رأى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الجمعة، أن اندلاع نزاع بين روسيا وأوكرانيا "ليس أمراً حتمياً".
وقال أوستن في مؤتمر صحافي في واشنطن، "لا يزال هناك وقت ومكان للدبلوماسية... ليس هناك أي مبرر" ليُفضي هذا الوضع بالضرورة إلى نزاع. وأضاف، "يستطيع السيد بوتين أيضاً أن يفعل ما ينبغي القيام به"، في إشارة إلى الرئيس الروسي الذي ينفي أي نية لديه لاجتياح أوكرانيا، مع تأكيده أن بلاده مهددة بتوسع محتمل لحلف شمال الأطلسي وبالدعم الغربي لكييف.
في المقابل، حذر رئيس الأركان الأميركي الجنرال مارك ميلي، في وقت لاحق من الجمعة، من أنه إذا شنت روسيا هجوماً عسكرياً واسع النطاق على جارتها أوكرانيا، فإن التكلفة البشرية لمثل هذا ستكون "مروعة".
وقال الجنرال ميلي خلال مؤتمر صحافي، "يمكنكم أن تتخيلوا كيف سيكون الأمر في المناطق الحضرية المكتظة"، مؤكداً أن هجوماً كهذا سيؤدي إلى "عدد كبير من الضحايا".
بوتين - ماكرون
وفي وقت سابق، توافق الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، على "ضرورة نزع فتيل التصعيد"، ومواصلة "الحوار" في الأزمة الأوكرانية، بحسب ما أعلن الإليزيه.
لا عدوانية لدى بوتين
وقالت الرئاسة الفرنسية، إنّ الاتصال الهاتفي بين الرئيسين، الذي استمر أكثر من ساعة، "أتاح التفاهم على ضرورة نزع فتيل التصعيد". مضيفة أن "الرئيس بوتين لم يبد أي نية عدوانية. لقد قال بوضوح إنه لا يسعى إلى المواجهة".
وبالنسبة إلى الأمن الاستراتيجي في أوروبا، توافق الرئيسان أيضاً "على مواصلة الحوار، الذي يستدعي أن يكون الأوروبيون طرفاً معنياً فيه"، الذي يعني الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في الدرجة الأولى.
وحول النزاع في شرق أوكرانيا، حيث يواجه انفصاليون موالون لروسيا كييف منذ 2014، شدد بوتين على الآلية الموجودة أصلاً للمفاوضات (النورماندي)، التي تجمع روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا، وتهدف إلى تنفيذ اتفاقات مينسك للسلام 2015، بحسب بيان للكرملين.
وأضاف الإليزيه أن بوتين "آمل أيضاً أن يواصل مع الرئيس ماكرون النقاش الذي بدأ اليوم". موضحاً أن "الحوار صعب"، لكن "قنوات النقاش مفتوحة".
زيلينسكي مطمئن
ويتشاور ماكرون أيضاً عصر الجمعة مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. الذي قال اليوم، إن التوتر مع روسيا "لا يشهد تصعيداً في الوقت الراهن"، لكنه "لم يستبعد حدوث تطورات من هذا النوع في مرحلة لاحقة".
وأضاف زيلينسكي، في مؤتمر صحافي مع وسائل الإعلام العالمية، "لسنا بحاجة إلى الفزع".
وتابعت الرئاسة الفرنسية، أنه "سيبلغه هذا المساء التزامنا سيادة أوكرانيا، وتضامننا في هذه المرحلة من التوترات، والتزامنا مواصلة المفاوضات بهدف إيجاد مسار لتنفيذ اتفاقات مينسك".
وجاء في تقرير للكرملين حول مضمون المكالمة بين الرئيسين أن بوتين قال لماكرون إن الغرب "تجاهل مطالب موسكو الأمنية من أجل خفض التوتر بين الجانبين، حول مسألتي أوكرانيا والحلف الأطلسي". وأن "أجوبة الولايات المتحدة والحلف الأطلسي لم تأخذ في الاعتبار مخاوف روسيا الجوهرية".
