وصف ممثلون عن "طالبان" محادثات تاريخية يعقدونها مع دبلوماسيين غربيين في أوسلو، الاثنين، وتتركّز على الأزمة الإنسانية التي تشهدها أفغانستان، بأنها "إنجاز بحد ذاته"، وذلك في إطار أول زيارة تُجريها شخصيات من الحركة إلى أوروبا منذ عادت إلى السلطة.
لكن المجتمع الدولي يصر على وجوب احترام "طالبان" حقوق الإنسان قبل استئناف إرسال المساعدات إلى أفغانستان، حيث يتهدد خطر المجاعة أكثر من نصف السكان.
ويُجري وفد "طالبان"، الذي يقوده وزير الخارجية أمير خان متقي، الاثنين، محادثات مع ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي والنرويج.
وتُجرى المحادثات المغلقة بتسهيل من النرويج في فندق "سوريا موريا"، الواقع على تلّة تغطيها الثلوج خارج أوسلو.
واعتبر متقي أن مجرد عقد اللقاء إنجاز. وجاء في تصريح صحافي أدلى به، الاثنين، أن "تقديم النرويج هذه الفرصة لنا إنجاز بحد ذاته". وتابع، "نحن واثقون من أن هذه الاجتماعات ستُفضي إلى توفير الدعم للقطاعات الإنسانية والصحية والتعليمية في أفغانستان".
وتدهور الوضع الإنساني في أفغانستان بدرجة كبيرة منذ أغسطس (آب)، عندما عادت الحركة إلى السلطة بعد 20 عاماً على إطاحتها.
الأزمة الإنسانية
وتوقفت المساعدات الدولية، ما فاقم معاناة ملايين السكان الذين كانوا في الأساس يعانون الجوع عقب موجات جفاف متتالية.
وجاء في تغريدة، الأحد، للمبعوث الأميركي الخاص، توماس ويست، "في موازاة البحث مع حلفائنا وشركائنا والمنظمات الإنسانية في سبل حل الأزمة الإنسانية، سنواصل اعتماد دبلوماسية قائمة على النظر إلى الأمور بلا أي أوهام مع "طالبان" في ما يتعلق بمخاوفنا، وبما تقتضيه مصلحتنا بأن تكون أفغانستان مستقرة، وتحترم حقوق الإنسان، وجامعة لكل الأطراف المحليين".
ولم تعترف أي دولة بعد بحكومة "طالبان"، لكن الحركة تأمل في أن تسهم هذه الاجتماعات في إضفاء شرعية على حكومتها.
وشددت وزيرة الخارجية النروجية أنيكين هويتفيلدت، الجمعة، على أن المحادثات "لن تمثل شرعنة لـ"طالبان" أو اعترافاً بها". وأضافت، "لكن علينا التحدث مع السلطات التي تدير البلاد بحكم الأمر الواقع. لا يمكننا أن نسمح للوضع السياسي بأن يؤدي إلى كارثة إنسانية أسوأ".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في الأثناء، أعربت "طالبان" عن أملها في أن تسهم المحادثات في "تحويل أجواء الحرب إلى وضع يسوده السلام"، وفق ما قال الناطق باسم حكومتها ذبيح الله مجاهد لوكالة الصحافة الفرنسية، السبت.
ومنذ أغسطس، تم تعليق المساعدات الدولية التي كانت تمول نحو 80 في المئة من ميزانية أفغانستان، فيما جمّدت الولايات المتحدة أصولاً بقيمة 9,5 مليار دولار في المصرف المركزي الأفغاني.
في الأثناء، قفزت معدلات البطالة، ولم تُدفع رواتب الموظفين في القطاع الحكومي منذ أشهر.
واليوم، يهدد شبح الجوع 23 مليون أفغاني، أي ما يعادل 55 في المئة من السكان، وفق بيانات الأمم المتحدة، التي تشير إلى أنها تحتاج إلى 4,4 مليار دولار من الدول المانحة هذه السنة للتعامل مع الأزمة الإنسانية.
أكثر اعتدالاً
وما زال المجتمع الدولي بانتظار معرفة كيف تنوي حكم أفغانستان، بعد أن ضربت بمسألة حقوق الإنسان عرض الحائط إلى حد بعيد خلال ولايتهم الأولى بين 1996 و2001.
وتصر "طالبان" على أنها باتت أكثر اعتدالاً، لكن النساء ما زلن محرومات إلى حد كبير من العمل في القطاع العام، فيما بقيت المدارس الثانوية بمعظمها مغلقة أمام الفتيات.
واختفت ناشطتان هذا الأسبوع بعد اعتقالهما من منزليهما في كابول عقب مشاركتهما في تظاهرة.
والأحد، اليوم الأول من زيارة وفد "طالبان" إلى أوسلو التي تستمر ثلاثة أيام، التقى ممثلو الحركة شخصيات من المجتمع المدني الأفغاني، بما في ذلك ناشطات وصحافيون، لمناقشة مسألة حقوق الإنسان.
وقالت الناشطة المدافعة عن حقوق النساء التي كانت بين المشاركين في الاجتماعات جميلة أفغاني، "كان اجتماعاً إيجابياً لكسر الجليد". وأكدت أن ممثلي "طالبان" "أظهروا حُسن نية (...)، سنرى إذا كانت أفعالهم ستتطابق مع أقوالهم".
في الأثناء، شدد ذبيح الله مجاهد في تغريدة على أن على "جميع الأفغان أن يتعاونوا من أجل تحقيق نتائج سياسية واقتصادية وأمنية أفضل". ولفت إلى أن "المشاركين أدركوا أن لا حل غير التفاهم والتعاون المشترك".
ووصل أعضاء الوفد الذي ضم 15 شخصية جميعهم ذكور، السبت، على متن طائرة استأجرتها الحكومة النرويجية.
وكان من بينهم أنس حقاني، زعيم "شبكة حقاني"، الفصيل الأكثر عنفاً في حركة "طالبان"، والمسؤول عن بعض أسوأ الهجمات التي شهدتها أفغانستان. وقوبلت مشاركته بانتقادات واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وذكرت وسائل علام نروجية أن نرويجياً من أصل أفغاني تقدم بشكوى إلى الشرطة في أوسلو اتهم فيها حقاني بارتكاب جرائم حرب.