في خطوة جديدة لتمكين المرأة السعودية من العمل في مجالات جديدة ومستحدثة في سوق العمل، أعلنت الرياض أخيراً فتح باب التوظيف في وظائف قيادة القطارات التي حددتها بـ30 فرصة عمل للسيدات اللواتي لم يسبق لهن شغلها من قبل في البلاد. وتأتي تلك الوظائف المطروحة ضمن توسع فرص العمل في مشروع قطار الحرمين الذي يربط المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة، مروراً بمدينة جدة ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية.
وكشفت شركة "رينفي" الإسبانية، وهي إحدى الشركات المشغلة للقطار، يوم الأربعاء 16 فبراير (شباط) الحالي، أنها تسلّمت نحو 28 ألف طلب منذ إعلانها في يناير (كانون الثاني) الماضي، فتح باب تلقّي طلبات التوظيف على المهنة التي يهيمن عليها الرجال في كثير من دول العالم.
وتتراوح أعمار جميع المتنافسات على وظيفة سائقة قطار، بين 22 و30 سنة، وهو العمر الذي حُدد من قبل الشركة، إلى جانب شروط أخرى مثل مستوى اللغة الإنجليزية.
ليس مستغرباً
ويرى الباحث الاقتصادي صلاح الشلهوب أن "الإعلان الجديد لوظائف في مجال قيادة القطارات للسعوديات ليس مستغرباً ولا يُعدّ لافتاً، لا سيما أن النساء اليوم يعملن في كل المجالات داخل البلاد"، مستدركاً بالقول إن "اللافت في الموضوع هو الإقبال الكبير على العمل في هذا المجال الذي يُعدّ جديداً في سوق العمل النسائي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح أن "التوجه العام للحكومة السعودية هو عدم التمييز بين المرأة والرجل في مجالات العمل بحيث تكون كل الوظائف متاحة للجنسين وبالمميزات والرواتب ذاتها"، لافتاً إلى أن "المرأة استطاعت أن تثبت كفاءتها في جميع المجالات. فاليوم السعوديات يعملن في القطاعات العسكرية والأمنية وكذلك في مجال الطيران وفي الوظائف القيادية وفي الجهات الحكومية والقطاع الخاص".
تساوي الرواتب
في السياق ذاته، قالت شركة "رينفي" في بيان على موقعها الإلكتروني، إن "أكثر من نصف المتقدمات اجتزن اختبار المرحلة الأولى عبر الإنترنت، الذي تم فيه تقييم المستوى الأكاديمي للمتقدمات ومهاراتهن باللغة الإنجليزية".
ولفتت الشركة إلى أنها ستعمل على تصفية بقية الطلبات بحلول منتصف شهر مارس (آذار) المقبل، قبل أن يقع الاختيار على الفائزات اللواتي سيخضعن لبرنامج تدريب طويل مدته عام في مدينة جدة، يتقاضين فيه أجراً قدره أربعة آلاف ريال (نحو 1066 دولاراً)، قبل أن يتضاعف مع ممارسة عملهن رسمياً.
ويساوي راتب سائقات القطار ما يتقاضاه زملاؤهن المستقبليون الرجال، وهو ما يشكل حافزاً لهن للمنافسة والتحاق مزيد من المهتمات بتلك المهنة أو الباحثات عن فرص عمل في السعودية. وهنا علّق الشلهوب بالقول إن "الرياض تتميز بالمساواة في الرواتب بين الجنسين من دون تفرقة، لا سيما في القطاعات والجهات الحكومية والشركات الكبرى التي يكون لديها سلم وظيفي منظم".
وأردف "لكن مع الأسف، نلاحظ فرقاً بالرواتب في عدد من منشآت القطاع الخاص الصغيرة ويعود السبب إلى عدم وجود تنظيم إداري بالشكل المطلوب في ما يخص الوظائف والرواتب للعاملين".
وتابع "ربما يكون ارتفاع معدلات الطلب على الوظائف من قبل السيدات أسهم في وجود هذه الفجوة في بعض الشركات التي تعمل على توظيفهن برواتب ومميزات أقل".
تمكين السعوديات
وشهدت السعودية تغييرات اقتصادية واجتماعية واسعة ومتسارعة، لا سيما في ما يتعلق بتمكين المرأة ورفع معدلات مشاركتها في ميادين الحياة العامة منذ إعلان الرياض عن رؤية 2030 في شهر أبريل (نيسان) 2016 وهي الاستراتيجية السياسية والاقتصادية والاجتماعية المستقبلية للبلاد، التي نصت على أن الدولة ستستمر في تنمية مواهب المرأة واستثمار طاقاتها ورفع نسب مشاركتها في بناء المجتمع.
ومع انطلاق برامج تمكين المرأة السعودية، تمكنت خلال الأعوام القليلة الماضية من اختراق جدار العزلة، واقتحمت مجالات التعليم والعمل والسياسة، وتعمل النساء اليوم في السلك الدبلوماسي وأصبحت تمثل بلادها في الخارج كسفيرة في عدد من الدول، ومن أبرزهن الأميرة ريم بنت بندر بن سلطان التي تشغل منصب سفيرة الرياض لدى واشنطن، وكذلك السفيرة أمال المعلمي التي تمثل بلادها في النرويج. كما بات يُسمح للمرأة السعودية بالعمل في مجال القضاء كمحققة في النيابة العامة والمحاماة والطيران. وتعمل النساء في الوظائف كافة سواء في المطارات أو على متن الرحلات كقائدات طائرات أو مضيفات، وأيضاً في القطاع العسكري، حيث يعملن في رتب عسكرية ضمن الأجهزة الأمنية وكذلك في وزارة الدفاع.