وتابعت الرئاسة الروسية، "جرى تجاهل المسألة الأساسية، وهي كيف تعتزم الولايات المتحدة وحلفاؤها تطبيق المبدأ القائل بأنه يجب ألا يعزز أي طرف أمنه على حساب دول أخرى". وذكر الكرملين أن روسيا "ستحدد ردها المقبل" بعد أن تدرس بالتفصيل رد خصومها.
طريق الدبلوماسية
وبعد الدعوة الأميركية للعودة إلى طاولة المفاوضات والامتناع عن غزو أوكرانيا. قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن بلاده "تريد المسار الدبلوماسي لا الحرب".
وأضاف لافروف، في مقابلة أذيعت على محطات إذاعية وتلفزيونية روسية عدة، "لقد اخترنا طريق الدبلوماسية منذ عقود عديدة، علينا أن نعمل مع الجميع، هذا هو مبدأنا". وأضاف "إذا ترك الأمر لروسيا، لن تكون هناك حرب. نحن لا نريد الحرب. لكننا لن نسمح أيضاً بأن يُستخف بصلافة بمصالحنا، أو بتجاهلها".
ولفت لافروف إلى أنه وجد "بعض العقلانية" في الرد الغربي، "بشأن مسائل ذات أهمية ثانوية".
"الأطلسي" يراقب
وفي شأن الحرب والتوترات العسكرية، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، الجمعة، إن الحلف مستعد لتعزيز قواته في أوروبا الشرقية. مضيفاً أن الحلف يراقب الوضع من كثب، مع قيام روسيا بتحريك جنود وأسلحة إلى روسيا البيضاء.
وقال ستولتنبرغ، على الإنترنت من بروكسل في نقاش ينظمه مركز أبحاث في واشنطن، إن روسيا تنشر آلافاً من القوات المقاتلة وطائرات ونظم أسلحة من طراز "أس 400" في روسيا البيضاء.
وأضاف، "من جانب حلف شمال الأطلسي نحن مستعدون للانخراط في حوار سياسي. لكننا مستعدون أيضاً للرد إذا اختارت روسيا مواجهة عبر صراع مسلح". وتابع "لا نعتزم نشر قوات مقاتلة في أوكرانيا".
مساعدة اقتصادية أميركية
وأميركياً، كرر الرئيس الأميركي جو بايدن التأكيد لنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الخميس، أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيردون "بحزم" في حال حدوث غزو روسي لأوكرانيا، متحدثاً أيضاً عن مساعدة اقتصادية إضافية لهذا البلد، وفق ما أعلن البيت الأبيض في بيان.
وأشارت الرئاسة الأميركية إلى أن بايدن يدرس تقديم "مساعدة اقتصادية إضافية" لأوكرانيا.
وأكدت الولايات المتحدة في وقتٍ سابق استعدادها لفرض عقوبات اقتصادية شديدة في حال حصول غزو روسي لأوكرانيا، كما أنها سلمت كييف معدات عسكرية.
وقالت واشنطن أيضاً، إنها مستعدة لتعزيز وجودها العسكري في أوروبا الشرقية إذا لزم الأمر. لكن التدخل العسكري الأميركي في أوكرانيا التي ليست عضواً في حلف شمال الأطلسي، يبقى أمراً مستبعداً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
جبهة غربية موحدة
وطمأن بايدن نظيره الأوكراني، خلال اتصال هاتفي، إلى أن السفارة الأميركية في أوكرانيا ستبقى "مفتوحة وتعمل بكامل طاقتها"، رغم قرار واشنطن الأخير إعادة عائلات موظفيها الدبلوماسيين، وهو قرار انتقدته كييف، معتبرةً إياه غير متناسب.
وجدد الزعيمان، خلال الاتصال، التشديد على أنه في هذه الأزمة لن يكون هناك "قرار في شأن أوكرانيا من دون أوكرانيا".
وكان البيت الأبيض قال في وقتٍ سابق، إن هذا الاتصال هو الثالث بين الرجلين منذ ديسمبر (كانون الأول). كما أعرب بايدن عن دعمه المحادثات التي تجري في إطار صيغة "النورماندي" بين روسيا وأوكرانيا، بوساطة فرنسا وألمانيا.
ومن المقرر عقد الجولة المقبلة من هذه المحادثات في الأسبوع الثاني من فبراير (شباط) في برلين.
