تبادلت القوات الأوكرانية والانفصاليون المدعومون من موسكو الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار، ما يغذي المخاوف بشأن غزو روسيا لأوكرانيا، وأعلن الجيش الأوكراني مقتل جندي أوكراني، السبت 19 فبراير (شباط)، خلال مواجهات مع متمردين تدعمهم موسكو في شرق أوكرانيا الانفصالي، وقالت القيادة العسكرية المشتركة لشرق أوكرانيا، "نتيجة قصف مدفعي، أصيب جندي أوكراني بجروح قاتلة بسبب شظايا".
انتهاكات وقف النار
وأعلن مراقبو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أنهم لاحظوا "زيادة كبيرة" في انتهاكات وقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا حيث يتواجه انفصاليون موالون لروسيا مع القوات الأوكرانية منذ 2014، وأشارت المنظمة في بيان إلى أن مراقبيها "لاحظوا زيادة كبيرة" في الأعمال المسلحة على طول خط الجبهة، مضيفة أن هناك حالياً عدداً من الحوادث يعادل عدد تلك التي وقعت قبل اتفاقية تم توقيعها في يوليو (تموز) 2020 لتعزيز وقف إطلاق النار.
وأبلغت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا عن 222 انتهاكاً لوقف إطلاق النار، الخميس، على خط الجبهة في منطقة دونيتسك التي يسيطر عليها انفصاليون موالون لروسيا، بما فيها 135 "انفجاراً"، مقابل 189 الأربعاء و24 الثلاثاء، وفي لوغانسك، وهي مدينة أخرى بشرق أوكرانيا يسيطر عليها انفصاليون موالون لروسيا، سجلت المنظمة 648 انتهاكاً، بينها 519 "انفجاراً"، مقابل 402 الأربعاء و129 الثلاثاء.
ودعت المنظمة في بيانها "الأطراف إلى التقيد الصارم بكل الالتزامات التي تعهدوا بها، واتخاذ كل التدابير اللازمة للحد من التوتر والعمل على وقف فوري للتصعيد من أجل مصلحة المدنيين الأبرياء على جانبي خط الجبهة الذين ما زالوا يعانون بسبب هذا الصراع".
الرئيس الأوكراني سيسافر إلى ميونيخ
وفي خطوة لافتة، أعلن مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه لم يغير خططه لحضور مؤتمر ميونيخ للأمن، السبت، على الرغم من تحذيرات الولايات المتحدة من غزو روسي، ومن دون الإشارة إلى تساؤلات الرئيس الأميركي جو بايدن حول ما إذا كان من الحكمة مغادرة زيلينسكي كييف، أصدر مكتب الرئيس الأوكراني بياناً شدد فيه على أن الوضع في شرق أوكرانيا "ما زال تحت السيطرة تماماً".
وسيلتقي زيلينسكي رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والمستشار الألماني أولاف شولتز ونائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، حسب مكتبه.
قرار بغزو أوكرانيا
في هذا الوقت، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه مقتنع بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتخذ قراراً بغزو أوكرانيا، وإنه على الرغم من أنه لا يزال هناك مجال للدبلوماسية فإنه يتوقع أن تتحرك روسيا في الأيام المقبلة.
وقال بايدن، "لدينا ما يدعونا للاعتقاد بأن القوات الروسية تخطط وتنوي مهاجمة أوكرانيا في الأسبوع المقبل، في الأيام المقبلة"، مضيفاً أن الولايات المتحدة تعتقد أن روسيا ستستهدف العاصمة الأوكرانية كييف، ومحذراً من أن موسكو تحاول اختلاق "مبرر كاذب" لشن الحرب.
لكن الرئيس الأميركي شدد على أنه طالما أن الغزو لم يقع "تبقى الدبلوماسية خياراً"، مشيراً إلى أن وزير خارجيته أنتوني بلينكن سيلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف الخميس المقبل في أوروبا.
وسأل بايدن عما إذا كان "من الحكمة" أن يغادر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بلاده للمشاركة في مؤتمر دولي في ميونيخ، في وقت تواجه فيه أوكرانيا خطر تعرضها لغزو روسي وشيك.
تصعيد أمني
وفي تصعيد أمني يغذي المخاوف من وقوع هجوم روسي، شهد شرق أوكرانيا، الجمعة، عمليات قصف جديدة، وتبادل الجيش الأوكراني والانفصاليون الموالون لروسيا الاتهامات باستخدام "أسلحة ثقيلة" خلالها.
وأمرت السلطات الانفصالية في منطقتي دونيتسك ولوغانسك بإجلاء مدنيين إلى روسيا، متهمين كييف بالتحضير لغزو بعد تصعيد أمني.
