كان انتقال لاعب الوسط الهولندي دوني فان دي بيك إلى مانشستر يونايتد الإنجليزي، منطقياً إلى حد كبير، بداية من الرسوم المالية للصفقة البالغة 35 مليون جنيه إسترليني التي تُعد سعراً عادلاً غير باهظ، ومع العلاقة القوية بين يونايتد وأياكس تمت المفاوضات بسرعة نسبية، حتى أن الإعلان الرسمي عن الصفقة حصل على أحد أعلى معدلات التفاعل لتغريدة من حساب يونايتد الرسمي في الموسم الماضي، أكثر من وصول إدينسون كافاني في الصيف نفسه.
لكن كانت هناك مشكلة واحدة فقط، أين بالضبط سوف يلعب فان دي بيك؟ هل في المركز 10؟ يونايتد كان لديه بالفعل برونو فيرنانديز الذي لا غنى عنه في هذا المركز، وفي هذه الحالة، هل يمكن أن يكون في المركز ثمانية؟ ربما يحدث لكن يونايتد لم يكن يلعب بلاعب في مركز ثمانية، فهل يكون في المركز ستة ليفكك شراكة خط وسط المشؤومة التي تجمع فريد وسكوت مكتوميناي؟ ربما، لكن أفضل ما قدمه في أياكس الهولندي كان في مراكز أكثر تقدماً في الملعب.
في النهاية لا داعي للقلق، فقد كانت الإجابة عن السؤال عن المكان الذي سيلعب فيه فان دي بيك بسيطة، هو لن يلعب.
وانتهى الفصل الأول وربما الأخير من مسيرة فان دي بيك في استاد "أولد ترافورد" بانتقال على سبيل الإعارة إلى إيفرتون، بعد 50 مباراة، وإذا كان هذا لا يبدو سيئاً للغاية بعد أقل من 18 شهراً بقليل من وصوله، ضع في اعتبارك أن كل مشاركة استغرقت في المتوسط 37 دقيقة فقط، وكان يونايتد هنأ فان دي بيك على وصوله إلى 50 مباراة عبر وسائل التواصل الاجتماعي في وقت سابق من هذا الشهر، وحصلت هذه التغريدة على كثير من المشاركة أيضاً.
لقد كانت حالة دي بيك بكل بساطة واحدة من أغرب تجارب اللاعبين في يونايتد خلال حقبة ما بعد السير أليكس فيرغسون، فهو لاعب يتمتع بسمعة جيدة وتألق متزايد في كرة القدم الأوروبية، بدأ حين أثار الإعجاب به في طريقه إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، ثم تم شراؤه مقابل رسوم كبيرة وأحدث ضجة كبيرة، لكنه قضى فترته على الهامش في انتظار مسيرة طويلة وثابتة المستوى مع الفريق لكنه لم يصل لذلك أبداً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
اللافت للنظر لم يكن مجرد عدد الفرص التي أتيحت لدي بيك، لكن السؤال عن جودتها أيضاً، فقد شارك في 19 مباراة فقط من بين 50 كأساسي منذ البداية، وكانت الغالبية العظمى من تلك المباريات في الكؤوس المحلية، وكانت آخر مرة لعب فيها فان دي بيك مباراة ذات مغزى في الدوري منذ البداية قبل أكثر من عام، خارج ملعبه أمام وست هام في ديسمبر (كانون الأول) 2020، وحتى ذلك الحين تم استبداله بين الشوطين.
وكان هناك تبديل آخر بين الشوطين في آخر بداية له في دوري أبطال أوروبا، وكان ذلك خارج الأرض أيضاً أمام يونغ بويز السويسري في سبتمبر (أيلول)، وكانت الحال في كثير من الأحيان أنه، حتى لو لم يبدأ فان دي بيك المباراة على مقاعد البدلاء، فإنه سرعان ما يعود إليها، وهو ما قاده لإكمال 90 دقيقة في تسع مباريات فقط مع يونايتد، وكانت مشاركته مع فريق مكتمل بالنجوم في مباراتين فقط.
