لعب مخرجون عرب وعالميون دوراً مهماً في حياة الممثلة غادة الشمعة الفنية، أسهموا في انتشارها عربياً انطلاقاً من بلدها سوريا، وفي مقدمهم المخرجان حسام الدين مصطفى ومحمد مرزوق، قبل أن يعبِّد المخرج البريطاني أليكس ماكول طريقها نحو العالمية، حين أسند لها دوراً أساسياً في فيلم "عيد الميلاد" الذي جال على الكثير من المهرجانات العالمية وحصد الجوائز في مهرجاني "نيس" و"كان" السينمائيين، إضافة إلى مشاركتها في أفلام روسية.
عن بداياتها الفنية تقول الشمعة "من اكتشفني هو الفنان الكبير دريد لحام، ولكنني لم أطل في التلفزيون سوى في مقطع واحد من مسلسل (وين الغلط) فتقبلني الناس واكتسبت شهرة عريضة، ثم عرض عليَّ المخرج أحمد قنوع العمل في المسرح وكنت في الـ17 من عمري، ولكن أهلي اعترضوا فتكلم معهم وقبلوا. وقدمت معه الكثير من الأعمال المسرحية، وكانت بطاقات الأعمال التي أشارك فيها تباع في السوق السوداء، كما تعاونت مع الممثلة هدى شعراوي في أكثر من عمل مسرحي. أنا أحببت المسرح كثيراً وكان هناك إقبال على أعمالي، ومن خلاله تعرفت على المنتج السينمائي الكبير نادر الأتاسي خلال حضوره أحد عروضي المسرحية، ومثلت في الوقت نفسه في أفلام لصالح (شركة الغانم للسينما).
مسرح وسينما
وتؤكد الشمعة متحدثة عن تجربتها الفنية في مصر "تعرضت للمحاربة الفنية في بلدي وعانيت الكثير، بينما مصر أنصفتني، وأنا أنحني للفن المصري ولكل الممثلين والمخرجين الذين تعاملت معهم. اكتشفني في مصر المخرج حسام الدين مصطفى، وهو لم يكن يعرف أنني ممثلة، ولفت نظره عندما كنت أصافح الممثل حسين فهمي في كوكتيل أقيم على هامش مهرجان القاهرة السينمائي، وعرض التعامل معي ثم تكررت التجربة في أكثر من فيلم. وكان فيلمي الأول معه (سكة الندامة) الذي لعبت فيه دوراً رئيساً إلى جانب يسرا ومحمود عبد العزيز".
وتضيف "بعد النجاح الكبير الذي حققه هذا الفيلم، شاركت معه في فيلم (المشاغبات الثلاثة) إلى جانب ليلى علوي وإلهام شاهين وكرم مطاوع، ومن بعدها في فيلم (المشاغبات والكابتن) مع آثار الحكيم وهالة صدقي. أما المرحلة الثانية في رحلتي الفنية السينمائية في مصر فكانت مع المخرج محمد مرزوق الذي صورت تحت إدارته مجموعة أفلام من بينها (طريق الشيطان) مع وحيد سيف وميمي جمال ومحمود الجندي و(صراع الحسناوات) إلى جانب محمود الجندي ونهلة سلامة وحسن الأسمر، بالإضافة إلى أفلام أخرى، من بينها (تحت الربع بجنيه وربع) مع الشحات مبروك وأحمد آدم، والجزء الثاني من (المشاغبات والكابتن) إلى جانب آثار الحكيم وهالة صدقي، و(السلاحف) مع سمير غانم وتيسير فهمي، و(القلب وما يعشق) مع المطرب محمد فؤاد وسهير البابلي وغيرها الكثير. كما كانت لي أيضاً تجارب مسرحية في مصر، من بينها مسرحية (الوظيفة لا تزال في جيبي) مع نجاح الموجي ومحمد الصاوي، ومسرحية (مر الكلام حلو الكلام) مع الراحل سعيد صالح. ليتني بقيت في مصر، لكن حبي لأهلي جعلني أعود إلى سوريا".
بعد مصر حققت الشمعة انطلاقة عالمية من خلال فيلم "عيد الميلاد" وهو من إنتاج شركة غلاسكو فيلمز، ولعبت فيه دور البطولة إلى جانب نجوم السينما البريطانية، وتحدثت عن ظروف هذا العمل قائلة "تعرفت إلى المخرج إليكس ماكول خلال وجودي في اسكتلندا. يومها كنت أجهز نفسي للمغادرة ولكنه عرض عليَّ المشاركة في الفيلم وتعلم اللغة الإنجليزية، فبقيت في بريطانيا أربعة أشهر إلى حين انتهاء التصوير، ولكنني لم أتقاضَ أجراً عن الدور وطلبت بدلاً منه حقوق توزيع الفيلم في الشرق الأوسط، ولكن الفيلم لم يعرض مع أنني وصلت للعالمية ولعبت فيه دور البطولة وليس دوراً صغيراً. الفيلم يميل إلى أفلام الرعب ويحكي عن الجن والأرواح، ودوري فيه كان لافتاً، وشارك في عدد من المهرجانات العالمية وفاز بإحدى الجوائز في مهرجان (كان) السينمائي كما فزت عنه بجائزة تقديرية عن أفضل أداء في مهرجان (نيس) السينمائي، وجسدت فيه شخصية دكتورة في الآثار من أصل عربي ولدت ونشأت في بريطانيا. ومن بعدها طلبني المخرج لأعمال أخرى ولكن بسبب الحرب في سوريا كان هناك صعوبة في السفر إلى بريطانيا، وكان يفترض أن يرسل لي تأشيرة سفر إلى بريطانيا ولكن هذا الأمر تعذر لكوني سورية".
