تزامناً مع ما يشهده مسرح العمليات العسكرية في اليمن من تغير في معادلة الحرب، تواصل قوات ألوية اليمن السعيد التابعة للمنطقة العسكرية الخامسة في الجيش اليمني، بإسناد بري وجوي من التحالف العربي، تقدمها الميداني في مدينة حرض الحدودية مع السعودية في محافظة حجة شمال غربي البلاد، في مساع إلى تحرير المدينة من قبضة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، تزامناً مع مواجهات موازية تخوضها القوات الشرعية في محافظة الجوف أقصى الشمال.
وأعلن الجيش اليمني، الأربعاء، إحراز تقدم ميداني بالسيطرة على مرتفعات وسلسلة جبلية في شرق حرض إثر معارك مع الحوثيين.
"الهيجة" الاستراتيجية
وذكر المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية عبر "تويتر" أن "قوات الجيش وألوية اليمن السعيد تحقق تقدماً جديداً شرق مديرية حرض بمحافظة حجة، وسط انهيار وخسائر بشرية ومادية كبيرة في صفوف ميليشيات الحوثي".
وأضاف أنه "تم تحرير سلسلة جبال الهيجة الاستراتيجية شرق معسكر المحصام إلى الشرق من مديرية حرض، ومصرع وإصابة عشرات من الميليشيات".
ويأتي التقدم الميداني الجديد للقوات الحكومية بعد أيام من توغلها في الأحياء الشرقية والجنوبية والغربية بمدينة حرض، ثاني كبرى مدن المحافظة المحاذية للسعودية، إثر هجوم من ثلاثة محاور بغطاء جوي من مقاتلات التحالف العربي، وسط مقاومة عنيفة من مسلحي الجماعة الحوثية التي تستميت لصد قوات الجيش، وسط انهيار وخسائر بشرية ومادية كبيرة في صفوفها، وفقاً لمركز الجيش اليمني الإعلامي.
إلا أن قناة "المسيرة" المتحدثة باسم الحوثيين نقلت عن قيادة الميليشيات قولها إنها نجحت في صد هجمات القوات التي "تسللت إلى بعض المناطق في محيط مدينة حرض".
تأمين المحرر
وأفاد موقع القوات اليمنية بقيام الجيش بتأمين أحياء مدينة حرض الجنوبية والشرقية، وانتقال المعارك إلى قلب المدينة، مؤكداً تضييق الحصار على ميليشيات الحوثي داخلها، كما سيطرت قوات الجيش على جبال "الهيجة" شرق حرض.
الاستسلام أو الموت
وكان الإعلام العسكري للمنطقة العسكرية الخامسة في الجيش اليمني بث الأربعاء الماضي تصريحات لقائد المنطقة اللواء الركن يحيى حسين صلاح، أعلن فيها تطويق المدينة بعد السيطرة على المعسكر المطل على حرض شرقاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكد القائد اليمني أنه بعد العملية العسكرية التي أطلقتها قوات المنطقة العسكرية باتت المدينة محاصرة، متوعداً عناصر الميليشيات بالموت في حال عدم تسليم أنفسهم بعد قطع خطوط إمدادهم.
معارك أخرى
وفي عمليات موازية توسعت المعارك العنيفة التي يخوضها الجيش مسنوداً بمقاتلي القبائل على حدود مديرية "الحزم" مركز محافظة الجوف، عقب شنه هجوماً على مواقع الحوثيين شرق المدينة، فيما حاول الحوثيين بثلاث هجمات متتابعة اختراق تحصينات الجيش والقبائل في منطقة "لعيرف".
وأضاف إعلام الجيش أن ميليشيات الحوثي خسرت عدداً من عناصرها في الهجوم، عقب قيام الجيش بتنفيذ هجوم مضاد تمكن خلاله من الوصول إلى أطراف "جبل لقشع" والسيطرة على مواقع متقدمة، بالتزامن مع تقدم ميداني كبير محرز في "وادي الجفرة".
