أعلنت مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية، إيلفا يوهانسون، في مؤتمر ميونيخ للأمن، الجمعة 18 فبراير (شباط) الحالي، أن "الاتحاد الأوروبي مفتوح أمام العملات المشفرة بما في ذلك بيتكوين أو اليورو الرقمي، لكن يجب أولاً تعزيز اللوائح لمنع الاحتيال". وأضافت يوهانسون، "لست مرتاحة للعملات الرقمية، ولكننا بحاجة إلى تنظيمها بطريقة مناسبة، حتى لا تتمكن المنظمات الإجرامية والإرهابيون من استغلال إخفاء الهوية الذي تسمح به بعض الشبكات".
من جانبها، قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إن "التحقيق في اليورو الرقمي جزء من واجبات البنك"، موضحة أن أوروبا أكثر تقبلاً من الصين، التي تحركت، أخيراً، باتجاه حظر كل معاملات العملات المشفرة. وعلى الرغم من التقبل الأوروبي للعملات المشفرة، فإن لاغارد لا تزال تنظر إليها على أنها أصول مضاربة للغاية ومشبوهة، وعلى أنها ليست عملات، كما قالت في برنامج "ذات ديفيد رابنستين شو" في سبتمبر (أيلول) الماضي.
كذلك أكدت يوهانسون أهمية التنظيم للعملات المشفرة لمنع الاحتيال. وحضر الجلسة أيضاً سام بانكمان فريد، الرئيس التنفيذي، المؤسس المشارِك لبورصة العملات المشفرة "أف تي أكس" (FTX)، ورائدة الأعمال الألمانية كريستيان أنجيرماير، التي شاركت في تأسيس "كربتولوجي أسيست غروب".
وأقر بانكمان بمخاطر استخدام المجرمين للعملات المشفرة، لكنه قال، إن المنصات عززت بشكل كبير آليات الرقابة. وقالت أنجيرماير، إن "المؤسسات المالية غالباً ما تحمي مصالحها الخاصة"، بينما المليارات حول العالم من دون حسابات مصرفية معزولة عن النظام المالي. وأضافت أن "هذا الوضع يمكن إصلاحه من خلال انتشار تقنيات بلوك تشين المُضمنة في العملات المشفرة مثل بيتكوين، وإتاحة الفرصة لرقمنة العملات مثل الدولار الأميركي واليورو".
وصرحت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، المصنفة ثاني أقوى امرأة في العالم من قبل مجلة "فوربس"، في مقابلة تلفزيونية مع "بلومبيرغ" في مارس (آذار) 2021، بأن مؤسستها يمكن أن تُطلق عملة رقمية في منتصف هذا العقد تقريباً إذا أعطى صانعو السياسة الضوء الأخضر للمشروع.
وقالت لاغارد، "نحتاج إلى التأكد من أننا نفعل ذلك بشكل صحيح. نحن مدينون للأوروبيين. العملية برمتها- لنكن واقعيين بشأنها- في رأيي ستستغرق أربع سنوات أخرى، وربما أكثر من ذلك بقليل".
وصرح أحد المنظمين الماليين البارزين في الاتحاد الأوربي في يناير (كانون الثاني) الماضي، بأنه يتعين على الاتحاد الأوروبي حظر النظام كثيف الطاقة المستخدم لتعدين "بيتكوين".
العملات المشفرة وحظر التعدين في أوروبا
في سياق متصل، وفي مقابلة مع "فايننشال تايمز"، دعا نائب رئيس هيئة الأوراق المالية والأسواق الأوروبية (ESMA)، إريك ثيدن، إلى فرض حظر على مستوى الكتلة الأوروبية على تعدين العملات المشفرة، قائلاً إن استخدام الطاقة في الصناعة أصبح "قضية وطنية في السويد"، مسقط رأسه. وقال ثيدن، "أصبحت عملة بيتكوين الآن قضية وطنية للسويد بسبب كمية الطاقة المتجددة المخصصة للتعدين". وأضاف "سيكون من المفارقات أن يتم تخصيص طاقة الرياح المولدة على الساحل الطويل للسويد لتعدين بيتكوين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتستهلك "بيتكوين" الآن 0.6 في المئة من الكهرباء في العالم، وفق أرقام مؤشر "كامبريج بيتكوين" لاستهلاك الكهرباء. ويتم سك عملات "بيتكوين" و"إيثريوم"، وهما أكبر عملتين مشفرتَين، من خلال إثبات نظام العمل، والذي يحفز المعدنين مالياً على استخدام مزيد من قوة الحوسبة- وبالتالي الكهرباء- للتحقق من صحة معاملات بلوك تشين وكسب الرموز المميزة.
ودعا ثيدن سابقاً إلى فرض حظر على إثبات تعدين العملات المشفرة في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، بصفته مديراً لهيئة الرقابة المالية السويدية. ومن أبريل (نيسان) إلى أغسطس (آب) 2021، ارتفع استهلاك الطاقة لعمليات تعدين "بيتكوين" في السويد بنسبة "عدة مئات في المئة"، بحسبما قال ثيدن في ذلك الوقت.
وأصبحت أوروبا نقطة ساخنة للابتكار والاستثمار في صناعة العملات المشفرة. ففي عام 2021، أصبحت المملكة المتحدة الدولة الأبرز في أوروبا في معاملات العملات المشفرة، بصفقات بقيمة 170 مليار دولار.
وكان لأوروبا الوسطى والشمالية والغربية (CNWE) أكبر اقتصاد للعملات المشفرة في العالم، حيث تلقت أكثر من تريليون دولار من الأصول الرقمية على مدار عام 2020 وفق تقرير صادر عن "تشين أناليسيس".
"ميتافيرس" والعملات المشفرة
وقالت "فاين إكسترا" للأبحاث، إن الاستثمارات الضخمة في العملات المشفرة في أوروبا في 2021 لم تكن سوى معاينة لما سنراه هذا العام، مع التوقعات بموجة هائلة من الاهتمام بسوق التشفير في أوروبا في 2022، ما سيخلق استثمارات وشركات ووظائف جديدة". وأضافت "فاين إكسترا" "لقد رأينا بنك الاستثمار الأوروبي، ذراع الإقراض للاتحاد الأوروبي، يستخدم تقنية "أثيريوم" في عام 2021 لإصدار 100 مليون يورو (121 مليون دولار) في شكل سندات رقمية لمدة سنتين لأول مرة. كما عملت البنوك الأوروبية والأميركية كمديرين مشتركين للسندات، بما في ذلك "غولدمان ساكس" و"بانكو سانتاندر أس أيه" و"سوسييتيه جنرال"، مما يدل على أن البنوك الأميركية والأوروبية حريصة على الدخول في هذا الذراع الجديدة في التمويل".
وتوقعت "فاين إكسترا"، أن تدخل مؤسسات وشركات مالية أوروبية جديدة في مجال العملات المشفرة هذا العام. وأشارت إلى قيام "أديداس"، أخيراً، بالغطس في التشفير، حيث أقامت شراكة مع "كوين بيز"، وكذلك مع ملعب "ميتافيرس" للعوالم الافتراضية. وقالت إن كثيراً من شراكات التشفير ستحدث في عام 2022، مع تسارع اعتماد العملة المشفرة في جميع أنحاء أوروبا. وتوقعت أيضاً أن تستخدم الشركات "ميتافيرس" لعرض منتجاتها وخدماتها بدعم من الأصول الرقمية مثل "بيتكوين" و"إيثريوم".