في غضون أسبوع، هاجمت جماعة الحوثي دولة الإمارات العربية المتحدة، وأطلقت ثلاثة صواريخ "كروز" على منطقة "مصفح آيكاد 3" بالقرب من خزانات أدنوك ومنطقة الإنشاءات الجديدة في مطار أبو ظبي الدولي بتاريخ 17 يناير (كانون الثاني) 2022، والذي أدى إلى انفجار 3 صهاريج نقل محروقات بترولية، وأسفر عن وفاة ثلاثة أشخاص، وإصابة ستة من المدنيين، كما هددت الجماعة بتصعيد هجماتها على الإمارات، بعد اعتراض صاروخين باليستيين وإسقاطهما فوق أبو ظبى.
وتثير الهجمات الحوثية على الإمارات التساؤل حول تحول الحوثيين ليكونوا تحدياً للانتشار يتجاوز الحرب في اليمن، ووكيلاً إقليمياً ضمن الأجندة الإيرانية، مستنسخين نموذج "حزب الله" اللبناني، وتكون الجماعة "حزب الله" الجنوبي على البحر الأحمر.
الهجمات على أبو ظبي ليست الأولى ضمن هجمات الحوثيين على أهداف خليجية، فقد استهدفوا أهدافاً مدنية وحيوية عدة داخل المملكة العربية السعودية، ومع ذلك يبدو أخيراً أن الجماعة تعمل على إعادة تموضعها في الإقليم لتمثل تحدياً جديداً في المنطقة يتجاوز اليمن، بما يحمل تساؤلات حول هذه التداعيات ومدى نجاعة سياسة إدارة جو بايدن تجاه الحوثيين.
اعتاد الحوثيون الهجمات الصاروخية والطائرات من دون طيار، وبالنظر إلى عدد الهجمات التي تم شنّها في السنوات الأخيرة باستخدام كل هذه الأنظمة، من الواضح أن إيران والحوثيين طوّرتا صناعة عسكرية صغيرة في صنعاء. ومع جرأة الحوثيين على شنّ هجمات على أكثر من دولة خليجية استناداً إلى ترسانة متزايدة من الصواريخ الباليستية وصواريخ "كروز" والطائرات من دون طيار، بات هناك تهديد لقناة السويس ومضيق باب المندب ودول الخليج ودول البحر الأحمر، كما لا يمكن إغفال استنفار إسرائيل الحريصة على حرية الملاحة البحرية لسفنها. وتتحسب إسرائيل، كون التطورات الاستراتيجية في المنطقة، مثل تكثيف الضغط من إيران، أو حدوث تحول في الديناميكيات اليمنية، قد تجعل هجوم الحوثيين على إسرائيل أكثر احتمالية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى الرغم من التخوف الحوثي من عقبات شنّ هجمات على إسرائيل، فإن ذلك لم يمنعهم من محاولة إثبات التزامهم بالقضية الفلسطينية، فقد سبق وهددوا بضرب إسرائيل. وفي عام 2019، زعم وزير الدفاع الحوثي محمد ناصر العاطفي في مقابلة أن قواته تمتلك بنكاً من الأهداف العسكرية الإسرائيلية. وقال "لن نتردد في ضرب إسرائيل متى قررت القيادة".
الأزمات الإقليمية متشابكة، ما لم تحل خلال التفاوض مع إيران والضغط عليها، فإن تكثيف الاحتكاك بين إسرائيل وإيران، والذي يمكن أن يحدث في عدة مناطق مثل لبنان أو سوريا أو العراق أو المجال النووي الإيراني. وستستمر إيران في سعيها لتحسين قدرات الحوثيين من خلال تزويد الجماعة بأسلحة متطورة وزيادة الدعم المالي والاستخباراتي والسياسي، وحتى تسهيل أنشطتهم ضد إسرائيل ودول الخليج.
مرة أخرى، فإن امتلاك الحوثيين لصواريخ "كروز" طويلة المدى وطائرات من دون طيار هجومية وصواريخ باليستية وصواريخ مضادة للسفن، يزيد من احتمال قيام الحوثيين بمهاجمة السفن في ممرات النقل البحري على طول مضيق باب المندب أو البحر الأحمر أو خليج عدن.
وهو ما يعد تهديداً ومصدر قلق أخيراً لعدد من دول الشرق الأوسط. للحوثيين قدرة على توجيه تهديد ضد حركة الملاحة البحرية في المنطقة وتعطيل تدفق البضائع عبر قناة السويس، وقطع إمدادات النفط العالمية ورفع أقساط التأمين البحري. كما يمكن أن يسعوا إلى جعل التجارة البحرية الإقليمية رهينة أمام المجتمع الدولي والضغط على إسرائيل في شأن قضايا سياسية محددة أو للتأثير على دول الخليج العربي، أو جعل نفسها قوة مؤثرة في البحر الأحمر.
إن الهجمات الأخيرة على أبو ظبي، والتي تضاف إلى سابقاتها على السعودية، تحمل دلالتين، الأولى أن إيران، من خلال وكلائها في الشرق الأوسط، ليس لديها أي نية للتراجع عن طموحها في الهيمنة الإقليمية عبر توظيف الأحداث في دول مثل في سوريا أو لبنان أو العراق أو اليمن. والدلالة الثانية أن الهجوم يعبر عن إحباط الحوثيين المتزايد من جهودهم الفاشلة على مدار العامين الماضيين للسيطرة على مدينة مأرب.
كان لإدارة بايدن حين أزالت الحوثيين من قائمة إرهاب وزارة الخارجية الأميركية في فبراير (شباط) 2021، أسوأ التأثيرات، والتي شكلت موقفاً أميركياً ضعيفاً وتراجعاً في قوة الردع الأميركية ليس أمام إيران فقط، بل حتى وكلائها الإقليميين، لذا لا بد من عودة قوة الردع المتمثلة في الرد على أي تهديدات للمصالح الأميركية في المنطقة ومصالح حلفائها، والتي تمتد حتى إلى تهديد الشحن والملاحة الدولية وتدفق الطاقة.