شهدت الساحة الدرامية دخول عمل جديد يعتبره البعض وريث مسلسل "سكويد غايم" Squid Game الشهير - أو أن الأمر كذلك على الأقل بالنسبة إلى مستخدمي "تويتر".
مسلسل "كلنا أموات" All of Us Are Dead، أحدث عمل كوري جنوبي وصل إلى "نتفليكس" أخيراً، هو العرض الأكثر رواجاً على المنصة في الوقت الحالي، بحيث يتابع المشاهدون بشغف دراما الموتى الأحياء الدموية المحمومة هذه. وقد تشكلت بالفعل تحالفات لدعم المسلسل. جادل أحد مستخدمي "تويتر" الذي انحاز إلى المسلسل الجديد ضد العمل الكوري الآخر الذي عرضته الشبكة العام الماضي بأن "’كلنا أموات‘ يستحق إشادة أكثر من ’سكويد غايم‘". بينما ظل مشاهدون آخرون على ولائهم، فقال أحدهم: "كلنا أموات ليس سكويد غايم الجديد... أحد الاختلافات بين العمل هو أن سكويد غيم كان جيداً بالفعل". لكن معظم المتابعين يرحبون بالمقارنة بين الاثنين، قائلين: "حسناً، إذا أحببتم العمل الأول، شاهدوا الثاني".
من الطبيعي أن يقوم الجمهور بالمقارنة بين المسلسلات. تُعدّ عبارة "هذا العمل أفضل من ذلك العمل ولكنه ليس بجودة السلسلة الفلانية" مقياساً مفيداً لتقييم الأعمال التي نشاهدها. تعتبر الموازنة بين الأنواع والأصناف الفنية المتشابهة طريقة سهلة لاختيار المسلسل التالي الذي سننغمس في مشاهدته (تعتبر أداة اقتراح العناوين بناء على الأعمال التي شاهدناها للتو عبر "نتفليكس" أداة فاعلة بشكل واضح). ولكن عندما يتعلق الأمر بالمحتوى غير الناطق باللغة الإنجليزية - والعدد الصغير من العناوين التي تحتفظ بها الذاكرة الجماعية لهذا المحتوى - فإن الرغبة الملحة بالمقارنة تختزل بشدة قائمة الأعمال المتنافسة. من المؤكد أن حبكة "كلنا أموات"، مثلها مثل "سكويد غايم"، هي عن مغامرة للبقاء على قيد الحياة، لكن العمل يستحق أن يقيّم بناء على المزايا التي يتمتع بها. إنه عمل جيد بما يكفي ليستغني عن مقارنته بـ"سكويد غايم".
الفكرة الرئيسة لكلا العملين هي قصة إثارة مسلية تدور حول مجموعة من الأشخاص يقوم أفرادها بقتل بعضهم البعض. لكن على خلاف "سكويد غايم" - الذي يستفيد من نمط الأعمال المبنية على "ألعاب مميتة" تُدخل المتسابقين في منافسات مخيفة ومقززة (مثل سلسلتي أفلام "سو" Saw و"مباريات الجوع" The Hunger Games) - فإن "كلنا أموات" هو قصة موتى أحياء خالصة. الأجواء التي تدور فيها أحداث العمل واضحة وبسيطة: تتعرض فتاة في المدرسة لعضة جرذ مصاب بداء الكلب بشكل واضح، كان أستاذ علوم يبدو أنه ماكر يحتفظ به في الفصل الدراسي. ثم تتحوّل الفتاة إلى كائن ميت حي لا تمكن السيطرة عليه وتبدأ فجأة برؤية زملائها في الفصل على أنهم وجبة شهية معروضة أمامها. الحلقة الأولى المصاغة بمهارة، تعرّفنا إلى الضحايا المحتملين في العمل وتملي علينا التحالفات التي ينبغي أن نشكلها: من هم الأشخاص الذين يجب أن نقف في صفهم ومن هم الذين يكون الفرح لموتهم المتوقع مبرراً من الناحية الأخلاقية.
المسلسل الذي كتبه تشان سانغ إيل، مضحك ومتيقظ بطريقة تضفي حيوية على هذا النوع الدرامي المستهلك بشدة. في مشهد من المشاهد، تحاول مراهقة جادة الاتصال بخدمة الطوارئ باستخدام هاتف "آيفون" خاص بزميلتها في الصف، وكي تتمكّن من تفعيل الجهاز بواسطة خاصية بصمة الوجه، تقوم بوضعه أمام نافذة ملطخة بالدماء كانت زميلتها صاحبة الهاتف - المتعطشة لأكل اللحم البشري - تضرب رأسها بها بشكل متكرر. يشير المسلسل بوضوح إلى أعمال سابقة من هذا النوع، عندما يحاول الطلاب الخائفون إطلاق اسم على حالة الفوضى المحيطة بهم. يقترح أحد الفتيان "إنها أشبه بـ’القطار إلى بوسان‘ Train to Busan"، في إشارة إلى فيلم الإثارة الكوري الذي أخرجه يون سانغ هو عام 2016 والذي يوصف غالباً بأنه أفضل فيلم موتى أحياء على الإطلاق. يسأل أحد الطلاب: "حسناً، لماذا لا نرى [كائنات الموتى أحياء] في المدرسة؟" فيردّ زميله: "لا بد من أنهم يعملون في السينما".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يعطي "كلنا أموات" الأولوية للحدوتة على الرسائل السياسية. (إذا كنا سنجري مقارنات، فستكون هذه النقطة هي الأبرز، بحيث يختلف المسلسل بشكل ملحوظ عن "سكويد غايم" ورسالته المعادية للرأسمالية بشكل صريح). وفي نهاية المطاف، القصص الميلودرامية التي تدور أحداثها في المدارس الثانوية تُعدّ مادة ممتازة للمسلسلات التلفزيونية الرائعة.
