ نحو 44 مليون نسمة، بحسب أحدث إحصائية حكومية.
استغراب من العزوف
في السياق، عبّر وزير الصحة الجزائري، عبد الرحمن بن بوزيد، في تصريحات للتلفزيون الحكومي، عن استغرابه من العزوف عن التلقيح، قائلاً "لاحظنا أنه عندما كانت الموجة الثالثة لكورونا في الصيف الماضي ارتفع عدد الأشخاص الذين يتلقحون بالمراكز الصحية، إذ بلغ عددهم 250 ألف ملقّح في اليوم، ومع تراجع عدد الإصابات بالفيروس، تراجعت معها نسبة الإقبال على التلقيح على الرغم من حملات الحثّ التي قامت بها مختلف المصالح والهيئات الصحية".
ويرقد حوالى 5 آلاف مصاب بكورونا في المستشفيات، غالبيتهم غير ملقحين، حيث إن 8 من كل 10 مصابين في المستشفيات، لم يتلقوا التلقيح، علماً أن السلطات الصحية قالت إن الجزائر تملك مخزوناً من 13 مليون جرعة، ستصبح غير قابلة للاستعمال إذا بقيت مخزنة طويلاً من دون أن يتلقح الجزائريون ويعززون مناعتهم ضد الفيروس.
وعجز باحثون في القطاع الصحي، تحدثت إليهم "اندبندنت عربية"، عن إيجاد أسباب مقنعة تمنع الجزائريين من التوجه إلى مراكز التلقيح، بينما يُرجَح أن يكون السبب الرئيس هو الإشاعات التي تم اطلاقها مع استيراد الجزائر أولى دفعات اللقاح، إذ سرى زعم أن للقاح أعراضاً جانبية على صحة الإنسان، وهناك مَن ذهب إلى حد تحريمه بداعي المواد المصنوعة منه، على الرغم من إصدار لجنة الفتوى الحكومية، التابعة لوزارة الشؤون الدينية، فتوى بضرورة تلقي اللقاح. وقالت اللجنة إن "التلقيح ضد فيروس كورونا ضروري لمواجهة هذه الجائحة". وشددت على أنه "ينبغي العمل بتوجيهات السلطات الطبية في البلاد، التي تؤكد ضرورة تلقي اللقَاح".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي آخر اجتماع حكومي، ذكر مكتب الوزير الأول أيمن عبد الرحمن إن "الوضع الوبائي في البلاد لا يزال يشهد ارتفاعاً في حالات الإصابات، ما يكشف عن بوادر موجة رابعة من هذا الوباء"، مشيراً إلى أن أي "تراخٍ في اليقظة وعدم التقيد بالتدابير الاحترازية ومختلف البروتوكولات الصحية من شأنه أن يزيد من مخاطر هذه الموجة الرابعة، التي تتميز بانتشار المتحورة الجديدة أوميكرون، التي تشهد انتشاراً واسعاً في العديد من بلدان العالم".
تأهب للموجة الرابعة
ولتفادي سيناريو الصيف الماضي، حين شهدت المستشفيات الجزائرية حالة طوارئ واكتظاظاً بسبب "أزمة الأوكسجين" التي أودت بحياة مصابين واجهتهم صعوبة في التنفس، قرّرت الحكومة رفع قدرات التخزين وتجميع الموارد اللوجستية من أجل ضمان التوفير المستمر للأوكسجين الطبي في المؤسسات الاستشفائية تحسباً للارتفاع المشهود الذي تعرفه جائحة كورونا، إذ يُتوقع أن يرتفع الإنتاج اليومي من 550 ألفاً إلى 800 ألف ليتر في اليوم.
وقال عضو اللجنة العلمية الحكومية لمتابعة الوضعية الوبائية في الجزائر، الدكتور إلياس أخاموك، إن "المتحورة أوميكرون ستكون السائدة في الجزائر بنهاية الشهر"، مؤكداً أنه "سيتم تشديد الإجراءات الصحية داخل المدارس".
وترفض السلطات الجزائرية العودة إلى إجراءات الغلق الكلي لمحاصرة الوباء، على الأقل في الظرف الراهن، لثبوت عدم فعاليته أمام مختلف أنواع متحورات فيروس كورونا، وفق ما قال أخاموك، وفضّلت اللجوء إلى إجراء توسيع فرض الجواز الصحي لدخول الجزائر ومغادرتها وذلك للمرة الأولى منذ بدء انتشار الجائحة.
وجرى تحديد الفضاءات والأماكن التي يتشرط فيها تقديم جواز التلقيح ضد فيروس كورونا لدخولها، والتي تشمل الملاعب، وأماكن إجراء التظاهرات والمنافسات الرياضية والفضاءات التي تحتضن لقاءات ومؤتمرات وندوات، قاعات السينما والمسارح، الصالونات والمعارض، إضافة إلى قاعات الحفلات.
وسجلت الجزائر 63 إصابة بفيروس "أوميكرون"، منذ بداية ظهوره في البلد منتصف ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، عن طريق شخص أجنبي قدم إلى مطار هواري بومدين الدولي في العاصمة الجزائرية.
وتخطى العدد الإجمالي للإصابات الـ 221 ألف إصابة منذ بداية انشار الفيروس في مارس (آذار) 2021، في حين تماثل أكثر من 151 ألفاً للشفاء، فيما وصل إجمالي الوفيات إلى 6325 حالة.