هوت أسهم شركة "ميتا بلاتفرومس إنك" المالكة "فيسبوك"، ليل الأربعاء، بنحو 23 في المئة، بعدما أعلنت الشركة التي غيرت اسمها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عن بياناتها المالية للربع الرابع من العام الماضي وتوقعاتها للفترة المقبلة.
وعلى الرغم من أن أرقام العائدات في إفصاح الشركة جاءت متسقة مع توقعات السوق عند 33.67 مليار دولار، فإن أداء الشركة من حيث أرقام متابعي "فيسبوك" ومنصاتها الأخرى وعائدات مبيعات الإعلانات وخسائر وحدة الواقع الافتراضي الجديدة جعلت المستثمرين يعاقبون الشركة ورئيسها مارك زوكربيرغ بخسارة نحو 200 مليار دولار.
وبعد إقفال السوق أمس، وعقب إعلان الإفصاح المالي الربع السنوي للشركة، تعرّضت أسهم "ميتا" لعمليات بيع هائلة هوت بقيمتها السوقية من 900 مليار دولار إلى 700 مليار. ذلك بعدما أعلنت الشركة توزيع أرباح على أسهمها بقيمة 3.67 دولار للسهم، بينما كانت الأسواق تتوقع توزيع أرباح بـ3.85 دولار للسهم.
ولم تكن الشركة صاحبة "فيسبوك" الوحيدة التي تعرضت لعمليات بيع كبيرة للأسهم، بل فقدت شركات "تويتر" و"سناب تشات" و"بينتريست" نحو 15 مليار دولار أيضاً.
وهبطت أسهم مجموعة "ألفابيت"، المالكة محرك البحث "غوغل"، اثنين في المئة، على الرغم من أن الإفصاح المالي للشركة عن الربع الرابع من العام الماضي أظهر عائدات من مبيعات الإعلانات تفوق توقعات السوق بقليل.
لكن، الواضح أن المستثمرين غير متفائلين بأداء شركات التكنولوجيا الكبرى التي استفادت بقوة من فترة وباء كورونا على مدى العامين الماضيين. فقد شهدت أسهم "نتفليكس" عمليات بيع كبيرة، جعلت أسهمها تهبط في السوق، كما فقدت أسهم شركة "باي بال" للمدفوعات والتحويلات المالية الإلكترونية هبوط أسهمها بنحو الربع تقريباً.
توقعات سلبية
ويرجع تخلص المستثمرين من أسهم شركات التكنولوجيا السريعة النمو والعالية العائد في السابق لعدة أسباب، منها بدء تشديد السياسة النقدية، مع توقع أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) أسعار الفائدة الشهر المقبل.
وتتأثر شركات النمو السريع برفع أسعار الفائدة، لأن ذلك يخفض قيمة عائداتها المستقبلية، كما أنه يجعل تكلفة الاقتراض عالية.
لكن ذلك التحول في توجه المستثمرين ليس السبب الوحيد. فهناك أيضاً توقعات منطقية بأن تلك الشركات التي شهدت نمواً هائلاً في فترة وباء كورونا، إذ لجأ الناس أكثر إلى استخدام منتجاتها مع قيود الإغلاق والعمل من المنزل، لن تواصل النمو بهذا المعدل في فترة التعافي من أزمة الوباء. وهنا يتخلص المستثمرون في السوق من أصحاب الاستراتيجيات القصيرة المدى من أسهم تلك الشركات، والتحول إلى أسهم شركات تقليدية كبرى.
وبدا ذلك واضحاً في إفصاحات الشركات في الأسابيع الماضية وإعلانها عن توقعات أدائها في الربع الأول من هذا العام وللعام كله. وعلى سبيل المثال، شهدت أسهم شركة زووم، تطبيق تواصل الفيديو الذي صعد بقوة في فترة كورونا، تراجعاً في الفترة الأخيرة مع تراجع أعداد المشتركين، وتوقعات سلبية بشأن النمو في العام الجديد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مشكلات "فيسبوك"
لكن "ميتا" و"فيسبوك" تعرضتا لعقاب المستثمرين، لعدة أسباب أخرى تتعلق بأدائهما وتوقعات العام الحالي أيضاً، وليس فقط بسبب العوامل العاملة المتعلقة باستراتيجيات المستثمرين. فقد شهد "فيسبوك" تراجعاً في عدد مستخدميه للمرة الأولى منذ إطلاق الشركة قبل 18 عاماً. إذ فقد نحو مليون مستخدم يومي في الربع الأخير، مسجلاً 1.92 مليار مستخدم يومي، بينما كانت توقعات السوق بنحو 1.95 مستخدم يومي في تلك الفترة. وجاءت الأرقام أقل من أعداد المستخدمين في الربع الثالث من العام الماضي عند 1.93 مليار مستخدم يومي.