لا يتعلق الأمر فقط بقلة الدقائق، ولكن عدم وجود أي دور محدد، ففي حين تم الترويج لتعدد الاستخدامات كواحدة من مزايا فان دي بيك عند وصوله، شعرت في بعض الأحيان بأنها لعنة، وخلال مشاركاته الثماني الأخيرة، تناوب بين مراكز الوسط الثلاثة المذكورة أعلاه (10 و8 و6)، ونادراً ما لعب في نفس المركز مرتين على التوالي، مع وجود فجوات طويلة بين المباريات على أي حال.
صحيح أن اثنين من مدربي يونايتد لديهما أفكار مختلفة، لكنهما نظرا إلى فان دي بيك عندما لعب وكان تأثيره في المباريات ضئيلاً، لكن يعتقد البعض في مركز "كارينغتون" التدريبي المقربين من النادي، أن فان دي بيك استحق الحصول على مزيد من الدقائق، كانت هناك أيضاً مخاوف بشأن ملاءمته البدنية والتكتيكية للدوري الإنجليزي الممتاز.
ولكن هل يمكن للاعب أن يفشل إذا لم تتم تجربته حقاً؟ توقفت مسيرة فان دي بيك مع يونايتد بعد 1836 دقيقة فقط في آخر موسمين، وهناك خمسة لاعبين في يونايتد لعبوا دقائق أكثر من هذا الرقم خلال الموسم الحالي وحده، ولعب منافسه في مركزه المفضل فيرنانديز أكثر من 4500 دقيقة في الموسم الماضي، بالتالي من الصعب، وربما من المستحيل، الحكم على فان دي بيك بنفس المعايير عندما أمضى جزءاً صغيراً من الوقت على أرض الملعب.
كل هذه العوامل غذت شغفه لكسب مزيد من وقت اللعب المنتظم بعيداً من "أولد ترافورد" خلال فترة انتقالات يناير، بخاصة بعد أن انفصل اللاعب البالغ من العمر 24 سنة عن ممثليه السابقين في أواخر العام الماضي، وتعاقد مع الوكالة التي تمثل فيكتور ليندلوف وزميله الدولي فرينكي دي يونغ في محاولة لتسريع رحيله، مع العلم أن خطوة الإعارة مرجحة.
ومن المفارقات أن هذه الفرصة لإعادة بناء مسيرته هي نفسها التي كانت مطروحة على الطاولة قبل بضعة أشهر، حين كان إيفرتون حريصاً على ضم فان دي بيك في أواخر الصيف الماضي، وعلى الرغم من إقناعه بالبقاء في وضع جيد والتحلي بالصبر، للحصول على ثقة المدرب السابق أولي غونار سولسكاير في أنه سيكون قادراً على إيجاد دور أكثر بروزاً وانتظاماً، لكن هذا الدور لم يكن متاحاً لدي بيك في فريق يونايتد، وكانت هذه هي المشكلة دائماً، بغض النظر عن مدى سهولة أو ملاءمة الصفقة.
فان دي بيك تحرك الآن، وعلى الأقل سيكون "غوديسون بارك" مكاناً مختلفاً مقارنة مع الصيف الماضي، تحت إدارة فرانك لامبارد الذي جاء بدلاً من رافائيل بينيتيز، ومن دون وجود أكبر معجب بفان دي بيك منذ ذلك الحين، المدير السابق لكرة القدم مارسيل براندز، لكنها لا تزال تمثل فرصة للعب بانتظام مرة أخرى، ويمكن وصفها بأنها فرصة ثانية لمسيرة ناجحة في الدوري الإنجليزي الممتاز، على الرغم من أن فان دي بيك قد يتساءل عما إذا كان قد حصل بالفعل على الأولى؟
© The Independent