ارتفعت أسعار النفط، معوضةً خسائرها التي لحقت بها في الجلسة الماضية، في حين يقيم المستثمرون تصريحات متضاربة عن انسحاب محتمل لبعض القوات الروسية من حدود أوكرانيا وسط نقص المعروض العالمي وانتعاش الطلب على الوقود. وارتفع خام غرب تكساس الوسيط 1.87 دولار، إلى 93.94 دولار للبرميل بعد انخفاضه بنسبة 3.6 في المئة يوم أمس الثلاثاء، عقب إعلان موسكو. فيما حقق خام برنت 1.92 دولار، إلى 95.2 دولار للبرميل.
في أعلى المستويات
ويتم تداول النفط الخام قرب أعلى مستوى منذ عام 2014، حيث يراهن المستثمرون على أن الطلب العالمي يتقدم على العرض، مما يؤدي إلى استنزاف المخزونات وإجبار المتداولين على دفع علاوات باهظة للحصول على براميل فورية. وكانت أسعار الخام تراجعت بقوة في تعاملات أمس الثلاثاء في أكبر خسارة في يوم واحد هذا العام، بعد أن أعلنت روسيا انسحاباً جزئياً لقواتها من قرب أوكرانيا، وسط توازن للإمدادات العالمية وتعافي الطلب على الوقود.وبلغ الخامان أعلى مستوياتهما منذ سبتمبر (أيلول) 2014 يوم الاثنين فلامس سعر برنت مستوى 96.78 دولار للبرميل وخام غرب تكساس الوسيط 95.82 دولار للبرميل.وقفز سعر خام برنت 50 في المئة والخام الأميركي 60 في المئة في عام 2021، إذ أدى تعافي الطلب العالمي من تداعيات جائحة "كورونا" إلى الضغط على المعروض.
الأزمة الأوكرانية
ويحاول المستثمرون تقييم ما إذا كانت الأزمة الأوكرانية في طريقها للانفراج بعد أن قالت روسيا إنها سحبت بعض القوات من الحدود. وقوبل إعلان موسكو يوم الثلاثاء عن سحب جزئي للقوات من حدود أوكرانيا بالتشكيك، حيث حذر الرئيس الأميركي جو بايدن من أن أكثر من 150 ألف جندي روسي ما زالوا محتشدين بالقرب من الحدود. وقال جو بايدن "إن الولايات المتحدة لم تتحقق بعد من صحة الادعاء الروسي، وحذر من أن الهجوم الروسي لا يزال محتملاً، فيما نفت موسكو مراراْ أنها تخطط لغزو جارتها". وقال محللون "إنه بعيداً من التوتر في أوكرانيا، لا تزال سوق النفط ضيقة والأسعار لا تزال في طريقها نحو 100 دولار للبرميل".
جني الأرباح
من جانبه، قال رئيس الاستثمار في مجموعة "بروبيس" جوناثان بارات، "من الناحية الفنية، يمكننا أن نرى الأسعار تتجه عائدة إلى 90 دولاراً للبرميل عند جني الأرباح، لكنها ستتجه صعوداً نحو 100 دولار".وأضاف بارات لوكالة "رويترز"، معاودة الصعود المرتقبة تأتي مع عودة الاقتصاد إلى المسار الصحيح والمزيد من الطلب في ظل سوق ضيقة".
التقلبات سمة مميزة
وقال دانييل هاينز، كبير الباحثين الاستراتيجيين للسلع في مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية المحدودة، لوكالة "بلومبيرغ": "من المرجح أن تظل التقلبات سمة مميزة لسوق النفط".وأضاف: "بينما كان الخطاب إيجابياً الليلة الماضية، إلا أن المخاطر المتعلقة بالصراع في أوكرانيا لا تزال مرتفعة".
الاتفاق النووي
ويراقب المستثمرون أيضاً المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن إحياء الاتفاق النووي بين طهران وقوى غربية، وهو ما قد يسمح بزيادة في صادرات النفط الإيرانية.
