حذر المنظمون الماليون في أوروبا من أن سوق الإسكان في المنطقة، والتي "انفصلت" عن بقية قطاعات الاقتصاد، باتت على المحك منذ اندلاع الوباء، وهو ما أدى إلى زيادة المخاطر على البنوك بسبب ارتفاع أسعار العقارات، وتخفيف معايير الإقراض، وارتفاع مستويات ديون الأسر.
وأشار مجلس المخاطر النظامية الأوروبي، وهو السلطة المسؤولة عن مراقبة ومنع المخاطر التي يتعرض لها النظام المالي الأوروبي، إلى قلقه، من خلال دعوة 7 من الدول الـ30 التي يشرف عليها، إلى اتخاذ إجراءات للحد من المخاطر الناجمة عن ارتفاع أسعار المنازل المدفوع بأسعار الفائدة المنخفضة، حيث واصلت أسعار العقارات السكنية في الاتحاد الأوروبي صعودها بنسبة 9.2 في المئة، حتى سبتمبر (أيلول) 2021، وهو أسرع نمو منذ ما قبل الأزمة المالية لعام 2008 مباشرةً، وهو نمو سبق أيضاً في كل من الأجور الأوروبية والناتج المحلي الإجمالي.
ومع ذلك، عندما بدأ الوباء في عام 2020، أزال معظم المنظمين الماليين الأوروبيين التدابير المصممة لزيادة مرونة البنوك في مواجهة التصحيح المحتمل في أسواق الإسكان عن طريق تكوين رأس مال إضافي في الأوقات الجيدة حتى يتمكنوا من امتصاص الخسائر في الأزمات.
"المركزي الأوروبي" وتشديد السياسات النقدية
وبينما يستعد البنك المركزي الأوروبي لتشديد السياسة النقدية استجابةً لمستويات التضخم المرتفعة منذ عقود، من المقرر أن ترتفع تكاليف الاقتراض لمشتري المنازل، مما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار، ويجعل من الصعب على بعض الأسر مواكبة المدفوعات على معدل متغير الرهون العقارية.
ودعا مجلس المخاطر النظامية الأوروبية (ESRB)، ألمانيا والنمسا إلى تقديم مزيد من الضمانات، مثل وضع حد أقصى لديون المقترضين بمضاعفة دخلهم وإجبار المقرضين على الحصول على مزيد من رأس المال. كما حذر المجلس، بلغاريا وكرواتيا والمجر وسلوفاكيا وليختنشتاين من زيادة مخاطر سوق الإسكان.
وشملت "نقاط الضعف الرئيسة" التي حددها، "النمو السريع في أسعار المنازل والمبالغة المحتملة في تقييم العقارات السكنية، ومستوى وديناميكيات مديونية الأسر، ونمو الائتمان السكني، وعلامات تخفيف معايير الإقراض".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يذكر أن قرارات مجلس المخاطر النظامية الأوروبية، برئاسة كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، ليست ملزمة، ويمكنها فقط إصدار تحذيرات وتوصيات للبلدان حول الحاجة إلى التصرف بشأن مخاطر سوق الإسكان، كما فعلت منذ عام 2016.
وكانت ديون الأسر ارتفعت في الاتحاد الأوروبي، كنسبة من الدخل إلى 107.2 في المئة في الربع الأول من عام 2021، مقارنةً بـ101.9 في المئة في الربع الرابع من عام 2019.
مخاطر سوق الإسكان في أوروبا
وقال المجلس إن مخاطر سوق الإسكان ارتفعت أيضاً في النرويج وهولندا والسويد والدنمارك ولوكسمبورغ، حيث سجلت أعلى مستويات ديون الأسر، وتجاوزت 180 في المئة من الدخل في تلك البلدان الخمسة. وأصدرت توصيات لأربع من تلك الدول في عام 2019، بينما تعتقد أن النرويج اتخذت إجراءات كافية بالفعل.
وفي حين تلقت ألمانيا والنمسا بالفعل نتائج المجلس، واستجابت بخطط لتقديم بعض التدابير التي أوصت بها، وستحتاج البنوك الألمانية إلى الحصول على 22 مليار يورو (24.9 مليار دولار أميركي) من رؤوس الأموال الوقائية الإضافية بحلول عام المقبل، بناء على حجم أصولها المحلية وانكشافها على الرهن العقاري السكني، على الرغم من أن معظمها يفي بالفعل بالمتطلبات.
وتخطط السلطات النمساوية لإدخال قواعد ملزمة قانوناً تحد من الرهون العقارية التي يمكن للناس اقتراضها في ما يتعلق بدخلهم وقيمة العقار، بالإضافة إلى المدة التي يتعين عليهم سدادها، بعد أن تجاهلت بنوك عدة "معايير الإقراض المستدام" غير الملزمة.
ولم يذهب أي من البلدين إلى حد ما أوصى به مجلس المخاطر النظامية الأوروبية، فلم تضع ألمانيا قيوداً على إقراض الرهن العقاري، في حين قررت النمسا عدم مطالبة البنوك بتكوين رأس مال إضافي، المعروف باسم "العازلة" لمواجهة التقلبات الدورية.
من جانبها، صرحت كلوديا بوخ، نائبة رئيس البنك المركزي الألماني، لصحيفة "فايننشال تايمز"، الشهر الماضي، بأنه إذا لم تفكر البنوك في البلاد "مرتين" بشأن الاتجاه الأخير، بالنسبة للبعض، لتقديم قروض عقارية للقيمة الكاملة للعقار بإيداع ضئيل أو معدوم، يمكن أن تواجه قيوداً ملزمة قانوناً بشأن المبلغ الذي يمكنها إقراضه مقابل الممتلكات.