علمت "اندبندنت" أنه تمّ توجيه الاتّهام في المملكة المتّحدة إلى المحامية كريستين لي، على خلفية سعيها إلى امتلاك نفوذٍ سرّي على مشرّعين بريطانيّين، ومحاولتها استمالة شخصياتٍ برلمانية لدعم مصالح استثمارية صينية في مجالي الطاقة النووية وتكنولوجيا البطاريات.
وأوضحت مصادر لـ"اندبندنت" أن السيّدة لي التي اتّهمها "جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني" (أم آي 5) MI5 بقيامها بـ"تدخّل سياسي"، حاولت بشكلٍ مباشر وغير مباشر، تغيير لهجة نوّاب في ما يتعلّق بمجموعةٍ من المسائل المتعلّقة بالبنية التحتية الوطنية الحيوية، بما فيها الطاقة والتصنيع والاتصالات.
وأفادت رسالة تحذيرية تمّ توجيهها إلى أعضاء البرلمان البريطاني، بأن السيّدة لي تعاملت مع "أفرادٍ من مختلف الأطياف السياسية في المملكة المتحدة"، بهدف دعم أجندة "الحزب الشيوعي الصيني".
وزُعم أن بين المسائل التي حاولت كريستين لي التأثير فيها، إشراك الصين في مشروع بناء محطة الطاقة النووية "هينكلي بوينت سي" Hinkley Point C وفي منشأة "سازويل" Sizewell. وفُهم أنها حاولت التأثير في مجموعة من المشرّعين البريطانيين بمَن فيهم النائب في حزب "العمّال" المعارض باري غاردينر.
وتكشف سجّلاتٌ أن كريستين لي، تبرّعت بأكثر من 500 ألف جنيه استرليني (685 ألف دولار أميركي) لتمويل مكتب غاردينر. وقد ظلّ نجلها يمارس عمله لدى النائب حتى صباح الخميس الفائت، على الرغم من عدم ذكر اسمه في المراسلات الواردة من السلطات النيابية.
وأوضح غاردينر لمحطة "سكاي نيوز" يوم الخميس، أنه تحدّث "بانفتاح وصراحة" مع أجهزة الأمن عن علاقته مع السيدة لي على مدى أعوام عدة، مشيراً إلى أنه لم يتمّ تحذيره أبداً من التورّط مع المحامية.
وأضاف أنه لم يكن لديه أيّ علم بأن "كريستين لي هي جاسوسة" حتى صباح الجمعة. وأكّد أن أيّ نقاشٍ معها في ما يتعلّق بسياسة الحكومة "لم يتطرّق إلى تفاصيل كبيرة".
وكان غاردينر قد دافع في سبتمبر (أيلول) عام 2016 عن المشاركة الصينية في مشروع بناء محطة الطاقة النووية "هينكلي بوينت سي"، وذلك أثناء تولّيه مهام وزير الدولة لشؤون التجارة ووزير الأعمال والطاقة في حكومة الظل "العمّالية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال في حينها موجّهاً انتقاده إلى الحكومة: "لقد خاطرت بنشوء نزاع دبلوماسي مع أحد أبرز شركائنا التجاريّين المستقبلّيين. وكلّ ما قامت به في نهاية المطاف، هو التظاهر بأنها تمتلك سلطات بالفعل".
وأدلى النائب أيضاً بمجموعة ملاحظاتٍ ردّاً على بيانٍ وزاري يتعلّق بإجراء مراجعة لصفقةٍ بقيمة 18 مليار جنيه استرليني (25 مليار دولار) لبناء قدرة إنتاجية للطاقة النووية في سومرست، لأنها يمكن أن تشكّل مخاطر على الأمن.
باري غاردينر كان قد انتقد سعي الحكومة البريطانية إلى ضمان قدرتها على التدخّل في بيع حصة شركة "كهرباء فرنسا" Électricité de France (EDF) في البنية التحتية الحيوية البريطانية، بمجرّد الانتهاء من إعداد العملية. وكانت هذه الخطوة تستهدف، استناداً إلى ما أشار إليه مصدرٌ مطّلع على المراجعة، الحؤول دون وقوع الحصّة الفرنسية في ملكية صينية.
وقال وزير خارجية حكومة الظل آنذاك: "(...) إن كلّ عضو في مجلس النوّاب يوافق على أن المسؤولية الأساسية للحكومة هي حماية أمننا القومي، لكن وزير الخارجية ورئيس الوزراء لم يكونا في الأمس واضحَين على الإطلاق، في شأن ما يعتبران حقّاً أنها مخاطر أمنية مرتبطة بالصفقة الراهنة".
إضافة إلى ذلك، اعتبر غاردينر أن مشاركة الصين في المشروع النووي البريطاني، لا تشكل تهديداً للملكية الفكرية الحسّاسة في بريطانيا - وهي تهمة لطالما وُجّهت إلى شركات صينية مملوكة للدولة.
ورأى النائب البريطاني أيضاً ألا خطر على الأمن السيبراني للبلاد، يمكن أن يتأتّى من الانخراط الصيني في المشروع الذي كان بمثابة "علامة تسويق للترويج لتقنية مفاعل "هوالونغ وان" Hualong One، متسائلاً بالتالي عمّا إذا كان الهدف من "هذا الهجوم هو تقويض السبب الرئيسي الكامن خلف رغبة الصينيّين في المشاركة في المشروع في الأساس؟".
العضو البرلماني البارز في حزب "المحافظين" السير إيان دانكن سميث، رأى في تصريح لمحطة "سكاي نيوز" أنه يتعيّن على النائب باري غاردينر "الكشف" عن جميع مراسلاته مع السيّدة كريستين لي. وفي حين أن زعيم حزب "الديمقراطيّين الأحرار" السير إد ديفي، كان قد تلقّى تبرّعاً بنحو 5 آلاف جنيه استرليني (6850 دولاراً) من السيّدة لي في عام 2013 عندما كان وزيراً للطاقة في الحكومة الائتلافية، فقد نقل عنه متحدّث باسم الحزب أن السير إد "صُدم بما تمّ الكشف عنه".
تجدر الإشارة أخيراً إلى أنه في عام 2019، قدّمت رئيسة الوزراء البريطانية آنذاك تيريزا ماي للمحامية كريستين لي، جائزة تقديرٍ لعملها على بناء روابط بين المجتمع الصيني والمجتمع البريطاني الأوسع.
© The Independent