ومنذ تسجيل شركة "فيسبوك" في البورصة عام 2012، تعتبر توقعاتها بشأن العائدات في الربع الأول من العام أقل بوضوح عن توقعات السوق. إذ توقعت الشركة في إفصاحها الأربعاء عائدات بما بين 27 و29 مليار دولار في الربع الأول من عام 2022، بينما كانت تقديرات السوق بتوقع عائدات بنحو 30.15 مليار دولار للربع الأول من هذا العام.
ومع ذلك قال مؤسس "فيسبوك" مارك زوكربيرغ، إنه متفائل بأداء الشركة في العام الماضي "في مجالات مثل ريلز والتجارة عبر الإنترنت والواقع الافتراضي. وسنواصل الاستثمار في هذه المجالات وفي أولويات أخرى في عام 2022. نحن مستمرون على طريق بناء عالم ميتا".
وكانت الشركة قد استثمرت نحو عشرة مليارات دولار العام الماضي في تطوير منتجات الواقع الافتراضي لبناء "عالم ميتا"، إذ يمكن للمستخدمين "العمل واللعب والتواصل" في منصة واحدة. لكن وحدة تطوير الواقع الافتراضي في الشركة "ميتا رياليتي لابس" مُنيت بخسائر 10.2 مليار دولار العام الماضي، مقارنة بخسائر 6.6 مليار دولار في عام 2020. وحققت الوحدة عائدات بقيمة 2.3 مليار دولار من مبيعات سماعات الواقع الافتراضي "كويست".
وأرجعت الشركة المالكة "فيسبوك" تراجع أدائها إلى المنافسة القوية في ساحة وسائل التواصل على الإنترنت، بخاصة من تطبيقات الفيديوهات القصيرة مثل "تيك توك"، إضافة إلى "يوتيوب".
لكن الأهم هو تغيير شركة "أبل" قواعد الخصوصية في برنامج تشغيل أجهزتها، IOS، بما يسمح للمستخدمين بوقف تتبع التطبيقات لنشاط المستخدمين، فيما يتعلق بالإعلانات التجارية واهتماماتهم التسويقية.
ويعني ذلك أن الشركات المعلنة لا تستطيع متابعة أداء إعلاناتها على الأجهزة التي تستخدم نظام تشغيل "أبل" بعد التعديل الجديد، بالتالي تتأثر قدرة المعلنين على شراء مساحات إعلانية على المنصات ومنها "فيسبوك".
وفي مقابلة مع صحيفة "فايننشال تايمز"، يقول توم جونسون من شركة "مايندشير وورلوايد"، "إن التحذيرات من تراجع عائدات الإعلانات المرتبط بمشاكل سلاسل التوريد، إضافة إلى تأثير التغيير في قواعد الخصوصية لنظام التشغيل الخاص بشركة أبل، وتحول المستهلكين إلى منتجات شركة ميتا الأخرى التي تستخدم الإعلانات بوتيرة أقل، كل ذلك أثار مخاوف المستثمرين من أن الأيام الجيدة قد ولّت بلا رجعة".
وتوقع المدير المالي لشركة "ميتا" أن تؤدي التغييرات في قواعد الخصوصية لنظام تشغيل "أبل" إلى خسائر "فيسبوك" بنحو عشرة مليارات دولار. وفي مقابلة مع "رويترز"، قالت ديبورا آهو ويليامسون، المحللة في "إنسايدر إنتلجينس"، "من الواضح أن هناك عقبات على طريق ما تواجهه شركة ميتا من منافسة على العائدات من شركات، مثل تيك توك والتحديات التي يفرضها التغيير في برنامج تشغيل أبل". لذا، يخرج المستثمرون من شركات مواقع التواصل.