على الرغم من كل محاولات الجهات السياسية والوساطات الإيرانية عبر زيارات مكوكية لإقناع مقتدى الصدر بالموافقة على مشاركة زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي في التشكيلة الحكومية الجديدة، إلا أنها فشلت في تحقيق تقدم يذكر قبل أسبوع من جلسة البرلمان العراقي المخصصة لانتخاب رئيس جمهورية العراق الذي بدوره سيكلف مرشح الكتلة الأكبر لتولي منصب رئيس الوزراء.
وكان آخر هذه المحاولات وساطة زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني لحل الأزمة بين الصدر والجهات الشيعية الموالية لإيران عبر إرسال رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني ورئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي للقاء الصدر في مقره في الحنانة في محافظة النجف وإيجاد مخارج سياسية لهذه الأزمة.
الأغلبية خيار الصدر
وفشل أطراف تحالف الأغلبية في إقناع حليفهم في إنهاء تحفظه على المالكي الذي كان واضحاً في تغريدة عقب اجتماع الحنانة، أكد الصدر فيها استمراره في نهج حكومة الأغلبية الوطنية.
وقال الصدر في تغريدة له عبر "تويتر" في إشارة لبعض الفصائل الشيعية المكونة لتحالف الإطار التنسيقي "أوقفوا الإرهاب والعنف ضد الشعب والشركاء، فما زلنا مع تشكيل حكومة أغلبية وطنية"، مرحباً بالحوار مع "المعارضة الوطنية".
ويبدو أن مواقف الصدر واضحة جداً في الوافق مع حلفائه في رفض مشاركة جميع أطراف الإطار التنسيقي والمضي في تشكيل الحكومة وفق التحالف الثلاثي.
الذهاب إلى المعارضة
وقال القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبين سلام لوكالة الأنباء العراقية إن "الأطراف، الصدر و(تقدم) و(العزم) و(الديمقراطي الكردستاني) تعد الأقوى والرابحة في هذه المرحلة"، مبيناً أن أي كتلة لا ترغب في التحالف، عليها الذهاب إلى المعارضة لكون العراق دولة ديمقرطية تحتاج إلى معارضة قوية.
وأضاف سلام أن "بارزاني ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي قاما بهذه المبادرة باعتبارهما يقودان الطرفين الأعلى عدداً في المقاعد النيابية من المكونين السني والكردي، وتحدثا مع السيد الصدر باعتباره راعي الكتلة الأكبر من أجل الاستجابة إلى المطالب الشعبية".
وأكد سلام أن "الرسالة التي أراد الديمقراطي الكردستاني والبيت السني إيصالها هي دعم حكومة الأغلبية السياسية الوطنية الرابحة، وتشكيلها من البيوت الثلاثة"، لافتاً إلى أن "الحزب جرب سابقاً الدخول في حكومة توافقية ولم نحصل على نتائج إيجابية".
وجاءت مبادرة بارزاني بعد اجتماعه في أربيل مع قائد "فيلق القدس" الإيراني إسماعيل قاآني.
وقال بارزاني في بيان "من أجل حل المشكلات وتوفير بيئة مناسبة وجيدة للعملية السياسية في العراق، طرحت مبادرة سياسية"، مقترحاً أن "يقوم نيجيرفان بارزاني (رئيس إقليم كردستان) ومحمد الحلبوسي (رئيس البرلمان العراقي) بزيارة مقتدى الصدر والتشاور حول كيفية مواصلة العملية السياسية، وإزالة العقبات والمشكلات".
منصب للمالكي
من جانبه قال مستشار رئيس إقليم كردستان عرفات كرم "بارزاني قدم مقترحاً للصدر بأن يتولى المالكي منصب نائب رئيس الجمهورية". وما زال موقف الإطار التنسيقي رافضاً لأي إقصاء لنوري المالكي عن العملية السياسية وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وذكر في بيان له نهاية الأسبوع الماضي أن "نهج الإقصاء" من المشاركة في الحكومة المقبلة، سيدفع كيانات حصلت على أكثرية الأصوات في الانتخابات البرلمانية الأخيرة للذهاب إلى المعارضة".
