على الرغم من ارتفاع معدلات التضخم، فإن التوقعات والاستطلاعات تشير إلى أن لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري ستتجه إلى تثبيت أسعار الفائدة خلال اجتماعها المقرر عقده نهاية الأسبوع الحالي، لتكون المرة العاشرة التي يستقر فيها "المركزي المصري" على تثبيت أسعار الفائدة.
يأتي الاجتماع المنتظر بعد أن أشار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الأسبوع الماضي، إلى أنه قد يبدأ في رفع أسعار الفائدة بحول مارس (آذار) المقبل، وفي تقرير حديث، توقع "غولدمان ساكس"، أن يرفع الفيدرالي أسعار الفائدة خمس مرات هذا العام، في حين يتوقع بنك "أوف أميركا" أن يرفعها بمعدل سبع زيادات بمقدار 25 نقطة أساس لكل منها.
وكانت لجنة السياسات النقدية في البنك المركزي المصري، قد أبقت على أسعار الفائدة من دون تغيير لأكثر من عام، مثبتاً سعر العائد على كل من الإيداع والإقراض لليلة واحدة حالياً 8.25 في المئة و9.25 في المئة على الترتيب، منذ خفض الفائدة بواقع 50 نقطة أساس في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، ويبلغ سعر العملية الرئيسة، وسعر الحسم والائتمان 8.75 في المئة لكل منها.
وتصاعد التضخم السنوي في مصر ليصل إلى 5.9 في المئة خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) مع انخفاض التضخم الشهري بنسبة 0.1 في المئة على أساس شهري معاكساً للزيادة التي شهدناها في نوفمبر بنسبة 0.1 في المئة، وفقاً للبيانات التي نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
اتجاه قوي لتثبيت أسعار الفائدة
في مذكرة بحثية حديثة، توقعت إدارة البحوث بشركة "أتش سي" للأوراق المالية والاستثمار، أن يبقي البنك المركزي المصري سعر الفائدة من دون تغيير في اجتماعه المقبل المقرر عقده الخميس، الثالث من فبراير (شباط)، وقالت مونيت دوس، محللة أولى الاقتصاد الكلي وقطاع الخدمات المالية بالشركة، "لا يزال التضخم في مصر تحت السيطرة بالقرب من الحد الأدنى لمستهدف البنك المركزي المصري البالغ سبعة في المئة (+/- 2 في المئة) للربع الرابع من عام 22، ومع ذلك، نتوقع أن يبلغ معدل التضخم 7.0 في المئة في المتوسط في الربع الأول من عام 22، حيث نتوقع ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية والبنزين ليعكس ضغوط التضخم العالمية"، وأشارت "أتش سي"، إلى أن التدفقات الأجنبية في أدوات الدين الحكومية ما زالت داعمة أساسية لصافي الاحتياطي الأجنبي المصري، ويتجلى ذلك في ارتفاع مركز صافي الالتزامات الأجنبية لدى القطاع المصرفي المصري (باستثناء البنك المركزي)، والذي ارتفع إلى 7.12 مليار دولار أميركي في نوفمبر من 4.8 مليار دولار في الشهر السابق.
وكشفت "دوس" عن "ضغوط متواصلة للحفاظ على المستويات الحالية لسعر الفائدة على أذون الخزانة المصرية، وفي الوقت الحالي، تقدم سندات الخزانة المصرية عائداً حقيقياً بنسبة أربعة في المئة (بالنظر إلى عائد أذون الخزانة أجل 12 شهراً عند 13.2 في المئة وباحتساب 15 في المئة ضرائب على أذون الخزانة المفروضة على المستثمرين الأميركيين والأوروبيين وتوقعاتنا للتضخم عند 7.2 في المئة تقريباً لعام 2022".
عائد سالب لأدوات الدين الأميركية
وأوضحت "أتش سي"، أنه على الرغم من أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قد يبدأ في زيادة أسعار الفائدة في مارس (آذار)، فإنه من المتوقع أن تقدم أدوات الدين الأميركية أجل العامين عائداً حقيقياً سلبياً بنسبة -2.2 في المئة وفقاً لتقديرات "بلومبيرغ" لعام 2022 بمعدل فائدة على أدوات الدين أجل العامين يبلغ 1.4 في المئة ومتوسط تضخم في الولايات المتحدة يبلغ 3.6 في المئة خلال العام المالي 2022 - 2023.