"التعبئة العامة"
وفي ما بلغت المخاوف من غزو روسي ذروتها، أعلن زعيم "جمهورية" دونيتسك الانفصالية في شرق أوكرانيا، السبت، "التعبئة العامة"
وقال دينيس بوشيلين في تصريح عبر الفيديو، "أحضّ إخواني المواطنين في قوات الاحتياط على المجيء إلى مكاتب التجنيد العسكري. لقد وقّعت اليوم مرسوم التعبئة العامة".
"يتراجع"
واعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الوضع في شرق أوكرانيا "يتراجع"، وذكرت وكالة الإعلام الروسية أنه أمر وزير الطوارئ بالتوجه إلى جنوب شرقي روسيا لتوفير الإعاشة للسكان الوافدين من أوكرانيا.
في المقابل، طالبت أوكرانيا المجتمع الدولي بإدانة ما وصفتها بـ"الاستفزازات الروسية" في المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون في شرق البلاد، محذرة من أن موسكو ستستمر في تصعيد الموقف إذا لم يفعل المجتمع الدولي ذلك. ونفت الحكومة الأوكرانية بشدة اتهامات روسيا لها بأنها "قد تشن" هجوماً في شرق أوكرانيا.
واعتبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن القصف في شرق أوكرانيا خلال الساعات الـ48 الماضية هو جزء من جهود روسية لاختلاق "استفزازات كاذبة"، لتبرير مزيد من "العدوان" ضد أوكرانيا.
وسط ذلك، أعلن مسؤول في البنتاغون، الجمعة، أن أكثر من 40 في المئة من القوات الروسية المحتشدة على حدود أوكرانيا اتخذت وضعية هجومية، مشيراً إلى أن مرحلة زعزعة الاستقرار التي تقودها روسيا في هذا البلد "بدأت".
وقال المسؤول طالباً عدم كشف هويته إن الولايات المتحدة التي تقدر عدد القوات الروسية المنتشرة حالياً شمال أوكرانيا وشرقها وجنوبها بأكثر من 150 ألف جندي، رصدت منذ الأربعاء تحركات لقوات روسية باتجاه الحدود.
إظهار تضامن
في الأثناء، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إنه يتعين على الغرب إظهار تضامن بشكل قاطع إذا أراد إقناع الرئيس الروسي بعدم غزو أوكرانيا.
وأدلى جونسون بهذه التصريحات مع بدء مؤتمر ميونيخ للأمن، الجمعة، الذي سيستمر ثلاثة أيام وتهيمن عليه الأزمة الأوكرانية، وستحضره شخصيات بارزة من بينهم نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ.
أضاف جونسون "على الحلفاء أن يتحدثوا بصوت واحد كي يؤكدوا للرئيس بوتين الثمن الباهظ الذي سيدفعه نظير أي غزو روسي آخر لأوكرانيا. لا يزال بإمكان الدبلوماسية أن تسود".
وتأتي هذه التطورات في وقت يجتمع قادة دوليون ودبلوماسيون رفيعو المستوى في ميونيخ في جنوب ألمانيا، من الجمعة إلى الأحد، لإجراء مناقشات حول قضايا الدفاع والأمن، فيما تغيب روسيا عن المؤتمر.
ويلتقي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، الأسبوع المقبل، "شرط ألا يكون حدث غزو روسي لأوكرانيا"، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، مساء الخميس. كما أفاد مسؤول في البيت الأبيض بأن الرئيس جو بايدن سيجري محادثات، بعد ظهر الجمعة، "مع مسؤولين أوروبيين... بشأن القوات العسكرية الروسية المحشودة عند حدود أوكرانيا" والجهود التي ينبغي بذلها لترجيح الحل الدبلوماسي.
وفيما تفيد الاستخبارات الأميركية بأن روسيا حشدت أكثر من 150 ألف جندي مع عتادهم قرب أوكرانيا، تواصل موسكو إعلان سحب قواتها عن الحدود بعد انتهاء مناورات عسكرية، وجاء إعلانها الأخير، الجمعة، بعد إعلانين مماثلين، الثلاثاء والأربعاء.
ويحذر الغرب من إعداد روسيا ذريعة لغزو جارتها، قد تكون مرتبطة بالنزاع بين كييف وانفصاليين مؤيدين لموسكو في شرق أوكرانيا، خصوصاً أن هذين الفريقين تبادلا الاتهامات، الخميس والجمعة، بإطلاق النار.
إليكم تغطيتنا للتطورات بشأن الأزمة الأوكرانية عندما حدثت.