غيرت أسعار النفط، مستهل تعاملات الأسبوع، اتجاهها نحو الهبوط بعد ارتفاعها في التعاملات المبكرة، متجاهلة بذلك تصاعد التوترات "الجيوسياسية" التي تشهدها منطقتا الشرق الأوسط وشرق أوروبا التي أدت إلى زيادة المخاوف بشأن احتمال تعطل الإمدادات، بالإضافة إلى ارتفاع توقعات الطلب العالمي على الخام، بينما واصلت "أوبك" وحلفاؤها مساعيهم لزيادة إنتاجهم. وانخفضت العقود الآجلة لخام "برنت" القياسي - تسليم مارس (آذار) – 1.70 دولار أو 1.6 في المئة إلى 86.47 دولار للبرميل، وكان الخام شهد ارتفاعاً في بداية التعاملات بدعم مخاوف من تعطل الإمدادات وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية. وتراجعت العقود الآجلة لخام "غرب تكساس الوسيط" الأميركي - تسليم مارس – 1.55 دولار أو 1.8 في المئة دون مستوى 84 دولاراً إلى 83.59 دولار للبرميل. وسجل كلا الخامين القياسيين ارتفاعاً الأسبوع الماضي نحو اثنين في المئة في خامس صعود أسبوعي، مسجلين أعلى مستوى لهما منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2014، وهي أطول سلسلة مكاسب أسبوعية سعرية للنفط منذ أكتوبر الماضي. وشهد النفط بداية قوية مع دخول العام الجديد، فقد ارتفعت الأسعار بأكثر من عشرة في المئة حتى الآن هذا العام، بسبب المخاوف من قلة المعروض وارتفاع الطلب وانخفاض المخزونات.
الطلب في صعود
إلى ذلك، أكد رئيس "أرامكو" في كلمته خلال منتدى برنامج تعزيز القيمة المضافة الإجمالية لقطاع التوريد (اكتفاء) أهمية توطين سلاسل الإمداد، خصوصاً بعد أزمة كورونا. معتبراً أن المخاطر التي تواجه قطاع التوريد، لا سيما في مجال الطاقة، تحتاج إلى تحرك سريع، حيث "نشهد بوادر أزمة طاقة في بعض أجزاء العالم بسبب نقص الاستثمارات".
المخاطر الجيوسياسية
وقال سايتو كبير المحللين لدى "فوجيتومي" للوساطة في السلع الأساسية كازوهيكو "ما زال المستثمرون متفائلين بسبب المخاطر الجيوسياسية بين روسيا وأوكرانيا وكذلك في الشرق الأوسط، بينما استمرت (أوبك+) في الفشل في الوصول إلى هدفها الإنتاجي." وأضاف سايتو لوكالة "رويترز" "ارتفاع الطلب على زيت التدفئة في الولايات المتحدة وسط طقس بارد زاد الضغط أيضاً". وعلى صعيد التوترات أعلنت الولايات المتحدة، أمس، أنها رحلت أفراد عائلات موظفيها المؤهلين من سفارتها في أوكرانيا، وقالت إنه يجب على جميع المواطنين المغادرة بسبب تهديد روسيا بعمل عسكري، ما أثار مخاوف من تعطل الإمدادات في أوروبا الشرقية. كما دعت وزارة الخارجية الأميركية المواطنين الأميركيين إلى عدم السفر إلى روسيا بسبب "التوتر المستمر على طول الحدود مع أوكرانيا"، محذِّرة من الصراع مع كييف، حيث تحشد موسكو القوات بالقرب من جارتها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وذكرت فاندانا هاري مؤسسة "فاندا إنسيتس" في سنغافورة، مزود تحليل سوق النفط في تصريحات نقلتها وكالة "بلومبيرغ"، أن الطلب الفعلي على الخام في السوق قوي، بخاصة في ظل التفاؤل بشأن تحول وباء "كورونا" إلى مرض مستوطن، مضيفة "لا تزال أسعار النفط في اتجاه متصاعد، مما يشير إلى استمرار قوة الأسعار التي تعطلت بسبب التراجعات الطبيعية".
أساسات السوق
في هذه الأثناء، ما زال تحالف "أوبك+"، الذي يضم 23 دولة بقيادة السعودية وروسيا، لم يصل بإنتاجه إلى هدف زيادة الإنتاج الشهري البالغ 400 ألف برميل يومياً، وقال مصدران لوكالة "رويترز" إن التزام التحالف النفطي بتخفيضات الإنتاج التي طال انتظارها ارتفع إلى نحو 122 في المئة في ديسمبر (كانون الأول)، ما يشير إلى أن بعض الأعضاء ما زالوا يكافحون لزيادة إنتاجهم. في الولايات المتحدة، استمرت مخزونات النفط في الانخفاض خلال الشهر الماضي، بينما خفضت شركات الطاقة حفارات النفط هذا الأسبوع للمرة الأولى منذ 13 أسبوعاً، فيما يتوقع المحللون أن يؤدي الطقس البارد إلى زيادة الطلب على التدفئة خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
توقعات صعودية
وأصدرت كبرى بنوك "وول ستريت"، بما في ذلك مجموعة "غولدمان ساكس"، توقعات نفطية صعودية، في الوقت الذي يدرس المستثمرون احتمالية غزو روسيا لأوكرانيا، فضلاً عن التوقعات بشأن تشديد السياسة النقدية للولايات المتحدة. مع ارتفاع أسعار النفط في 2022، رفع المتداولون رهاناتهم على المزيد من المكاسب، كما زاد مديرو الأموال من رهاناتهم الصعودية في نفط "برنت" و"غرب تكساس الوسيط" إلى أعلى مستوى في عشرة أسابيع، وفقاً لبيانات شركة التبادل "آي سي إي فيوتشر يوروب"، و"سي أف تي سي". يتوقع بنك "غولدمان ساكس" أن يصل سعر النفط الخام إلى 100 دولار بحلول الربع الثالث من 2022، ويرى "مورغان ستانلي" نفس الرقم والإطار الزمني تقريباً، فيما قال بنك "أوف أميركا"، إن خام "برنت" سيرتفع إلى 120 دولاراً للبرميل في منتصف عام 2022، في حين يظل "سيتي غروب" أكثر حذراً.