لقد انطلقت السنة الجديدة 2022 بشكل جيد، لأن (الرئيس السابق) دونالد ترمب ألغى مؤتمره الصحافي الذي كان من المقرر أن يعقده في الذكرى الأولى لعملية اقتحام الكونغرس في 6 يناير (كانون الثاني) من العام الماضي. من دون شك، كان يتوقع أن تنقل كل القنوات الإخبارية والمحطات المتاحة عبر البث التدفقي الأميركية الحدث على الهواء مباشرة، لأنه ما الفائدة من وضعها حداً لانتشار المعلومات الكاذبة في وقت يمكنها خلاله جمع الكثير من الأموال عبر تخصيص وقت لدعايات أدوية تحسين القدرات الجنسية للمعلنين مثل شركة "فياغرا" Viagra advertisers؟، أكيد أنهم يندبون حظهم على إضاعة فرصة جني الكثير من الأموال اليوم فيما نحن بصدد رثاء خسارتنا إلى حد ما الديمقراطية.
بعد أن خبرنا أربع سنوات من عهد ترمب الرئاسي نحن نعرف عنه أنه شخص متهور ومندفع، لذلك لم يكن مفاجئاً قراره في النهاية إلغاء مؤتمره الصحافي. لكن ذلك يدفعنا إلى التساؤل: لماذا قام بإلغائه؟ فعيون العالم كانت مركزة عليه ــ ومعروف عنه أنه رجل لا يخجل من الأضواء عادة.
ربما ألغى الرئيس السابق المؤتمر الصحافي لأن دونالد الابن Don Jr حجز منتجع مارا لاغو Mar-A-Lago للاحتفال لمناسبة خطوبته على كيمبرلي غيلفويل Kimberly Guilfoyle. لا حاجة لاستخدام منتجعك الخاص ذي الواجهة المطلة على البحر من أجل مناسبة ترويجية عندما تكون الفرصة سانحة لك بتأجيره لابنك، ويمكنك بالتالي تمويل تكاليف فريق الدفاع عنك، وللصدفة فإن تاريخ السادس من يناير هو أيضاً عيد ميلاد ابنه إيريك ترمب.
لكن فكرة أن يقوم والد إيريك بإلغاء مؤتمره الصحافي من أجل قضاء اليوم برفقة ابنه الذي لطالما أهمله، هو بمثابة مثال واضح على الأخبار الكاذبة. خصوصاً أن إيريك وعلى ما يبدو كان قد رفض طلباً من والده بتغيير اسمه الأول ليحمل اسم دونالد وكذلك تغيير عيد ميلاده إلى الـ14 من يونيو (حزيران) 1946، كي يصبح هو المستهدف من القضية القانونية المرفوعة من قبل شرطة مقر الكونغرس ضد الرئيس السابق. (إيريك ترمب واجه والده معتبراً الأمر بأنه غش، لكن والده أصر على الأمر مؤكداً أن ذلك التصرف هو بمثابة القيام بصفقة أعمال).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
السيناتور الجمهوري ليندسي غراهامSenator Lindsey Graham يروج أن الفضل يعود إليه في إقناع ترمب بإلغاء المؤتمر الصحافي خلال جولة من لعبة الغولف جرت بينهما خلال عطلة نهاية الأسبوع. لكن وفي بيان صدر عنه، قال الرئيس السابق إن "اللجنة غير الخاصة [غير المنتخبة] المكونة من الديمقراطيين، Unselect Committee of Democrats واثنين فاشلين من الحزب الجمهوري، بالإضافة إلى (وسائل الإعلام الكاذبة) قد أجبروه على تأجيل موعد تجمعه الانتخابي إلى الــ15 من يناير". أنت تعلم أنه لم يبقَ لغراهام أي شيء يكسبه بعدما آثر الإعلان أن الفضل يعود إليه في بيان نشر على وسائل التواصل مفاده أن "وسائل الإعلام التقليدية الفاشلة LameStream media لن تقوم بنشر الوقائع"، لكنني أتصور أن غراهام يحاول هذه الأيام الاستفادة من كل ما يمكن أن يعود عليه بالمنفعة.
