من المستطاع الكشف عن أن شركات الطاقة الست الكبرى في بريطانيا حققت أكثر من سبعة مليارات جنيه استرليني (9.5 مليار دولار) على هيئة أرباح تشغيلية خلال السنوات الخمس الماضية وحدها، فيما تعاني الأسر الأكثر فقراً في البلاد في دفع فواتير الغاز والكهرباء المتزايدة.
ومن المتوقع أن يرتفع سقف أسعار الطاقة، وهو الحد الأقصى الذي يمكن أن تفرضه شركة للمرافق على كل عميل سنوياً، بنسبة 54 في المئة، ما يعني أن الموردين يمكنهم إلقاء الزيادة في التكاليف على كاهل المستهلكين.
واستطراداً، وجد تحقيق أجرته "اندبندنت" أن خمساً من كبرى شركات الطاقة في المملكة المتحدة سجلت أرباحاً تراكمية قبل احتساب الفوائد والضرائب، بلغت 7.66 مليار جنيه.
وتظهر الأرقام، استناداً إلى تحليل للبيانات أُعدِّ لمصلحة "مكتب أسواق الغاز والكهرباء"، وهو الجهة التنظيمية، أن "أس أس إي"، و"سكوتيش باور"، و"إي أون"، و"إي دي أف"، و"سنتريكا"، والأخيرة تمتلك "بريتيش غاز"، حققت كلها أرباحاً تشغيلية.
ولوحظ أن "أن باور" التي استحوذت عليها "إي أون" في 2019، كانت الشركة الوحيدة التي سجلت في إيداعاتها لدى "مكتب أسواق الغاز والكهرباء" خسائر بين عامي 2016 و2019، وهي لا تزال تحت لواء الشركة الأم "آر دبليو إي".
واستكمالاً، سترتفع فواتير الكهرباء والغاز للأسر العادية بمقدار يتراوح بين 693 جنيهاً وألف و971 جنيهاً سنوياً في أبريل (نيسان) حينما يرفع "مكتب أسواق الغاز والكهرباء" سقف الأسعار. وكذلك تفيد الجهة التنظيمية بأن الزيادة "يحركها ارتفاع قياسي في أسعار الغاز العالمية على مدار الأشهر الستة الماضية". وأشارت الجهة التنظيمية أيضاً إلى أن السقف، المصمم لمنع الشركات من تحقيق أرباح مفرطة، سيرتفع ليصل إلى حوالي 22 مليون عميل.
وفي ذلك الصدد، طالب حزب العمال بفرض ضريبة غير متوقعة على شركات النفط والغاز في بحر الشمال، لكن هناك بعض الدعوات إلى فرض ذلك الإجراء على كبرى الجهات الموردة للطاقة أيضاً. وفي حديث مع "اندبندنت"، ذكر اللورد سيكا، وهو عضو عمالي في مجلس اللوردات وأستاذ جامعي في مجال المحاسبة، أنه "من الأهمية بمكان أن تعيد الحكومة الآن بعض أرباحها من خلال فرض ضريبة غير متوقعة".
وكذلك ذكر محاضر بارز في الاقتصاد السياسي الدولي يعمل ضمن صفوف "سيتي، يونيفرسيتي أوف لندن"، ساندي هايجر، "تشكل الأرباح الهائلة التي تمتعت بها الجهات الست الكبرى الموردة للطاقة في السنوات الأخيرة صفعة في وجه الأسر المنخفضة والمتوسطة الدخل التي تعاني حالياً بسبب أزمة تكاليف المعيشة. إذا كان الساسة قلقين في شأن العواقب المالية المترتبة على هذا النمط من التدخل، فإن فرض ضريبة تستهدف أرباح الشركات الست الكبرى يشكّل وسيلة معقولة للتعويض عن التكاليف".