وأضاف "نأمل أن يستجيب الشركاء لمشروعنا، إذ إن التسويف في ذلك سيدفع العراق فاتورته، خصوصاً مع المخاطر والتحديات الأمنية والاقتصادية والإدارية التي تحيط بالعراق والمنطقة".
المعارضة بعيدة
وقال رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، إن المباحثات في النجف تركزت حول مبادرة بارزاني وإمكانية أن يدخل الإطار التنسيقي ضمن الحكومة المقبلة، مستبعداً أن يتخذ "التنسيقي" قرار المعارضة.
وأضاف أن طبيعة ومجريات انتخاب رئيس مجلس البرلمان ونائبيه، إضافة إلى رد الدعوى بالتشكيك في جلسة انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه الذي اعتمدته الأطراف كجزء من الإعاقة البرلمانية أعطى حافزاً كبيراً للقوى الثلاث، الصدر وبارزاني والحلبوسي، لكي تمضي بترجمة تحالفها على مستوى رئاسة الجمهورية والوزراء".
وبين الشمري أن "المفاوضات لا ترتبط بإعادة صياغة التحالفات، بل هي محاولة لإقناع الصدر بمبادرة بارزاني لما يسمى الاقتراب غير المباشر ما بين الصدر من جهة والمالكي"، لافتاً إلى أن "التسريبات تحدثت عن أن المبادرة تضمنت أن يكون المالكي نائب رئيس الجمهورية، وهذا يعني أن الصدر يقبل بالاقتراب غير المباشر من المالكي من دون مصالحة".
وأشار الشمري إلى أن مواقف القوى السياسية الفائزة بعد الاجتماع حسمت أمرها من خلال إيصال رسالة أخيرة لبعض أطراف الإطار التنسييقي أنه بدأ العد التنازلي لاختيار رئيس الجمهورية ورئيس وزراء جديد.
مبادرة إيرانية
وأضاف أن "الإطار التنسيقي ما زال يعوّل على مبادرة بارزاني وآلية قبول الصدر بمبادرته، لا سيما أن المبادرة قد بحثها قاآني مع كل من "التنسيقي" وبارزاني"، مؤكداً أنها "مبادرة إيرانية قدمت من خلال بارزاني، لذلك أتصور أن مكونات التنسيقي تنتظر الرد النهائي من الصدر".
ورجح أن يدخل جزء من الإطار التنسيقي في حكومة الصدر بهدف ضمان عدم ملاحقة المالكي والفصائل المسلحة.
من جانبه قال الباحث في الشأن السياسي والأكاديمي نديم الجابري، إن مبادرة بارزاني قد فشلت وإن القوى الثلاث ستمضي بتحالفها لتشكيل الحكومة، مستبعداً أن يشارك "التنسيقي" في الحكومة وسيتجه للمعارضة.
وأضاف الجابري وهو نائب سابق، أن "هناك ثلاث كتل أساسية تقبض على المشهد السياسي في العراق، هي التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني و(تقدم)، لافتاً إلى أن "هذه الجهات كان لديها اتفاق مسبق قبل الانتخابات باعتراف كل طرف بالطرف الآخر، كونه ممثلاً مكونه وبذلك قد نجحت هذه الخطة".
صراع محتدم
وأوضح أن "الصراع المحتدم ما بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري ربما أكثر حدة من الصراع ما بين الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني، كون الخلاف لا يخلو من الشخصنة"، مشيراً إلى أن مبادرة بارزاني جاءت بعد التداول مع الجانب الإيراني لتوحيد الصف الشيعي بعد أن توحد الصف السني".
المالكي هو العقدة
وبيّن أن المبادرة لم تنجح في الوصول لمقاصدها، لأن الصدر لم يعترض على الإطار التنسيقي، بل وجه اعتراضه على إشراك المالكي في الحكومة، لافتاً إلى أن الأخير أصبح العقدة الأساسية في ترميم العلاقة ما بين الإطار والتيار الصدري.
وأكد أن الإطار التنسيقي لا يقبل أن يدخل جزء منه مع الكتلة الصدرية، بالتالي ستسير العملية السياسية طبقاً للقوى الثلاث والإطار التنسيقي، مرجحاً أن يتخذ مسار المعارضة القانونية والدستورية أو المقاطعة للعملية السياسية التي ستكون لها عواقب السلبية.