تلفت الشمعة إلى دورها في نشر الفن السوري في روسيا، وتوضح "عام 1983 شاركت في فيلم روسي مؤلف من جزءين هو (من روائع ألف ليلة وليلة) وبعد نجاحه الكبير دُبلجت كل أفلامي السورية إلى اللغة الروسية بالتعاون مع شركة (الغانم للسينما)، وعرضت في روسيا وحققت إيرادات عالية".
كوميديا وتراجيديا
الشمعة التي تنوعت تجربتها بين الكوميديا والتراجيديا تعتبر أن تفضيلها نوعاً على آخر يرتبط بالدور نفسه، وتضيف "يجب أن يملك الممثل القدرة على تأدية الدور وتجسيد الشخصية. مثلاً، أنا تدربت على رياضة الكاراتيه فاستغلها المخرجون وجعلوني أقدمها في أفلامي، من بينها فيلم (القلب وما يعشق) مع الفنان محمد فؤاد".
ولا تنكر الشمعة عشقها للسينما والمسرح أما التلفزيون فانتشاره مؤقت كما تقول، وتعقب "اليوم تعيش الدراما السورية حالة من التراجع والتشتت مع أنها كانت قد تقدمت بشكل ملحوظ قبل الحرب. الأزمة أثرت في كل شيء بما فيها الفن. لكنني أحب السينما لأنها لا تموت بل هي تخلد الممثل حتى بعد موته وتجعله يتجدد من جيل إلى آخر. مثلاً، كل الأجيال تتابع أعمال إسماعيل ياسين عند إعادة عرضها، أما الدراما التلفزيونية ومع أنها تحقق الانتشار للممثل، ولكنه انتشار مؤقت تماماً كما الجريدة اليومية. المشاهد يشعر بالملل بعد متابعة 30 حلقة ولا يرغب بمشاهدة المسلسل مجدداً، بينما هو يشاهد الفيلم السينمائي مرات عديدة في حال كان جميلاً وأعجبه".
وعن إقبال الدراما السورية على تقديم أعمال البيئة الشامية ترجع الشمعة السبب إلى مسلسل "باب الحارة" الذي كان مفتاحاً للثورة في سوريا كما تقول، وتضيف "الناس تأثروا به حتى إنهم أطلقوا اسم شهاب على المواليد الجدد، لكن وراء كواليس هذا المسلسل كان هناك عالم آخر. الفن قدوة ويسحر المواطن، كما أنه سلطة رابعة كما الإعلام. في المقابل فإن نجاح هذا العمل شجع على تقديم أعمال البيئة الشامية، ولكنني لم أقتنع بإنتاج أجزاء منه".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الشمعة التي شاركت في العديد من الأفلام السورية الجريئة، كـ"بنت شرقية" و"فتيات حائرات" و"الحب المزيف" و"لعبة الحب والقتل" لا تخفي ندمها على مشاركتها في بعضها، خصوصاً فيلم "فتيات حائرات" الذي تقول عنه "من بعده لقبوني بـ(ملكة الإغراء والإثارة) مع أنني لست كذلك. أنا لم ألعب أدوار العشق والغرام في معظم أفلامي بل لعبت أدوار البنت الشقية". وعن رأيها بالمشاهد الجريئة التي عادت إلى الدراما السورية "الهدف منها سياسي وجذب الجيل الجديد، لأن التلفزيون يشكل قدوة للأجيال بينما نحن شرقيون ولدينا تقاليد نتمسك بها. مثلاً (فيلم أصحاب ولا أعز) أثار ضجة كبيرة ولكنها صبت في مصلحته ومصلحة الجهة المنتجة. ومنى زكي ممثلة جيدة وعطاؤها يزيد كلما تقدمت في السن. نحن لم نشاهد (الأندر وير) الذي تسبب بالهجوم عليها بل كان هناك إيحاء للمشاهد بأنها خلعته".
وتنفي الشمعة وجود منافسة بين الممثلات السوريات وتعتبر بأن كل ممثلة لها دور وشخصية، ولكنها تؤكد في المقابل إعجابها بالفنانة أمل عرفة "هي ممثلة سوريا الأولى، لأنها قادرة على تقديم كل أنواع الدراما والكوميديا وتملك كاريزما ليست موجودة عند الممثلات الأخريات، كما أنها تكتب وتغني. وأنا أيضاً غنيت في كل أعمالي المسرحية والسينمائية ولكني لست مطربة بل مؤدية بارعة".
محاربة الوسط الفني
وتنفي الشمعة تعرضها لحادثة تسببت في تشوه وجهها، وتوضح "أنا لم أتشوه ولكنني تعرضت للسرقة خلال وجودي في مهرجان القاهرة السينمائي. وكل ما أثير حول هذا الموضوع هو مجرد شائعات يقف وراءها الوسط الفني ومحاربته لي، لأن الجمهور حملني أنا وسيارتي في الشارع، ولأن اسمي كفيل بتوزيع أي عمل أشارك فيه، ولأنني طاقة فنية كبيرة وأثق بموهبتي. ومن حاربوني أصبحوا اليوم نجوماً في سوريا وهم كانوا قد شاركوا معي بمشهدين في فيلم (الشمس في يوم غائم) الذي فزت عنه بجائزتين في مصر وموسكو، وهو من كتابة حنا مينا وإخراج محمد شاهين زوج الفنانة منى واصف، التي شاركتني بطولة الفيلم أيضاً، وأنا أحبها وأحترمها كثيراً".