وفي ذلك الإطار، سجلت "أس أس إي" أرباحاً تراكمية قبل احتساب الفوائد والضرائب بلغت 3.37 مليار جنيه بين السنتين الماليتين 2016- 2017 و2020- 2021، بما في ذلك 604.8 مليون جنيه وردت في آخر إيداع. وتشمل الأرقام إمدادات الكهرباء والغاز المحلية، وكذلك إمدادات غير محلية، حتى تسعة أشهر ونصف الشهر في السنة المالية 2019- 2020 حينما باعت "أس أس إي" ذراعها لبيع الطاقة بالتجزئة إلى "أوفو". وأفادت "أس أس إي" بأنها "تركز بالكامل" على المساعدة في تحقيق الصفر الصافي على صعيد انبعاثات الكربون، فضلاً عن خفض التكاليف المستقبلية للمستهلكين من خلال الحد من الاعتماد على أسواق الغاز.
ومن ناحية أخرى، أظهرت البيانات أن "سنتريكا" حققت أرباحاً تبلغ 2.05 مليار جنيه بين سنتي 2016 و2020، على رغم انخفاض الأرباح التشغيلية على أساس سنوي من 64.6 مليون جنيه في 2016 إلى 73.5 مليون جنيه في 2020. ولم تعلق الشركة على ذلك حين تواصلت معها "اندبندنت".
وفي مسار موازٍ، سجلت "سكوتيش باور" أرباحاً تشغيلية بلغت 1.4 مليار جنيه في السنة المالية 2016- 2020. وأشار ناطق رسمي باسمها إلى خسارة في ثلاث من السنوات الخمس الماضية، بما في ذلك 64.3 مليون جنيه عام 2020، مضيفاً أن الارتفاع في الفواتير حدث عبر قرار اتخذه "مكتب أسواق الغاز والكهرباء" رداً على "ارتفاع غير مسبوق" في تكاليف شراء الطاقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي سياق متصل، حققت "إي أون" أرباحاً تراكمية قبل احتساب الفوائد والضرائب بلغت 432.7 مليون جنيه بين سنتي 2016 و2020، بما في ذلك أرباح تراكمية سلبية قبل احتساب الفوائد والضرائب، وصلت إلى 198.8 مليون جنيه في 2020. وأفادت الشركة بأنها استثمرت أكثر من مليار جنيه لمساعدة العملاء على الوصول إلى الصفر الصافي في الانبعاثات خلال السنوات الأخيرة، على الرغم من الخسائر.
وفي الإطار نفسه، سجلت "إي دي أف" أرباحاً تراكمية سلبية قبل احتساب الفوائد والضرائب بلغت بين سنتي 2018 و2020، لكن أرباحها التشغيلية التراكمية بين سنتي 2016 و2020 بلغت 358.2 مليون جنيه. ولفتت "إي دي أف" إلى أنها "فخورة بأنها إحدى جهتين موردتين منحتهما 'الطاقة البريطانية' جائزة ذهبية بسبب دعمنا العملاء الضعفاء".
وفي تعليق على تلك المعطيات، أورد المدير لدى مؤسسة "الثروة المشتركة" البحثية، ماثيو لورانس، أن "هذه النتائج تُظهِر أن ست شركات كبرى استفادت حتى مع ارتفاع فواتير الطاقة. وإذا كانت هناك حاجة إلى فرض ضريبة غير متوقعة على الأرباح الهائلة التي تحققها شركات النفط والغاز، فإن هذا البحث يثير سؤالاً رئيساً، هل ينبغي للشركات الست الكبرى أن تواجه ضرائب أعلى على أرباحها من أجل المساعدة في دعم الأسر؟".
وأضاف، "إن فرض ضريبة طارئة قد يشكل خطوة مهمة لضمان أن تكون استجابتنا لأزمة الطاقة منصفة ومساهمة في إعادة توزيع الثروة".
وتذكيراً، لقد انهارت عشرات من الجهات الموردة الأصغر حجماً في الأشهر الأخيرة، ومُرِّرت تكاليف تبلغ 2.5 مليار جنيه إلى الأسر.
وفي السياق نفسه، أشار "مكتب أسواق الغاز والكهرباء" إلى أن سقف الأسعار منع الأرباح غير المعقولة وحمى العملاء. ووفق كلماته، "إن غالبية شركات الطاقة لا تحقق ربحاً حالياً، وقد خرج عدد منها من السوق في أعقاب أسعار الغاز العالمية القياسية. ويتحرك مكتب أسواق الغاز والكهرباء بسرعة بغية تثبيت استقرار السوق لضمان حماية العملاء".
© The Independent