ومثلما تعلمنا من العدد الذي لا يُحصى من أفلام الإثارة الأخرى التي يقوم مراهقون ببطولتها - من مسلسل "ملك الذباب" Lord of the Flies، مروراً بالفيلم الياباني الكلاسيكي الشعبي "المعركة الملكية" Battle Royale ووصولاً إلى الدراما الرائجة "دبابير الستر الصفراء" Yellowjackets التي تدور حول أكلة لحوم البشر - فإن بيئة المدارس الثانوية والشخصيات الموجودة فيها تمثل بشكل فاعل عالماً مصغراً تمكن فيه مراقبة انهيار الحضارة عن كثب. (إضافة إلى ذلك، يمكننا تقبّل عبارات من قبيل "اصمتي أيتها الزومبي العاهرة" فقط من أشخاص تقلّ أعمارهم عن 18 سنة). بسبب كل هذه العناصر الداخلة في تركيبة "كلنا أموات"، فإن العمل يُعتبر دراما مراهقين. يمكنكم تدريجاً التأكد من احتوائه على كل مكونات هذا النوع من الأعمال: الطالبة المتفوقة، الشخصية المتنمرة، الفتاة الخجولة، الطالبة الفاشلة، الشخصية الفكاهية. كذلك تبرز العلاقات بين الطلاب، يحيث يتحول الإعجاب الطفولي إلى حوارات تحمل رسائل عن التصدع السياسي يقولها الأبطال في لحظات حاسمة بين الحياة والموت.
ولكون هذا العمل حكاية عن الموتى الأحياء، تحدث فيه مواقف كثيرة تكون فاصلة بين الحياة والموت. "كلنا أموات" مسلسل عنيف بمواقفه. إنه عمل متوحش. إنه مروع ومليء بمناظر الدماء، التي تلطخ زي الأطفال المدرسي الأخضر الباهت - لكن العنف الذي فيه ممتع بشدة أيضاً. في العموم، فإن الشخصيات التي تتعرّض للوحشية هي إما شخصيات هامشية في المسلسل أو من الأموات الأحياء (الزومبي) عديمي الشعور. هذا يعني أنكم إذا كنتم من محبي مشاهدة الدماء، فلديكم مطلق الحرية للاستمتاع بمذبحة مصورة طريفة غير مصحوبة بعواطف مفرطة. (بالطبع، هناك مواقف مفجعة استثنائية مع تطور أحداث المسلسل، لكنكم على الغالب ستتلذذون بمشاهد العنف الفوضوي).
صحيح أنه من المرجح أن ينغمس محبو "سكويد غايم" في التقوقع المماثل لمسلسل "كلنا أموات" ووحشيته الصارخة. وصحيح أيضاً أن العمل الأخير قد يستفيد على الأرجح من مثل هذه المقارنات، بخاصة بالنسبة إلى الأشخاص مثلي المستعدين لتقبّل الأمر بكل رحابة صدر. لكن بإمكان أعمال حديثة أخرى عن الموتى أحياء أن تدخل في هذه المقارنة بدلاً منه: أحدها مسلسل "في الصميم" In the Flesh الذي قررت "بي بي سي" بشكل مجحف وقف إنتاج جزئه الثالث لأسباب تمويلية، والعمل الآخر هو مسلسل "الفجر" Daybreak الذي طرحته "نتفليكس" عام 2019. بالتأكيد، هذه ليست إنتاجات كورية، لكن مقارنتها بـ"كلنا أموات" بدلاً من "سكويد غايم" ستكون مفيدة بالقدر ذاته إن لم يكُن أكثر. ومع اتساع الخيارات التلفزيونية والسينمائية العالمية المتاحة أمامنا، ربما يمكننا التحرر من المقارنات العشوائية التي تقول إن العمل "أ" هو النسخة الجديدة من العمل "ب". وعلى عكس ما قد توحيه لكم عناوين الأخبار أو قائمة "نتفليكس" للأعمال العشرة الأكثر مشاهدة، فمن الممكن أن تضم الساحة في الوقت ذاته أكثر من مسلسل واحد رائع غير ناطق بالإنجليزية .
مسلسلا "كلنا أموات" و"سكويد غايم" متاحان للمشاهدة حالياً عبر منصة "نتفليكس".
© The Independent