يبدو أن نظام دفاع بطاريات "القبة الحديدية" الذي تعتمده إسرائيل في الفترة الحالية في التصدي للقذائف الصاروخية التي تنطلق من قطاع غزة لم ينجح بالشكل الكافي في أداء مهامه، إذ ما زالت مدن إسرائيل تتعرض لرشقات صاروخية منطلقة من قطاع غزة مع كل توتر أمني، لذلك، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إدخال منظومة اعتراض جديدة تعمل بقذائف الليزر في المجال العسكري للتصدي للصواريخ التي تتعرض لها بلاده.
وتحاول تل أبيب منذ سنوات تطوير سلاح جيشها من خلال إدخال تقنيات الليزر في مجالها العسكري، والعمل تدريجاً في التخلي عن منظومة "القبة الحديدية" التي تعد مكلفة مالياً، فضلاً عن عدم قدرتها على التصدي لكل القذائف التي تطلقها الفصائل الفلسطينية في ساحة قطاع غزة.
"القبة الحديدية" غير كافية
ففي العملية العسكرية الأخيرة التي بدأت وانتهت في مايو (أيار) 2021، بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، أطلقت حركة "حماس" وقوى عسكرية أخرى في قطاع غزة ما مجموعه 4400 قذيفة صاروخية تجاه مدن ومواقع عسكرية إسرائيلية، ووفقاً للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، فإن منظومة القبة الحديدية اعترضت ما نسبته 85 في المئة من إجمالي القذائف التي أطلقتها الفصائل من غزة، في حين كان الجيش يطمح في اعتراض كل تلك القذائف.
ويقول قائد الجبهة الداخلية الإسرائيلية الجنرال أوري غوردين، إن بلاده تعرضت خلال القتال العسكري الأخير في غزة لأكبر عدد من الصواريخ على الإطلاق منذ قيام دولته، وخلال تلك الأحداث سقطت القذائف على مدن مهمة منها تل أبيب وأسدود، وضواحي القدس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في الحقيقة، تعتبر قيادة تل أبيب الأمنية أن بطاريات "القبة الحديدية" ناجحة في اعتراض بعض القذائف التي تنطلق من قطاع غزة، بينما تعتبرها الفصائل الفلسطينية في القطاع فاشلة ولا تتمكن من اعتراض القذائف المصنوعة داخل المنطقة الجغرافية المحاصرة، لذلك تبحث إسرائيل عن البدائل باستخدام الليزر.
تقليل نفقات
ومن باب التوفير الاقتصادي، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي عن إحاطة بلاده بجدار من الليزر لاعتراض الصواريخ والطائرات المسيرة والتهديدات الأخرى، وقال إنه في غضون نحو سنة واحدة، سيُدخل الجيش الليزر إلى الخدمة، وستُنصب هذه التقنية بداية في المنطقة الجنوبية المحاذية لقطاع غزة، وأضاف بينيت أن منظومة "القبة الحديدية" الحالية، مكلفة للغاية، وتبلغ كلفة الصاروخ المعترض الذي تطلقه المنظومة عشرات آلاف عدة من الدولارات، بينما النبضة الكهربائية لليزر لا تكلف سوى بضعة دولارات، لذلك، فقد اتخذنا قراراً يقضي بتقليل التكلفة، وإحاطة إسرائيل بحائط ليزر سيحمينا من القذائف الصاروخية والطائرات المسيرة وغيرها من التهديدات.
وللمفارقة، فإن تكلفة الصاروخ المعترض من منظومة "القبة" تقدر بقيمة 50 ألف دولار أميركي، بينما تكلفة إشعاع الليزر الواحد لاعتراض قذيفة صاروخية لا تزيد على 1000 دولار فقط، بينما تكلفة صاروخ الفصائل المسلحة في غزة، قصير المدى تقدر كلفته بين 300 و800 دولار لكل قذيفة.
نظام الليزر
في الواقع، تعمل إسرائيل منذ عام 2019 على تطوير تقنيات عسكرية باستخدام الليزر، وكانت التوقعات بإدخال تلك المنظومة الخدمة الأمنية عام 2025، لكن بحسب رئيس الوزراء، فإنه مع بداية العام المقبل سيتمكن الجيش من استخدام الليزر، ووفقاً للمعلومات المتوافرة، فإن شركتي هيئة النظم الصهيونية "Mapat"، وشركة تطوير الأنظمة الدفاعية المتقدمة المحدودة "رافائيل"، هما المكلفتان في تطوير نظام الاعتراض القائم على الليزر الذي من شأنه أن يتيح الاعتراض السريع وغير المكلف للتهديدات الصاروخية.
ومن المتوقع أن يعمل سلاح الليزر على مبدأ القوة والدقة، أي يجب أن يكون شعاع الليزر على أعلى مستوى ممكن من التتبع الدقيق لاستهداف أهداف عالية السرعة كالصواريخ، وحتى يكون الشعاع فعالاً، يجب أن تكون قوته تزيد على 100 كيلوواط، ولمح نفتالي بينيت إلى أن إسرائيل وصلت إلى عتبة 100 كيلوواط وربما تجاوزتها.
وتعتقد إسرائيل أن منظومة الاعتراض بالليزر ستتمكن من منع الطائرات المسيرة التي تعمل حركة "حماس" على تطويرها لتجاوز حدودها، فضلاً عن تمكن هذه الأشعة من اعتراض القذائف التي تطلقها الفصائل الفلسطينية من قطاع غزة، وأي تهديدات أخرى قد تتعرض لها.
الفصائل الفلسطينية غير مبالية
في أي حال، فإن الفصائل الفلسطينية غير مبالية، لأي منظومة اعتراض تعمل تل أبيب على تطويرها، بخاصة وأن القذائف الصاروخية التي تمتلكها لا تحتوي على دوائر كهربائية تمكن أجهزة الجيش الإسرائيلية من اكتشافها أو اعتراض طريقها، ويقول القيادي في حركة "المجاهدين" مؤمن عزيز، متحدثاً بالنيابة عن الفصائل الفلسطينية، إن إسرائيل مهما طورت من منظومات دفاعية فإنها لن تتمكن من إيقاف سقوط الصواريخ على أراضيها في أي جولة قتال مقبلة، بخاصة وإن الفصائل تعمل بشكل يومي على تطوير أنظمة صواريخها بشكل يصعب اعتراضه.
ويضيف عزيز، "بينيت يدرك جيداً أنه يقوم بالترويج لأنظمة الليزر فقط، وأن هذه المنظومة لا تتمكن من اعتراض القذائف التي تطلقها الفصائل من قطاع غزة، التي عادة ما يصعب تحديدها أو إيقاف طريقها في الوصول إلى عمق إسرائيل وقصف تل أبيب"، وبحسب عزيز أيضاً، فإن الفصائل تمتلك اليوم الخبرة الكافية التي تمكنها من مراوغة كل أفكار إسرائيل، وفي الوقت ذاته، تتكيف مع الظروف المحيطة بها، حتى تتمكن بشكل فعلي من تحقيق هدفها في الدفاع المشروع أمام انتهاكات إسرائيل التي اعترفت بها المنظمات الدولية.