المخزونات الأميركية
بينما تترقب الأسواق، الأربعاء، إعلان البيانات الرسمية الخاصة بالمخزونات البترولية ومستويات الإنتاج في الولايات المتحدة من قبل إدارة معلومات الطاقة الأميركية في تمام الساعة 15:30 بتوقيت غرينتش، تشير التوقعات إلى تراجع مخزونات النفط بحوالى 1.6 مليون برميل في مخزونات الخام التي هي عند أدنى مستوياتها في ثلاث سنوات.وأظهرت بيانات معهد البترول الأميركي تراجع مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة بنحو 1.1 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في 11 فبراير (شباط) الجاري في رابع انخفاض أسبوعي على التوالي متجاوزة توقعات الخبراء التي أشارت إلى انخفاض بحوالي 200 ألف برميل.وبحسب البيانات، انخفض إجمالي المخزونات التجارية لدى أكبر مستهلك للنفط في العالم إلى 415.3 مليون برميل وهو أدنى مستوى منذ الأسبوع المنتهي فى 12 أكتوبر (تشرين الأول) 2018.وانخفضت مخزونات البنزين 923 ألف برميل خلال الأسبوع الماضي، كما تراجع مخزون المقطرات 546 ألف برميل.
لا حلول عاجلة
من جهته، قال الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" محمد باركيندو، "إنه لا توجد حلول عاجلة للتعامل مع ارتفاع أسعار النفط".وأضاف باركيندو، في تصريحات للصحافيين على هامش مؤتمر ومعرض مصر الدولي للبترول "إيجبس" بالقاهرة، أن "هناك ارتفاعاً سريعاً في الطلب وعلينا التعامل مع ذلك، وإمدادات النفط الآن ليست كافية، ومهمتنا استقرار السوق وتحقيق التوازن"، لافتاً إلى أن تركيز المنظمة ينصب على استمرار تدفق الإمدادات الكافية إلى أسواق النفط العالمية، على رغم استمرار معاناة دول المنظمة من تراجع الاستثمارات في مشروعات التنقيب عن النفط وإنتاجه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع "لا شك في أننا مهتمون بضمان تأمين الإمدادات للسوق، فالمنظمة وحلفاؤها يعملون على ضمان استمرارنا كمصدر يعتمد عليه وموثوق فيه لضخ النفط في الأسواق العالمية".وأضاف "أن أعضاء تحالف "أوبك+" يكافحون من أجل تلبية أهداف الإنتاج الحالية"، موضحاً أن "المجموعة تجتمع شهرياً، وترصد الموقف في ما يتعلق بمستويات الامتثال للزيادة التدريجية 400 ألف برميل يومياً كل شهر".وعلى رغم الزيادة المطردة في الإنتاج، فإن دول "أوبك" تكافح للوصول إلى كميات الإمدادات المستهدفة، نتيجة نقص الاستثمارات بشكل أساسي. كما تعاني دول أخرى، مثل ليبيا، من الاضطرابات الداخلية والتي تؤثر في الإنتاج.وتابع باركيندو أن هذه الصعوبات إلى جانب التوترات الجيوسياسية في شرق أوروبا، ساعدت في استمرار ارتفاع أسعار النفط. وكانت "أوبك" قد ذكرت في تقرير صدر الأسبوع الماضي، أنها تتوقع نمو الطلب العالمي على الوقود بأكثر من نسبة الـ4.3 في المئة التي كانت تتوقعها للعام الحالي.
فجوة كبيرة
من جانبه، قال فاتح بيرول مدير وكالة الطاقة الدولية عن أمله في أن تقلص "أوبك+" الفجوة في المعروض، كما يأمل في أن تخفف زيادة إنتاج النفط من أميركا والبرازيل الضغط على الأسعار.وقال بيرول خلال مؤتمر بالرياض: يتعين على "أوبك" وحلفائها تضييق الفجوة بين أهدافهم الإنتاجية والإنتاج الفعلي. وأضاف "هناك فرقاً كبيراً بين الأهداف التي حددتها دول "أوبك+" من حيث مستويات إنتاجها وما يتم إنتاجه حالياً". وكانت وكالة الطاقة الدولية عدلت تقديرها الأساسي للطلب العالمي بالرفع بنحو 800 ألف برميل يومياً، أي أقل بقليل من 1 في المئة من سوق النفط العالمية البالغ حجمها 100 مليون برميل يومياً.