أعلن حزب رئيس بوركينا فاسو روك مارك كريستيان كابوري، الأربعاء 26 يناير (كانون الثاني)، أن زعيمه "في عهدة الجيش" و"بصحة جيدة"، وذلك بعد يومين على انقلاب عسكري أطاحه، ودانه بشدة المجتمع الدولي.
وتعقد المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" الجمعة "قمة طارئة" للبحث في التطورات التي تشهدها بوركينا فاسو منذ الانقلاب، في اجتماع يمكن أن يتقرر خلاله فرض عقوبات على العسكريين.
وبقي مصير كابوري مجهولاً لساعات طويلة الاثنين مع ورود معلومات متضاربة، إذ أفيد أحياناً بتوقيفه وأحياناً أخرى بتهريبه وحتى عن "تعرّضه لمحاولة اغتيال".
والأربعاء، قال أحد كوادر حزبه "الحركة الشعبية من أجل التقدم"، إن كابوري "في عهدة الجيش"، مشيراً إلى أنه موضوع "قيد الإقامة الجبرية في فيلا رئاسية".
وأشار المصدر إلى ورود أنباء مطمئنة تفيد بأن الرئيس المخلوع "بوضع جيد جسدياً" وهناك "طبيب تحت تصرّفه".
وتؤكد هذه التصريحات ما كان قد أعلنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء، حينما أكد أن كابوري "بصحة جيدة وليس مهدّداً".
لا خيار
وقبيل الإعلان عن الانقلاب، كانت "الحركة الشعبية من أجل التقدم" قد نددت بـ"عملية اغتيال فاشلة" تعرّض لها رئيس البلاد.
وأشار المصدر الحزبي إلى أن كابوري "لم يتم توقيفه في الساعات الأولى" من تمرّد العسكريين.
وقال المصدر إن "الحاشية القريبة" من كابوري حاولت في بادئ الأمر "تهريبه في سيارة عادية إلى مكان آمن" حين كان منزله الخاص "محاصراً بالمتمردين". وتابع "لكن لاحقاً، وتحت وطأة ضغط المتمردين تراجعت حاشيته وخصوصاً حراسه" وأصبح في عهدة الانقلابيين "وانضمّوا إليهم".
وشدّد المصدر على أن "عناصر الدرك لم يكن لديهم من خيار سوى الانضمام (إلى المتمردين) لأن الجيش بأسره كان موافقاً على إطاحة الرئيس من منصبه".
والسلطة في بوركينا فاسو منذ عصر الاثنين بيد "الحركة الوطنية للحماية والاستعادة" بقيادة الليفتنانت-كولونيل بول هنري سانداوغو داميبا، قائد المنطقة العسكرية الثالثة التي تغطي المنطقة الشرقية، وهي واحدة من أكثر المناطق تضرّراً بهجمات المتطرفين.
محاربة المتطرفين
وكابوري الذي تولّى السلطة في عام 2015 وأعيد انتخابه في 2020 على خلفية تعهّده إعطاء الأولوية لمكافحة الجماعات المتطرفة، بات موضع احتجاجات شعبية متزايدة بسبب أعمال العنف الإرهابية وعجزه عن مواجهتها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعلنت "الحركة الوطنية للحماية والاستعادة" حلّ عدد من مؤسسات الدولة وتعليق عمل أخرى، وإغلاق المجال الجوي والحدود البرية.
وظهر الثلاثاء، أعلن المجلس العسكري إعادة فتح المجال الجوي. أما الحدود البرية فقد أعيد فتحها حصراً أمام سيارات تنقل مساعدات إنسانية وشاحنات "تنقل مواد غذائية أساسية" أو "معدات لقوات الدفاع والأمن". وتعدّ الخطوة مؤشراً على ما يبدو إلى أن المجلس العسكري لا يخشى "انقلاباً مضاداً" وأنه يسيطر على مختلف وحدات الجيش.
وأفاد مصدر عسكري باعتقال رئيس الوزراء لاسينا زيربو الذي كان كابوري قد عيّنه في ديسمبر (كانون الأول).
إدانات دولية
ودان المجتمع الدولي بشدة الانقلاب في بوركينا فاسو الذي جاء في أعقاب انقلابين في مالي وغينيا، وطالب بـ"الإفراج الفوري عن الرئيس المخلوع".
والأربعاء، حذر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من "تداعيات فورية على شراكتنا مع البلاد" في حال لم يعمد الانقلابيون إلى "إعادة إرساء النظام الدستوري".
وصدرت إدانات من الغالبية الساحقة للدول الغربية ومن دول غرب أفريقيا المجاورة لبوركينا فاسو، ومن الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة.
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن "الانقلابات العسكرية غير مقبولة"، مطالباً العسكريين في أفريقيا الغربية بـ"الدفاع عن بلدانهم وليس مهاجمة حكوماتهم".
روسيا تغرد خارج السرب
وجاءت التغريدة الوحيدة من خارج السرب من موسكو، حيث اعتبر رجل الأعمال يفغيني بريغوجين أن الانقلاب يشكّل مؤشراً إلى "حقبة جديدة من إنهاء الاستعمار" في أفريقيا.
وبريغوجين من المقرّبين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويشتبه بأنه على صلة بمجموعة "فاغنر" شبه العسكرية الموجودة في دول أفريقية عدة.
ومنذ الانقلاب، لم يصدر أي موقف عن حزب "المؤتمر من أجل الديمقراطية والتقدّم"، أبرز أحزاب المعارضة، المقرب من الرئيس الأسبق بليز كومباوري الذي أطيح من الحكم في عام 2014.
واقتصرت إدانة الانقلاب على بضعة أحزاب صغيرة باستثناء حزب يلي مونيك كام، المرأة الوحيدة التي ترشّحت للانتخابات الرئاسية في عام 2020 التي فاز فيها كابوري بولاية ثانية. وقد أعلنت تأييدها "الكامل" للمجلس العسكري.
وعلى غرار مالي والنيجر، تشهد بوركينا فاسو منذ عام 2015 دوامة عنف تنسب إلى جماعات مسلّحة موالية لتنظيمي "القاعدة" و"داعش". وقتل نحو 2000 شخص فيما أجبر عنف المتطرفين نحو 1.5 مليون شخص على الفرار من منازلهم في السنوات الأخيرة.