على الرغم من ادعاءات غراهام، تقول شائعات إن ترمب قد ألغى المؤتمر الصحافي عندما علم أنه سيتحتم عليه منافسة الرئيس جو بايدن ونائبة الرئيس كمالا هاريس اللذين كان مبرمجاً لهما أن يلقيا كلمة في المناسبة في التوقيت نفسه. لكن ومن حظنا أن معبود الجماهير ذا الشعر الأشقر ونجم تيار اليمين أصبح مضمون كلماته مادة متوقعة، وكان يمكننا أن نتخيل [نتوقع] ما سينطق به في الخامس عشر من الشهر.
فترمب قد يستخدم المناسبة لتقديم السيناتور السابق ديفين نونيس، الرئيس التنفيذي الجديد لمجموعة ترمب للإعلام والتكنولوجيا، ولن يقول أكثر مما اعتدنا عليه في صولاته مثل (الادعاء) بأن الانتخابات قد سرقت منه، وأن الأخبار الكاذبة (منتشرة)، وأن المشاغبين في مبنى الكابيتول كانوا سياحاً أبرياء، والتأكيد أن كريس وأندرو كومو هما فاشيان لأنهما من أحفاد (الزعيم الإيطالي) موسوليني. ولأن ما تريده أميركا تحديداً هو خدمة بث إعلامية جديدة حالياً، وأن ديفين نونس Devin Nunes سيشرف على إطلاق باقة جذابة من البرامج الجديدة. ويمكننا أن نتخيل نوع المضمون الذي ستبثه المؤسسة الجديدة مثل برامج: "عاشقو الحريات" Liberty Lovers وهو عبارة عن برنامج وثائقي متسلسل يعرض سيرة رجال يصرون على أن التعديل الأول في الدستور الأميركي يتضمن التأكيد على الحق بالاعتداء جنسياً على أي كان طالما أن [الجاني] كان يتمتع بالشهرة، أو ربما برنامج بعنوان "الحريات الأميركية" America’s Got Freedom وهو شبيه بالبرنامج على قناة "أن بي سي" NBC" مواهب الأميركيين America’s Got Talent، لكن سيعكف المتنافسون في البرنامج على إهانة زوجة السيناتور تيد كروز وإهانة السيناتور الراحل جون ماكين أمام لجنة من الحكام. ويمكنني أيضاً أن أراهن أننا سنرى برنامجاً يشبه برنامج "مشروع 1619 الذي تم فضحه" 1619 Project Debunked، ووثائقياً يقوده (الضابط الأميركي الرفيع) أوليفر نورث يدعي أن العبودية لم تكن عنصرية، لأن البيض لا يزالون حتى اليوم مستعبدين (نقطة للتوضيح ضرورية هنا: ترمب يملك حتى اليوم كلاً من غراهام ليندسي وتيد كروز).
وعلى جاري عادة النصابين، أتخيل أن ترمب سيقوم بالادعاء في تجمع أريزونا أن مدينة الترفيه منحازة ليبرالياً، ليبرر إطلاقه مشروعاً رديفاً هو مدينة فلوريدا للألعاب الترفيهية ويطلق عليها اسم "عالم اجعلوا أميركا عظيمة من جديد" MAGAworld. إذاً اربطوا الأحزمة استعداداً لألعاب جذابة مثل "السعي للحرية" Freedom-quest (وهو عبارة عن لعبة الرماية على الأطباق ولكن بدلاً من استخدام الأطباق الطينية سيطلق المشاركون النار على لقاحات كوفيد) ولعبة أخرى بعنوان "إنه عالم كبير" (شبيه بلعبة "إنه عالم صغير"It’s A Small World في عالم ديزني، لكن الركاب المتزحلقين يمكنهم اختيار البلد المقبل حيث من المتوقع أن يختفي فيه تيد كروز).
من الواضح أن الديمقراطية في الولايات المتحدة الأميركية تواجه خطر الزوال حقيقة، فيما يبدو الأميركيون غير مدركين أن بلدهم ينزلق نحو الاستبداد. ولكن من سيعير ذلك أي اهتمام وهناك الكثير لإمتاع الجميع؟!
© The Independent