أثارت الطاولة البيضاوية الضخمة التي جلس إليها الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين وضيفه الفرنسي إيمانويل ماكرون اهتماماً عالمياً واسعاً، لرمزية المسافة الفاصلة بينهما في اجتماعهما المنعقد على خلفية التوتر الحاد بشأن أوكرانيا، إلا أن هذه الصورة شكلت نعمة ترويجية لشركة مفروشات عائلية في شمال إيطاليا.
على موقعها الإلكتروني، نشرت "أوك" (OAK) صورة اللقاء الذي عقد في قصر الكرملين في 12 شباط (فبراير)، مشيرة إلى أن الشركة كانت "حاضرة" خلاله عبر الطاولة "الفخمة الضخمة" التي صنعتها.
ويقول رئيس مجلس إدارة "أوك" ريناتو بولونيا لوكالة الصحافة الفرنسية، "الطاولة هي حيث نأكل، نلهو، أو نلعب، لكنها أيضاً حيث يتم اتخاذ القرار بالحروب أو توقيع اتفاقات الهدنة. آمل في أن تحمل طاولتنا الفرح ولا تؤدي إلى تصعيد في الحرب".
مطعمة بأوراق الذهب
تمتد الطاولة البيضاء المطعمة بأوراق الذهب، على مسافة ستة أمتار، وأثارت عديداً من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ حولها البعض إلى أرجوحة أو طاولة لمزاولة كرة الطاولة (بينغ بونغ)، أو جعلوا منها حلبة للتزحلق الفني على الجليد، أو قارنوها بلوحة "العشاء الأخير" لليوناردو دا فينشي.
ويروي بولونيا أن الطاولة "قطعة فريدة"، نفذت وفق الطلب، وسلمت إلى الكرملين في عام 1995، موضحاً أنها كانت جزءاً من "أكبر طلب تلقيناه على الإطلاق".
وتقدر قيمة هذه الطاولة، وفق مستوى الأسعار حالياً، بنحو "100 ألف يورو (113 ألف دولار)"، وفق بولونيا الذي يشير إلى أن تكلفة الطلبية كاملة "تجاوزت 20 مليون يورو (22 مليون و663 ألف دولار)".
شهادة من يلتسين
جالساً بهدوء إلى مكتبه في مشغل الشركة ببلدة كانتو قرب بحيرة كومو في شمال إيطاليا، يعرض بولونيا الإثباتات على ملكية الطاولة: صورة لها في كتاب عن قصر الكرملين يعود إلى عام 1999، "شهادة" موقعة من الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1996، والرسوم التفصيلية للتصميم الذي تحول أيقونة في الفضاء الافتراضي.
ويقول بولونيا ابن الثالثة والستين عاماً، "أنا واثق بنسبة مئة في المئة مما أقوله"، وذلك رداً على الحرفي الإسباني المتقاعد فيسينتي ثاراغوثا الذي يقول إنه هو الذي سلم الطاولة إلى الكرملين "لكن بحدود عام 2005".
وقال الأخير في تصريحات لإذاعة "كوبي" الإسبانية، إن الطاولة مصنوعة "من خشب الزان من جبال الألب"، مؤكداً أنه تعرف إليها لدى رؤيتها على شاشات التلفزيون، من دون أن يقدم أي دليل إضافي.
وعلق بولونيا بالقول، "أعتقد أنه طالما أنهم يقولون في إسبانيا إنهم صنعوا طاولة مشابهة لطاولتنا، فتلك نسخة (عن الأصلية)، لكنني لا أعرف شيئاً".
وشكلت الطاولة مسرح لقاءات عدة لبوتين في الآونة الأخيرة، إذ استضاف حولها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وماكرون، والمستشار الألماني أولاف شولتز.
وأفادت تقارير صحافية أن هذا التباعد الجسدي يعود إلى رفض ماكرون وشولتز الخضوع لفحص "كوفيد-19" في روسيا قبل لقاء بوتين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
القذافي وصدام... وكلوني
وهذه الطاولة الضخمة التي تحتل مكانها في القاعة المخصصة لاستضافة الضيوف الأجانب، هي جزء بسيط مما تقول "أوك" إنها زودت الكرملين به. ووفق بولونيا، صنعت شركته تجهيزات تشغل مساحة سبعة آلاف متر مربع في طبقتين من قصر الرئاسة الروسية. وأشار إلى أن "تصميم ونوعية الحرفية الإيطالية" يحظيان بتقدير كبير في الخارج، موضحاً أن الشركة وفرت أثاثاً وأرضيات وأعمالاً خشبية وحتى رخامية على جدران قاعات الكرملين.
ويمكن للانتشار الذي عرفته الطاولة حول العالم أن يدفع بولونيا إلى التفكير بصنع نسخ إضافية منها، معتبراً ذلك "فكرة جيدة" بعد كل "الضجة" التي أثارتها.
تأسست الشركة خلال الخمسينيات في القرن الماضي على يد والد بولونيا، وتوظف حالياً نحو 50 شخصاً، وتضم قائمة زبائنها عائلات ملكية. كما استقطبت خلال تاريخها زبائن مثل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي والرئيس العراقي السابق صدام حسين.
قرب الشركة من منطقة بحيرة كومو في إيطاليا، المعروفة بمناظرها الخلابة واستقطابها لعديد من الأثرياء، أسهم في استقطابها عديداً من الزبائن "الأميركيين، والروس، والهنود، والصينيين الذين يشترون فيلات جميلة"، ومن هؤلاء، الممثل الأميركي الشهير جورج كلوني الذي يزور المنطقة مرة في السنة على الأقل، لكنه لم يقرع بعد باب شركة "أوك".