في مايو (أيار) 2021، تسببت الاعتداءات الإسرائيلية على أهالي ومنازل سكان حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، في نشوب عملية عسكرية بين الفصائل المسلحة على ساحة قطاع غزة والجيش الإسرائيلي، واستمرت المواجهة 11 يوماً، وانتهت بعد تدخل الولايات المتحدة الأميركية ومصر والأمم المتحدة.
وعلى إثر إصدار المحاكم الإسرائيلية قرار إخلاء نحو 32 منزلاً يعود لعائلات فلسطينية في حي الشيخ جراح، عاد التوتر مجدداً بين السكان والمستوطنين، الأمر الذي دفع قوات الجيش الإسرائيلي إلى فرض الإغلاق الكامل على الجزء الغربي من الحي وتحويله إلى ثكنة عسكرية.
إسرائيل تتوقع عدم تدخل غزة
هذا التوتر في حي الشيخ جراح، يشبه بشكل كبير الوضع الذي أشعل عملية مايو العسكرية، والذي على إثره تدخلت الفصائل المسلحة للرد عسكرياً على الاعتداءات في القدس، الأمر الذي رفع ترجيحات اندلاع مواجهة مسلحة جديدة، فما يحدث حالياً يشبه تماماً الأحداث التي سبّبت العملية العسكرية الأخيرة.
في إسرائيل، تقدر المنظومة الأمنية أن حركة "حماس" والفصائل الأخرى في غزة، لا ترغب في تصعيد عسكري جديد في قطاع غزة، وترجح تقديرات قيادة تل أبيب أن الفصائل ترغب في الهدوء وتنشغل حالياً في تطوير قدراتها الصاروخية وترميم الأنفاق الهجومية، إلا أن ذلك لم يمنع الجيش الإسرائيلي من رفع حالة التأهب في المنطقة الجنوبية المحاذية لغزة على خلفية أحداث حي الشيخ جراح.
وبعيداً من التوقعات، هدّدت حركة "حماس" بالفعل إسرائيل، وبعثت لها رسائل تحذيرية بأن الإجراءات الحالية في القدس الشرقية تعد لعباً في النار، ونقلت ذلك إلى تل أبيب عبر الوسطاء.
رسائل "حماس" للوسطاء
يقول عضو المكتب السياسي في حركة "حماس" هارون ناصر الدين إنهم أرسلوا للوسطاء تحذيرات لإسرائيل وأن ما يقوم به المستوطنون والجيش في حي الشيخ جراح يعد لعباً بالنار، ويجر المنطقة إلى توتر شامل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويضيف "ما حدث في قتال مايو قد يتكرر مضاعفاً إذا بقيت الاعتداءات الإسرائيلية مستمرة في حي الشيخ جراح، وعلى قيادة تل أبيب الأمنية أن تتجرع وتتخيل شكل المعركة المقبلة".
ويتابع ناصر الدين "الاقتحامات في القدس قد تشعل فتيل اندلاع مواجهة عسكرية، ولن نتردد في ذلك من أجل استعادة حقوق الفلسطينيين، لذلك على الجيش الإدراك بأن صبر الفلسطينيين محدود، وتصاعد الأحداث ينذر بعملية عسكرية ثانية".
ومثل حركة "حماس"، هدّدت بقية الفصائل الفلسطينية إسرائيل في الاستمرار بالاعتداء على سكان حي الشيخ جراح، وتوعدت بتصاعد المقاومة الشعبية على امتداد الضفة والقدس وغزة.
إسرائيل تتوعد بضرب غزة
تهديدات الفصائل الفلسطينية في غزة، قابله تهديد إسرائيلي، وفقاً للمعلومات المتوافرة فإن القيادة الأمنية في تل أبيب حذّرت عبر الوسطاء حركة "حماس" والفصائل المسلحة الأخرى من التدخل في أحداث القدس والضفة الغربية، وأن أي محاولة في ذلك يعني جر المنطقة بكاملها لضربة عسكرية غير متوقعة.
في سياق متصل، يبدو أن توقعات إسرائيل الأمنية وتهديداتها في ضرب غزة عسكرياً لم تؤثر كثيراً مع الفصائل المسلحة، إذ يقول عضو المكتب السياسي في حركة "الجهاد الإسلامي" خالد البطش إن تهديدات تل أبيب بنقل ما يجري في الضفة والقدس لعملية عسكرية في غزة لن يخيف الفصائل، بينما يدلل على وحدة الأراضي الفلسطينية، لافتاً إلى أن الفصائل لن تصمت طويلاً على ما يجري في حي الشيخ جراح، ولن تقف مكتوفة الأيدي إذا استمر التنكيل والتطهير العرقي بحق نساء ورجال فلسطين.
ويضيف البطش "إسرائيل تراهن على الهدنة الحالية، لكن في الواقع لا قيمة لأي حديث عن تهدئة في ظل الجرائم المرتكبة في حي الشيخ جراح، لأن ما يحدث هناك أبشع تطهير عرقي في القرن الجاري".
توتر بالقرب من الحدود بدل العملية العسكرية
وبحسب البطش فإن الفصائل الفلسطينية تواصلت مع جميع الوسائط بمن فيهم المصريون لإبلاغهم أن المشهد في حي الشيخ جراح بالغ الخطورة، وأنهم لن يقفوا متفرجين على الانتهاكات في القدس، والجميع جاهز للبدء في معركة عسكرية جديدة إذا تطلب الأمر رداً على ما يجري.
لكن وفقاً للتوقعات، فإن غزة قد تلجأ إلى توتر الحدود بدل من خوض عملية عسكرية واسعة قد تكون أقسى من تلك التي نشبت في مايو (أيار) الماضي.
ويؤكد البطش بأنهم يفكرون بذلك، إذ تدرس الفصائل لترتيب فعل جماهيري حاشد شرق غزة بالقرب من الحدود مع إسرائيل، للضغط على قيادة تل أبيب وقف الانتهاكات في النقب والضفة الغربية والقدس ورفض ما يجري في الشيخ جراح.
من جهة ثانية، فإن جميع هذه التهديدات قد لا تحدث، إذ تشير وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى وجود مساع لإبرام تسوية سلمية مع المستوطنين في حي الشيخ جراح، تنص على إخراج النائب في الكنيست إيتمار بن غفير من الحيّ، مقابل وضع حراسة دائمة بالقرب من منزل المستوطنين في الحي.