يزعم عدد من العلماء أن "التصلب العصبي المتعدد" [يعرف كذلك بالتصلب اللويحي] multiple sclerosis (اختصاراً "ام اس" MS)، المرض العصبي الموهن، يمكن أن يكون مرده إلى الفيروس الشائع الذي يتسبب بما يسمى "داء التقبيل" kissing disease.
تشير دراسة جديدة نهضت بها "جامعة هارفارد" الأميركية إلى أن هذا المرض المزمن يمكن أن ينجم من عدوى "إبشتاين بار" Epstein-Barr (اختصاراً "إي بي في"EBV )، أحد فيروسات الهربس الذي يتسبب بداء يسمى "كثرة الوحيدات العدائية".
"كثرة الوحيدات العدائية" الذي يسمى أيضاً "الحمى الأحادية" أو "الحمى الغدية"، يُعرف بالعامية باسم "داء التقبيل"، ذلك أنه يكون معدياً جداً عن طريق اللعاب.
فيما يسبب فيروس "إبشتاين بار" تعبًا، وارتفاع حرارة الجسم، وطفحًا جلديًا، وتضخمًا في الغدد، يستطيع في الوقت نفسه، كما يشير الباحثون، أن يلحق بالجسم عدوى خفية تستمر مدى الحياة ربما تكون سبباً رئيساً للإصابة بالتصلب العصبي المتعدد.
الحال أن هذا المرض الالتهابي المزمن الذي يصيب الجهاز العصبي المركزي، ينتقل إلى 2.8 مليون شخص حول العالم، وللأسف لا يتوفر له علاج معروف.
البحث الذي نشرته مجلة "ساينس"Science الخميس الماضي، نظر في حالة 955 شاباً يافعاً شخصت إصابتهم بالتصلب العصبي المتعدد خلال أدائهم خدمتهم في الجيش.
مقارنة مع عينات مأخوذة من عشرة ملايين عسكري، وجد الباحثون أن خطر الإصابة بالتصلب العصبي المتعدد ازداد بمقدار 32 مرة بعد الإصابة بفيروس "إبشتاين بار". في المقابل، لم يعزز أي فيروس آخر خطر الإصابة بهذا الداء المزمن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كبير الباحثين في الدراسة ألبرتو أشريو، وهو بروفيسور في علم الأوبئة والتغذية في كلية تشان بجامعة هارفارد، قال في تصريح صحافي "طوال سنوات عدة، أجرت مجموعتنا من البحاثة وباحثون آخرون دراسات للتحقق من مدى صحة الافتراض القائل بأن فيروس (إي بي في) يتسبب بداء التصلب المتعدد، ولكن هذه الدراسة تعتبر الأولى من نوعها التي تقدم أدلة قاطعة على وجود علاقة سببية" بين الفيروس والمرض.
في الواقع، يشكل هذا الاكتشاف "خطوة كبيرة لأنه يشير إلى أن في المستطاع الوقاية من معظم حالات التصلب المتعدد من طريق وقف عدوى (إي بي في)، وأن استهداف هذا الفيروس يمكن أن يقود إلى علاج لمرض التصلب العصبي المتعدد"، أضاف البروفيسور أشريو.
ولكن ربما يكون من الصعب وقف فيروس "إبشتاين بار"، ذلك أن نحو 95 في المئة من البالغين مصابون بفيروس الهربس هذا.
ويشير أشريو إلى احتمال أن ترجع المدة الفاصلة الطويلة بين الإصابة بالفيروس من جهة وتطور أعراض مرض التصلب العصبي المتعدد من جهة أخرى، إلى التحفيز المتكرر للجهاز المناعي كلما ينشط الفيروس الكامن.
معلوم أن التصلب العصبي المتعدد يحمل الجهاز المناعي في الجسم على مهاجمة الخلايا العصبية في الدماغ والحبل الشوكي، ما يؤدي إلى تلف دائم في الجهاز العصبي المركزي. وفي الحالات الشديدة من المرض، يفقد المرضى قدرتهم على المشي.
وفق أشريو "لا تتوفر حاضراً طريقة فاعلة للوقاية من عدوى (إي بي في) EBV أو علاجه، لكن اللقاح المضاد لفيروس (إبشتاين بار) أو استهدافه بأدوية مضادة للفيروسات خاصة بـ(إي بي في) يمكنهما في نهاية المطاف الحؤول دون الإصابة بداء التصلب العصبي المتعدد أو الشفاء منه".
© The Independent