لا يكاد يمر يوم من دون أن يشهد هجوماً أو عملية تفجير أو اغتيال تنفذها "حركة الشباب" المتحالفة مع تنظيم "القاعدة" المتشدد، وهو ما يطرح تساؤلات حول حجم الحركة من حيث مواردها البشرية والمالية، ومصادر الزخم البشري والمادي الذي يسمح لها ليس فقط بالاستمرار، بل والحفاظ على قدرة لا تتراجع في تشكيل خطر دائمٍ على الدولة الصومالية والقوات الأممية، إضافة إلى السقوط اليومي للضحايا المدنيين، نتيجة لنشاط الحركة الذي لا يهدأ.
واعتبر قيادي عسكري أميركي بارز أن حركة الشباب في الصومال هي "أغنى جماعة مسلحة مرتبطة بتنظيم القاعدة في العالم". وحسب ما تداولته وسائل إعلامية صومالية، فإن الجنرال "ستيفن تونسيند" قائد قيادة قطاع أفريقيا في القوات الأميركية "أفريكوم"، وصف الحركة بأنها الأكثر ثراءً مالياً والأكبر عدداً من حيث المقاتلين، كما وصفها بالأشد نشاطاً بين الجماعات الموالية لـ"القاعدة"، ما يجعلها تشكل خطراً كبيراً على الولايات المتحدة وشعبها.
أسباب عدم تراجع قوة الشباب
وفي تفسير لأسباب محافظة "حركة الشباب" على قابليتها لتنفيذ الكثير من العمليات اليومية في المدن والأرياف في الجنوب الصومالي، قال الباحث محمود موسى، "من المهم إدراك أن استقرار مصادر دخل الحركة من جهة ووفرة مصادر تعويض الموارد البشرية التي تخسرها في مواجهاتها المستمرة من جهة أخرى، عاملان أساسيان في حفاظها على قدرتها على تشكيل خطر دائم على من تعتبرهم أهدافها المشروعة، لذا ليس مستبعداً أن تصح التقديرات التي تقول إن عديد مسلحيها يتراوح ما بين خمسة وعشرة آلاف. ويتم تحقيق ذلك عبر التجنيد بطريقتين أساسيتين، الأولى هي إقناع أضعف مكونات المجتمع بأنها ستحصل على الحماية من استقواء المسؤولين والفساد الحكومي من جهة، ومن جهة أخرى عبر إجبار التجمعات البشرية على تقديم حصة معينة من أبنائها للعمل في خدمة الحركة، إما عبر جمع المعلومات ومراقبة تحركات القوات الحكومية والأممية، أو توليد المداخيل، أو ضمهم للقوات المقاتلة للحركة". وأضاف موسى، "لا يمكننا إغفال أسباب طارئة زادت من القوة الميدانية للحركة أخيراً، على رأسها تراجع العمليات النوعية، والقصف الجوي اللذين كانت تنفذهما القوات الأميركية (أفريكوم)، إضافة إلى عدم فاعلية قوات حفظ السلام الأفريقية (أميسوم)، ناهيك بالأزمة السياسية الخانقة التي تمر بها البلاد نتيجة للخلافات حول الانتخابات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كيف تجمع الحركة الأموال؟
تعمل "حركة الشباب" بقدر كبير من المرونة، وتحرص على العمل في المناطق الريفية، ويلقي الضوء على ذلك الباحث الإعلامي أسعد عبد الله، المقيم في العاصمة الصومالية مقديشو، قائلاً إن "تلك المناطق هي بالفعل منتجة للثروة، فهي مناطق الإنتاج الزراعي والحيواني، إضافة إلى كونها تحتوي على المناجم التي يعمل فيها المنقبون الحرفيون، إضافة إلى وقوعها على الطرق والمسالك المهمة لنقل البضائع من وإلى معظم المدن الرئيسة، في جنوب البلاد وعبر الحدود، وذلك يضمن لها جباية الإتاوات، تحت بنود عدة من خراج وزكاة وضرائب على كل أشكال النشاط الاقتصادي التي تجري ضمن تلك المساحات الشاسعة من الأرض". وأضاف عبد الله "لا يمكننا إغفال شهادات ترد بين الفينة والأخرى حول طريقة عمل الحركة، كتصريح منسوب لـ(زبير المهاجر)، المقاتل الإيفواري الأصل، الذي انشق عن الشباب، وذكر قصة توضح أن الحركة تمارس جباية الضرائب، تحت اسم (الزكاة)، حتى إنهم في تحديد قيمتها وموعدها يتّبعون أهواءهم، مؤكداً أن ما يهمهم هو الوصول إلى أرقام معينة من الأموال، من دون التزام بالشريعة التي لأجلها يتسببون في إزهاق الأرواح".
الشباب حكومة موازية
وحسب الخبير الأمني، ساعد علي محمد، المقيم في العاصمة الكينية نيروبي، فإن التقارير الإعلامية الأجنبية وتصريح مسؤولين استخباراتيين محليين تؤكد اختراق الحركة أجهزة الدولة، والبنية الاجتماعية للتجمعات الحضرية والقبلية ضمن مناطق عملها، وقال إن "التفاصيل التي تتكشف حول مصادر دخل الحركة، توضح أن لها نفوذاً كبيراً في أماكن شديدة الحساسية، تستغلها في جني الأموال سواء من ميناء مقديشو، أو من خلال صفقات بيع الأرض، وأنشطة تجارية أخرى، لدرجة يمكن القول إن الحركة على مدى عقد ونصف من نشاطها، نجحت في تأسيس حكومة موازية للحكومة الفيدرالية، محققةً دخلاً سنوياً يقارب 120 مليون دولار أميركي".
وزاد محمد "كما أن بين أيدينا تقارير تلقي الضوء على حجم ما تجبيه الحركة، وتخلق قناعة بأن الحركة دولة ضمن الدولة، بل هي دولة موازية للدولة الصومالية القائمة والمتعارف عليها، فبعد مقارنة مداخيلها بمداخيل الدولة الفيدرالية، يتضح أن الحركة بلغت من الكفاءة في الجباية، إلى درجة يمكن معها اعتبار أن مداخيل الحركة مساوية لنصف دخل الحكومة الفيدرالية من الميناء، و65 في المئة أخرى موازية لدخل الحكومة من الضرائب المحصلة من الأنشطة الاقتصادية الداخلية".