أكثر من 20 مصرياً فقدوا حياتهم منذ مطلع العام الحالي، بسبب تسرب الغاز أو ما أطلق عليه "القاتل الصامت" الذي يحصد أرواح الضحايا في دقائق مختنقين داخل منازلهم دون مقدمات، بينما كانوا يبحثون عن الدفء في فصل الشتاء.
وأدت الوقائع التي شهدها عديد من المحافظات المصرية إلى مصرع أكثر من 20 وإصابة 15 آخرين، بحسب رصد أجرته "اندبندنت عربية" وفقاً لما أعلنته الشرطة المصرية من حوادث خلال الأسابيع الماضية. وكان من بين الضحايا عروسان صباح حفل زفافهما، إلى جانب 3 مسنات أصغرهن تبلغ 56 سنة، و7 من أسرة واحدة، في حي الشرابية في العاصمة القاهرة.
ولقيت محامية مصرية مصرعها مختنقة أثناء نومها، الأحد الماضي، بعد تسرب غاز داخل شقتها السكنية في مدينة الشروق في العاصمة القاهرة، وقبل أسبوعين تكررت حوادث "القاتل الصامت" في عدد من المحافظات، لينهي حياة 10 أشخاص في أقل من 24 ساعة فقط، حيث لقي زوجان في مدينة فايد في الإسماعيلية مصرعهما إثر استنشاقهما غاز ثاني أكسيد الكربون، الناتج من موقد للتدفئة داخل غرفة نومهما، كما عثر على جثتين لربة منزل وابنتها، تعرضتا للاختناق داخل غرفة في الهرم في محافظة الجيزة، كما توفيت سيدة تعرضت للاختناق خلال الاستحمام في المنيرة الغربية بالجيزة.
وفقدت أسرة كاملة مكونة من أب واثنين من أبنائه، حياتهم بمحافظة المنوفية، شمال القاهرة، بعد تسرب الغاز من المدفأة، كما وقعت حادثة مماثلة أيضاً في محافظة البحيرة شمال القاهرة، وتوفي على إثرها مزارع وزوجته وأصيب ابنهما باختناق، في إحدى قرى كفر الدوار.
وكشفت وزارة الداخلية المصرية، في بيان لها "أن حالات الاختناق والوفاة بسبب تسريب الغاز تتزايد في الشتاء، إما بسبب سخان المياه في الحمام، أو المدفأة وغيرها من الأجهزة التي تعمل بالغاز الطبيعي".
مصادر التسرب
بحسب شيرين غالب، نقيب أطباء القاهرة، وأستاذ الطب الشرعي والسموم الإكلينيكية بكلية الطب جامعة القاهرة (قصر العيني)، "فإن هناك 4 أشياء تسبب الوفاة دون وعي بخطورتها، وهي سخان المياه الذي يعمل بالغاز الطبيعي، البوتاغاز (موقد إعداد الطعام)، واشتعال الفحم في مكان مغلق، وكراج السيارات المغلق"، موضحة في تصريحات، نشرتها صحف محلية، "أن تلك الأشياء تؤدي إلى تصاعد غاز أول أكسيد الكربون، الذي يدخل الجسم ويرتبط بالهيموغلوبين في الدم 200 مرة ضعف قوة الأكسجين، ويمنع وصوله إلى الخلايا، ما يؤدي إلى تأثر المخ والقلب والرئة والكبد والكلى، وكل أعضاء الجسم وصولاً للعضلات، ثم الوفاة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضحت غالب "أن خطورة استنشاق غاز أول أكسيد الكربون مستمرة مع الناجين من الوفاة لتسببه في عدد من المضاعفات، بينها النسيان، والشلل الرعاش، واختلال في الحركة، إضافة إلى الأمراض العقلية والاكتئاب"، مشددة على "ضرورة الحرص على خلق منافذ تهوية جيدة في الغرف والحمامات، وفتح النوافذ للسماح بتجدد الهواء بشكل مستمر مع التأكد من غلق مصادر الغاز بصورة دورية".
نفي حكومي
من جانبها، نفت الحكومة المصرية أن تكون وصلات الغاز الطبيعي لسخانات المياه في المنازل هي السبب في حالات الاختناق للمواطنين، وذكر بيان للمركز الإعلامي لمجلس الوزراء أنه "رداً على ما تردد حول مسؤولية تلك الوصلات بحالات الوفاة التي حدثت أخيراً، تواصل المركز مع وزارة البترول التي أكدت سلامة وجودة كافة توصيلات الغاز الطبيعي في المنازل ومطابقتها لمعايير الأمان العالمية"، مؤكدة "أن الغاز الطبيعي غير سام وله رائحة مميزة تكتشف عند التسريب"، وشددت على "أن حالات الاختناق التي تم رصدها لا علاقة لها بتسريب في وصلات الغاز الطبيعي في المنازل".
توعية حكومية
ومع توالي حالات الوفاة اختناقاً بالغاز، نشر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء تقريراً عن التعامل الآمن مع الأجهزة المنزلية التي تعمل بالغاز الطبيعي، مؤكداً "أنه صديق للبيئة وآمن للاستخدام"، موضحاً أن "هناك عدداً من الممارسات الخاطئة من البعض في استعماله اليومي لتلك الأجهزة، وهي السبب الرئيس في وقوع حوادث الاختناق".
وشدد مجلس الوزراء على "ضرورة وجود منافذ تهوية جيدة داخل الغرف التي فيها أجهزة تعمل بالغاز، إلى جانب عدم محاولة إيصالها بمصدر الطاقة دون وجود عامل أو فني متخصص تابع لوزارة البترول للتأكد من عدم حدوث تسريب".
كما تضمن التقرير إرشادات عن كيفية تصرف المواطنين عند شعورهم بتسريب للغاز، أبرزها فتح النوافذ وغلق جميع مصادر الغاز وترك المنزل والتواصل مع أرقام الطوارئ الخاصة بشركة الغاز، مؤكداً "أن الشركات المصرح لها بالعمل في توصيل الغاز بالمنازل تطبق جميع المعايير العالمية".
كما أوصت إدارة الحماية المدنية في وزارة الداخلية المصرية، في بيان لها، المواطنين "بتوخي الحذر بسبب تسرب الغاز ووقوع عديد من الضحايا والمصابين نتيجة الاختناق"، مشيرة إلى "ضرورة الكشف الدوري عن صلاحية الأنابيب (المواسير) الخاصة بنقل الغاز للمنازل، إلى جانب تهوية المنازل بصفة مستمرة، وعدم استعمال الكهرباء عند الشعور بوقوع تسرب للغاز تجنباً لاشتعال الحرائق". وشددت، على "الاحتراز أثناء تشغيل سخانات الماء بشكل دائم لمنع حدوث حوادث الاختناق، وتسرب غاز أول أكسيد الكربون، مع ضرورة التأكد من فتح النوافذ".