وأشارت إلى أنه في الوقت الحالي، تقدم تركيا عائداً حقيقياً يبلغ 3.8 في المئة على حساباتنا (باحتساب 22.6 في المئة عائد على سندات الخزانة أجل العامين وضرائب صفر في المئة وتوقعات "بلومبيرغ" للتضخم التركي عند 18.8 في المئة خلال 2022 – 2023).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أضافت، "نلاحظ أن مبادلة مخاطر الائتمان في مصر جاءت عند 550 نقطة أساس، أي أعلى منها في تركيا البالغة 527 نقطة أساس، وعليه، نرى استمرار جاذبية سوق الدين المصري للتدفقات المستفيدة من فوارق الأسعار عند المستويات الحالية، ومع بقاء التضخم ضمن النطاق المستهدف للبنك المركزي، نتوقع أن يبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه المقبل".
وفي استطلاع حديث أجرته نشرة "إنتربرايز"، فإن مصر لن تتعرض إلى ضغوط بشكل سريع، ويعد سعر الفائدة الحقيقي في مصر من بين الأعلى على مستوى العالم سيدعم تدفقات استثمارات المحافظ الأجنبية حتى إذا ارتفعت الفائدة الأميركية. وقال المتخصص في المجال المصرفي هاني أبو الفتوح إنه على الرغم من التحديات التي تواجهها لجنة السياسة النقدية محلياً وعالمياً، فإنها "لن تواجه ضغوطاً باتخاذ قرار متعجل برفع الفائدة، إذ إن مصر لديها سعر فائدة حقيقي ما زال هو الأعلى على مستوى الأسواق الناشئة، إلا إذا تعرضت تلك الأسواق إلى نزوح استثمارات الأجانب في أدوات الدين نحو الملاذات الآمنة"، لكن تلك الأسعار ربما ليست مرتفعة بما يكفي، فقد رجح عدد كبير من المحللين أن يضطر المركزي المصري لرفع أسعار الفائدة في وقت لاحق من العام الحالي مع مواصلة ارتفاع الفائدة عالمياً، وفي مذكرة بحثية حديثة، قالت مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس"، إنه "مع استعداد الاحتياطي الفيدرالي للبدء في تشديد السياسات، تتنامى احتمالات أن يحتاج المركزي المصري إلى رفع أسعار الفائدة في وقت لاحق من العام".
ضغوط تضخمية على صناع السياسات
لكن في المقابل، ربما تدفع الضغوط التضخمية صناع السياسات لرفع الفائدة. وقالت منى بدير، محللة أولى الاقتصاد الكلي في "برايم" القابضة، "نرى احتمالاً كبيراً برفع الفائدة بما لا يتعدى 100 نقطة أساس في 2022، وهو ما سيكون مرهوناً على الأغلب بتأثير مسار السياسة النقدية في الدول المتقدمة وارتفاع أسعار السلع العالمية، وخصوصاً المواد الغذائية، وقدرتها على التأثير على التضخم المحلي".
واتفق المحللون على أن التضخم سيستمر في الارتفاع الفترة المقبلة، ورجح معظمهم أن يتراوح متوسط معدل التضخم السنوي العام في الحضر بين سبعة إلى 7.575 في المئة خلال النصف الأول من عام 2022، مع انعكاس تأثيرات ارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية على الاقتصاد المحلي.
وتوقع محمد أبو باشا، رئيس وحدة بحوث الاقتصاد الكلي لدى المجموعة المالية "هيرميس"، أن يصل التضخم إلى سبعة في المئة في المتوسط خلال العام الحالي، "نتيجة استمرار الانعكاس التدريجي للأسعار العالمية على السوق المحلية وضعف سنة الأساس، بخاصة في النصف الأول من العام". واتفقت مع الرأي السابق عالية ممدوح، كبيرة الاقتصاديين لدى بنك الاستثمار "بلتون"، مرجحة أن "يشهد الربع الأول من 2022 قراءات تضخم أعلى من ستة في المئة"، لكن من المستبعد أن يتجاوز التضخم مستهدفات البنك المركزي المصري، إذ لم يتوقع أي من المحللين والمتخصصين الذين شملهم الاستطلاع، أن يسجل التضخم ارتفاعاً كبيراً فوق نطاق مستهدف المركزي البالغ سبعة في المئة (±2 في المئة). وقال المتخصص في المجال المصرفي محمد عبد العال عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، إنه على الرغم من الاتجاه التصاعدي لمعدلي التضخم العام والأساسي، إلا أنهما سيظلان تحت النطاق المستهدف من البنك المركزي.
من جانبها، قالت المحللة الأولى للاقتصاد الكلي في بنك الاستثمار "سي آي كابيتال"، سارة سعادة، إن من المتوقع أن يصل متوسط التضخم خلال العام الحالي إلى 7.5 في المئة على الرغم من تفشي "أوميكرون"، وارتفاع أسعار النفط العالمية، ونظراً لأن المركزي يستهدف التضخم بالأساس، فمن المستبعد أن يقدم على تغيير السياسة النقدية في الوقت الراهن.