ويقود بايدن محاولات لبناء جبهة غربية موحدة في وجه ضغوط عسكرية روسية على أوكرانيا التي أغضبت موسكو بسعيها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
وإن كانت كييف حصلت رسمياً على دعم واشنطن في مواجهة موسكو، فإن العلاقة بين أوكرانيا والولايات المتحدة شهدت بعض الاحتكاك في الآونة الأخيرة. فقد انتقد الأوكرانيون قرار الأميركيين إعادة عائلات الدبلوماسيين في أوكرانيا، ورأوا فيه مغالاة من جانب واشنطن.
وذكرت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي في وقت سابق بأن الولايات المتحدة تعتبر أن هجوماً روسياً على أوكرانيا محتمل "في أي وقت". وانتقد مسؤولون أوروبيون آخرون، ما اعتبروه تهويلاً للوضع من جانب الولايات المتحدة.
وحضت الولايات المتحدة، الخميس، الصين على استخدام نفوذها لدى روسيا لثنيها عن غزو لأوكرانيا.
وقالت نائبة مساعد وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند للصحافيين "ندعو بكين لاستخدام نفوذها لدى موسكو للحض على الدبلوماسية لأنه إذا حصل نزاع في أوكرانيا، لن يكون الأمر جيداً للصين كذلك".
وأعربت الولايات المتحدة عن ثقتها في أن خط الغاز نورد ستريم 2 المثير للجدل والذي يربط بين روسيا وألمانيا لن يدخل الخدمة في حال غزت موسكو أوكرانيا.
وقالت نائبة مساعد وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند للصحافيين "نحن نواصل نقاشاتنا القوية جداً والواضحة جداً مع حلفائنا الألمان، وأود أن أكون واضحة معكم: إذا غزت روسيا أوكرانيا فبطريقة أو بأخرى لن يمضي نورد ستريم 2 قدماً".
مجلس الأمن
وأعلنت الولايات المتحدة، الخميس، في بيان أنها طلبت عقد جلسة علنية، الإثنين، لمجلس الأمن الدولي حول الأزمة في أوكرانيا، بسبب التهديد الذي تُشكله روسيا على الأمن والسلم الدوليين.
وقالت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد في البيان، إن "أكثر من مئة ألف عسكري روسي منتشرون على الحدود الأوكرانية، وروسيا تُمارس أنشطة أخرى مزعزعة للاستقرار تستهدف أوكرانيا، ما يُشكل تهديداً واضحاً للأمن والسلم الدوليين ولميثاق الأمم المتحدة".
وأضافت "في وقتٍ نواصل سعينا الدبلوماسي الحثيث لنزع فتيل التوترات في مواجهة هذا التهديد الخطر للسلم والأمن الأوروبي والعالمي... يجب على أعضاء مجلس الأمن أن ينظروا في الوقائع بلا مواربة".
في بادئ الأمر، كانت الولايات المتحدة تأمل في أن تتمكن من عقد اجتماع لمجلس الأمن، الجمعة، وفق دبلوماسيين. لكنها وافقت، بحسب هذه المصادر، على تأجيله إلى الإثنين حتى لا يتزامن مع اجتماع هاتفي مقرر، الجمعة، بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والروسي فلاديمير بوتين.
وسيكون الإثنين آخر أيام رئاسة النرويج للمجلس، على أن تُسلم، الثلاثاء، المهمة إلى روسيا لشهر فبراير (شباط). وأشار دبلوماسي إلى أن طلب عقد اجتماع الشهر المقبل، في ظل الرئاسة الروسية للمجلس، كان سيشكل أمراً أكثر تعقيداً بالنسبة للولايات المتحدة.
وكانت واشنطن لمحت في منتصف يناير (كانون الثاني) إلى أنها لا تنوي اللجوء إلى مجلس الأمن إلا بعد حصول تدخل عسكري محتمل في أوكرانيا، مثلما حصل في حالة شبه جزيرة القرم.
لكن السفيرة غرينفيلد قالت في بيانها، الخميس، "الآن ليس وقت الانتظار والترقب. الاهتمام الكامل من جانب المجلس أمر مطلوب الآن".