من الأرض والجو
وفي إطار تعدد المعارك ضد مسلحي الحوثي، استهدفت مدفعية القوات الشرعية طقمين عسكريين للميليشيات الحوثية أدى إلى مصرع من كانوا على متنهما.
فيما أعلن تحالف دعم الشرعية تدمير 22 آلية عسكرية للميليشيات عبر تنفيذ 26 عملية استهداف في مأرب وحجة خلال الـ 24 ساعة الماضية، وجاء ذلك بينما أحبطت قوات الشرعية هجمات حوثية في محافظة الضالع.
واستهدفت غارات لمقاتلات تحالف دعم الشرعية تعزيزات عسكرية وأهدافاً ثابتة للحوثيين في مواقع متفرقة على امتداد الجبهة من شرق الجوف حتى غرب مأرب، كبدت الميليشيات الإرهابية خسائر بشرية ومادية كبيرة، وفقاً لبيان نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس).
ما أهمية "حرض"؟
وتشكل مدينة حرض قيمة استراتيجية لوقوعها على الحدود مع السعودية، وبها منفذ الطوال البري مع الرياض، وأغلق المنفذ عام 2015 بعد تحويل الحوثيين المدينة إلى قاعدة عسكرية يستهدفون عبرها مدن جنوب المملكة بالمقذوفات والصواريخ.
وتكمن أهمية المدينة كذلك في توسطها محافظات يمنية عدة مثل صعدة وعمران والحديدة الساحلية المطلة على البحر الأحمر، وهي المناطق التي تمثل العمق الاستراتيجي والمخزون البشري للميليشيات الحوثية، الأمر الذي سيجعل من خسارتها نقطة تحول قد تكون عواقبها قاسية على الحوثي.
تشتيت القدرات الحوثية
يذكر أن قوات الجيش وألوية العمالقة حققت خلال الأسابيع الماضية تقدماً ملحوظاً في جبهات القتال بمحافظات شبوة ومأرب وحجة خلال عملية واسعة كبدت الميليشيات خسائر فادحة.
وفيما كان الحوثيون يرقبون تحركات عسكرية محتملة للشرعية في مناطق أخرى، ومنها مواصلة التقدم العسكري المحرز لقوات ألوية العمالقة والجيش في جبهات جنوب مأرب (شرق) الذي بدأته خلال الأسابيع الماضية، سجلت قوات المنطقة العسكرية الخامسة، الجمعة، تحركات مفاجئة على جبهات حرض بعد توقف العمليات القتالية هناك لما يقارب العام، وهي العملية التي اعتبرها مراقبون خطوة لمباغتة الميليشيات الحوثية لتشتيت قدراتها العسكرية التي ألقت بثقلها في مأرب والساحل الغربي ومحافظة تعز.
عام الانتقال النوعي
يأتي هذا عقب يومين من تصريح لوزير الدفاع اليمني قال خلاله إن "العام 2022 سيكون عام الانتقال النوعي في سير المعركة الوجودية مع المشروع الإيراني وميليشيات الحوثي في البلاد".
وقال الفريق الركن محمد المقدشي إن "الجيش قادر على صناعة التحولات الوطنية بفضل تضحياته والتفاف كل الشرفاء والأحرار ودعم الأشقاء في التحالف العربي".
من الدفاع إلى الهجوم
بتغيير معادلة الحرب من الدفاع إلى الهجوم، فرض الجيش اليمني واقعاً جديداً في مسرح العمليات القتالية غيرت مجرى السيطرة الميدانية على نحو سريع ومفاجئ لمصلحة الشرعية المعترف بها دولياً، لتكشف عن انهيارات عسكرية واسعة بين صفوف مقاتلي العناصر الموالية لإيران عقب أيام من طردهم من شبوة، وأجزاء من مأرب والاتجاه نحو فك الخناق عنها، وكلتاهما غنيتان بالنفط، التي تواجه ضغطاً حوثياً متواصلاً منذ فبراير (شباط) العام الماضي.