تستهدف دعاوى قضائية عدة أطلقت في أوروبا النظام السوري، خصوصاً في ألمانيا، حيث يتحرك القضاء ضد تجاوزات وثقتها منظمات غير حكومية وإفادات فارين.
وتصدر محكمة كوبلنس الألمانية الخميس 13 يناير (كانون الثاني)، حكمها في قضية الضابط السابق في الاستخبارات السورية أنور رسلان، المتهم بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية"، وقد طالبت النيابة العامة بحبسه مدى الحياة.
وأسفرت هذه المحاكمة التي قسمت إلى جزءين في بداية العام، في 24 فبراير (شباط) عن صدور حكم بإدانة عضو سابق في أجهزة الاستخبارات، لكنه من رتبة أدنى، وذلك بتهمة "التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية"، في إدانة كانت الأولى من نوعها.
تزايد الدعاوى في ألمانيا
وتضاعفت في ألمانيا الشكاوى القضائية لسوريين يؤكدون أنهم تعرضوا للتعذيب في سجون النظام، علماً بأن برلين تطبق المبدأ القانوني للولاية القضائية العالمية الذي يسمح لقضائها بمحاكمة مرتكبي الجرائم الخطيرة بغض النظر عن جنسيتهم أو مكان ارتكاب الجرائم.
وفي مارس (آذار) 2017، تقدم سبعة سوريين، غالبيتهم لاجئون، في ألمانيا بشكاوى قضائية ضد مسؤولين في أجهزة الاستخبارات السورية.
وفي سبتمبر (أيلول)، عرضت أمام المحكمة نحو 27 ألف صورة في إطار قضية "قيصر"، الاسم الذي أطلق على مصور سابق في الشرطة العسكرية السورية هرب من بلاده وبحوزته 50 ألف صورة وثقت قتل آلاف المعتقلين السوريين بطرق وحشية بعدما تضوروا جوعاً وتعرضوا لشتى أنواع التعذيب.
وبعد شهرين، قدم 13 سورياً شكويين جديدتين على خلفية التعرض للتعذيب.
وفي يونيو (حزيران) 2020، أعلنت المنظمة الألمانية غير الحكومية "إي سي سي أتش آر"، أن سبعة سوريين ممن تعرضوا للتعذيب أو ممن شهدوا عمليات اغتصاب واعتداءات جنسية في مراكز احتجاز تابعة للنظام، تقدموا بدعوى قضائية.
شكاوى في فرنسا
وتستهدف هذه الدعوى خصوصاً تسعة من كبار المسؤولين في الحكومة وفي جهاز "الاستخبارات الجوية" السورية، بينهم الرئيس السابق للجهاز جميل حسن، المقرب من رئيس النظام بشار الأسد. وحسن الذي أصدرت ألمانيا وفرنسا بحقه مذكرتي توقيف دوليتين، تولى قيادة الاستخبارات الجوية حتى عام 2019.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونهاية يوليو (تموز) 2021، وجه القضاء الألماني الاتهام إلى طبيب سوري سابق في سجن حمص العسكري بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بضلوعه في تعذيب معتقلين. وستبدأ محاكمته في فرانكفورت في 19 يناير.
وفي سبتمبر 2015 أيضاً، فتحت النيابة العامة الباريسية تحقيقاً أولياً بشبهة ارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" على خلفية عمليات خطف وتعذيب نفذها النظام.
وفي يوليو 2016، تقدمت عائلة طبيب مات بعمر 37 سنة في أحد سجون النظام، بشكوى قضائية في باريس تتهم فيها النظام بتعذيبه وقتله.
مذكرات توقيف دولية
ونهاية أكتوبر (تشرين الأول)، فتح تحقيق لكشف ملابسات اختفاء سوريين يحملان الجنسية الفرنسية في سوريا في عام 2013، وانقطعت أخبارهما مذاك. وبحسب مقدمي الشكوى، أوقف عناصر قالوا إنهم من جهاز "الاستخبارات الجوية" مازن دباغ وابنه باتريك.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، أصدر قاضي تحقيق فرنسي مذكرات توقيف دولية بحق ثلاثة من كبار مسؤولي النظام السوري بشبهة الضلوع في تجاوزات طاولت هذين المواطنين.
والمتهمون الثلاثة في هذه القضية هم الرئيس السابق لجهاز "الاستخبارات العامة" علي مملوك، الذي أصبح لاحقاً رئيس مكتب الأمن الوطني، وجميل حسن، ومدير فرع باب توما (دمشق) في جهاز "الاستخبارات الجوية" عبد السلام محمود.
وفي أبريل (نيسان) 2021، فتح تحقيق قضائي في هجمات كيميائية وقعت في عام 2013 ونسبت إلى النظام، بناءً على شكاوى تقدمت بها ثلاث منظمات غير حكومية.
وكانت هذه المنظمات قد تقدمت بشكاوى مماثلة في ألمانيا عن تلك الهجمات وعن هجوم بغاز السارين وقع في عام 2017.
ونهاية ديسمبر (كانون الأول)، وجه الاتهام إلى فرنسي- سوري يشتبه بتزويده الجيش السوري بمواد يمكن استخدامها في تصنيع أسلحة كيميائية. وهي المرة الأولى التي يتم فيها توجيه الاتهام في إطار تحقيق في فرنسا بشبهة دعم قوات النظام السوري، وفق مصدر قريب من الملف.
دول أخرى
كذلك قدمت شكاوى في النمسا والنرويج والسويد التي أصبحت في عام 2017 أول بلد يدين قضاؤه عنصراً سابقاً في قوات النظام بجرائم حرب.
وفي السويد، تقدمت أربع منظمات غير حكومية في أبريل 2021 بشكاوى قضائية ضد الأسد وعدد من كبار مسؤولي النظام إثر هجومين كيميائيين وقعا في عامي 2013 و2017.
وفي إسبانيا، رد القضاء دعوى تقدمت بها مواطنة متحدرة من أصول سورية ضد تسعة من كبار مسؤولي النظام تتهمهم فيها بالاحتجاز القسري وبتعذيب شقيقها وتصفيته في عام 2013.
وتواصل "آلية دولية مكلفة تسهيل التحقيقات في أخطر الانتهاكات للقانون الدولي" المرتكبة اعتباراً من مارس 2011، عملها في جمع الأدلة لتسهيل محاكمة المتورطين.
وكانت الأمم المتحدة قد أنشأت هذه الآلية نهاية عام 2016.