كشف الإعلان عن مقتل 27 مهرباً للمخدرات على الحدود الأردنية مع سوريا، في أكبر عملية ينفذها الجيش الأردني منذ عام 2011، عن أزمة تحت الرماد، واتهامات وتحذيرات مبطنة من عمّان لدمشق بالضلوع رسمياً في عمليات تهريب المخدرات المتلاحقة، والتقصير في مواجهة ميليشيات مدعومة من جهات نافذة تقوم بهذه العمليات.
وتتقاطع الاتهامات الأردنية مع تقرير لصحيفة "لوموند" الفرنسية وصف رئيس النظام السوري بشار الأسد، بأنه يتزعم تجارة المخدرات في بلاده والشرق الأوسط.
وبدا خلال الساعات الماضية، أن عمّان غاضبة ومستعدة لدفع أي تكلفة لحماية أمنها، إذ تصدّرت وسائل الإعلام المحلية ووسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة لحرس الحدود الأردني أثناء اشتباك مع مهربين، ويتصدى لهم بعنف.
تغيير قواعد الاشتباك
وأعلن الجيش الأردني، الخميس 27 يناير (كانون الثاني)، قتل 27 مهرباً للمخدرات، في أوسع عملية أمنية على الحدود مع سوريا، منذ بدء الأزمة لدى الجارة الشمالية للمملكة.
وأدى تغيير قواعد الاشتباك التي أعلنت عنها قيادة الجيش الأردني، إلى ارتفاع عدد القتلى في الجانب السوري، بموازاة إصرار كبير من قبل المهربين على اختراق الحدود الأردنية، ما يوحي بأن القوات الأردنية دخلت العمق السوري ونفذت عملياتها داخل الأراضي السورية.
وأكد رئيس هيئة الأركان المشتركة، اللواء الركن يوسف الحنيطي، أن القوات المسلحة مستمرة في منع هذه العمليات وبالقوة، من خلال تطبيق منظومة قواعد الاشتباك الجديدة، بهدف الحفاظ على أمن الأردن واستقراره وسلامة مواطنيه.
"إن لم تتصرفوا فسنحمي حدودنا"
وكان مصدر رسمي قد كشف في تصريحات لوسائل إعلام محلية عن أن الأردن حذر سوريا بشأن التهريب، ووجّه لها رسالة رسمية مفادها "إن لم تتصرفوا فسنحمي حدودنا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق المصدر، فإن قوات حرس الحدود الأردنية تُواجه تحديات أمنية نوعية مرتبطة بغياب جيش نظامي، ووجود جماعات إرهابية على الأرض السورية، لافتاً إلى أن القوات الأردنية تواجه بشكل يومي مهربي المخدرات والأسلحة من الجنوب السوري.
وتشير المصادر إلى أن الحكومة الأردنية أطلعت نظيرتها السورية على تفاصيل عمليات التهريب من الجنوب السوري، خلال زيارة وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش السوري العماد علي أيوب إلى عمان قبل شهور، ولاحقا أرسلت عمّان رسالة قاسية لدمشق، نتج عنها ضبط مؤقت ومتقطع للحدود ولعمليات التهريب.
وفي اتهامات مبطنة، تقول المصادر الأردنية الرسمية، إن سوريا أصبحت من المُصنعين الرئيسين لمادة الكبتاغون المخدرة، فيما يواجه الجيش الأردني ما أسماه "تعدد الولاءات" في الجنوب السوري، ما يصعب المهمة. وتصف المصادر ما يحدث بأنه عمل "ميليشياوي" منظم ومنسق مع أجهزة أخرى.
وضبطت قوات حرس الحدود الأردني في عام 2020 نحو 1.4 مليون حبة كبتاغون، بينما أحبطت تهريب أكثر من 15 مليون حبة مخدرة عام 2021. وفي الأسبوعين الأولين من عام 2022، أحبطت نحو 5.5 مليون حبة كبتاغون. وعلى صعيد تهريب السلاح ضُبط خلال العامين الماضيين 167 قطعة سلاح مُعدّة للتهريب، ونحو 340 نوعاً من الذخائر.
وتواصلت" اندبندنت عربية" مع السفارة السورية في عمّان في 19 يناير الحالي للتعليق حول تكرار حوادث التهريب من الاراضي السورية باتجاه الأردن، لكن دون الحصول على رد.
"لوموند" تعزز اتهامات الأردن لدمشق
من جهة ثانية، اتهمت صحيفة "لوموند" الفرنسية رئيس النظام السوري بشار الأسد بتزعُّم تجارة المخدرات في منطقة الشرق الأوسط. وهو ما يعزز اتهامات الأردن المبطنة لدمشق.
وقالت "لوموند"، إن نظام الأسد طور صناعة الكبتاغون من أجل الالتفاف على العقوبات الدولية، وترسيخ شبكات الولاء له، وأصبح ثنيه عن متابعة أو حتى تحجيم مثل هذه التجارة المربحة أمراً في غاية الصعوبة.
وأوضح المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، جان بيير فيليو، أن الأسد لم يكتفِ بالجرائم ضد الإنسانية وجرائم، فأضاف إليها - اقتناعاً منه بإفلاته من العقاب - جريمة الإنتاج الضخم والتسويق العدواني للمخدرات، حتى أصبحت الأراضي السورية الخاضعة لسيطرته منطقة الإنتاج الرئيسة للكبتاغون.
وأضاف الكاتب، "ترافق ازدهار ورش تصنيع الكبتاغون المحلية مع هبوط الميليشيات السورية إلى جحيم الحرب السورية، وذلك لتزويد المقاتلين بالمنشطات الاصطناعية أولاً، ثم ضمان مصدر للعملة الأجنبية للقوات المحلية".
في موازاة ذلك، حدّد تحقيق نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، اثنين من من المسؤولين المعروفين بأنهم من بين القنوات الرئيسة لمثل هذه التجارة، ما يؤيّد الشكوك الأردنية بوجود دعم رسمي للمهربين.