كشفت صحيفة "التايمز" البريطانية، في تقرير حصري، عن أن ثلاثة أثرياء روس فرضت الحكومة البريطانية عقوبات عليهم بسبب التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا حولوا معظم ثرواتهم لأفراد عائلاتهم الذين يحملون الجنسية البريطانية. وهكذا يتفادى المليارديرات الثلاثة، الذين شملتهم العقوبات لعلاقتهم المباشرة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خسائر كبيرة نتيجة العقوبات البريطانية، كون أبنائهم وذويهم لا يخضعون لقرار العقوبات.
وذكر التقرير أن بعض ذوي المليارديرات الثلاثة تعلموا في بريطانيا أو تزوجوا بريطانيين ويحملون هم وأبناؤهم الجنسية البريطانية. وكانت الحكومة البريطانية فرضت عقوبات على غينادي تيموشينكو وبوريس روتينبرغ وابن أخيه إيغور روتينبرغ. ومنذ بدأت العقوبات على روسيا، قبل سنوات، نقل اثنان من الثلاثة كثيراً من ثرواتهما لأبنائهما وأفراد من عائلاتهما لتفادي تأثير العقوبات. بالتالي، قد لا يتضررون كثيراً من العقوبات البريطانية الأخيرة عليهم.
وفرضت العقوبات على تيموشينكو بسبب ارتباطه بـ"بنك روسيا" الذي وصفته وزارة الخزانة الأميركية بأنه "البنك الشخصي لكبار المسؤولين الروس". ويعد الرجل من أغنى أثرياء روسيا، وتقدر ثروته بأكثر من 24 مليار دولار (18 مليار جنيه استرليني). وهو صديق لبوتين منذ تسعينيات القرن الماضي حين كان بوتين مسؤولاً سياسياً في مدينته سان بطرسبورغ ومنحه تصريحاً لتجارة النفط. وبعد ذلك، أسس تيموشينكو شركة تداول عقود النفط "غنفور". وبحلول عام 2007 كانت نسبة 30 في المئة من صادرات النفط الروسية تمر عبر شركة تيموشينكو. وبعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا، فرضت إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عقوبات على تيموشينكو لأن "لبوتين مصالح واستثمارات في شركة غنفور وقد يكون مستفيداً من أموالها".
الثروة لبناته في بريطانيا
وزع تيموشينكو في السنوات الماضية معظم ثروته على بنتيه. الكبرى ناتاليا البالغة من العمر 43 سنة، درست في جامعة أوكسفورد البريطانية وتزوجت من بريطاني وحصلت على الجنسية البريطانية وكانت تقيم في ساوث كنزنغتون في لندن. وبعد فرض العقوبات على تيموشينكو عام 2014، باع أسهمه في شركة "سوجيكو بارتيسيبيشن" ومقرها في لوكسمبورغ لابنته ناتاليا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما ابنته الصغرى زينيا فدرست في جامعة أدنبره وتخرجت فيها عام 2009 ثم تزوجت ابن وزير المواصلات في حكومة بوتين. وفي العام نفسه، باع تيموشينكو أسهمه في شركة التأمين "سوغاز" لابنته الصغرى. كما باع 17 في المئة من شركة البتروكيماويات "سيبور" إلى كيريل شامالوف الذي كان وقتها زوج ابنة بوتين كاترينا.
أما بوريس روتينبرغ وأخوه أركادي (والد إيغور الذي طالته العقوبات البريطانية) فهما صديقا طفولة بوتين. ويملك برويس وأركادي النصيب الأكبر من أسهم بنك "أس أم بي" الذي أسساه عام 2001. وفي ذلك العام أصبح الأخوان روتينبرغ والبنك مساهمين في شركة الغاز العملاقة "غازبروم" المملوكة للدولة.
درس ابن بوريس، رومان، في كلية الأعمال الأوروبية في لندن وحصل على الجنسية البريطانية عام 2014، وبالتالي لا يخضع للعقوبات. ويملك رامون منزلاً في حي بلغرافيا الراقي في لندن يقدر سعره بنحو 4.5 مليون دولار (3.3 مليون جنيه استرليني).
الشركات الروسية في لندن
بالإضافة إلى فرض العقوبات على المليارديرات الروس المقربين من بوتين، فرضت بريطانيا عقوبات على بنوك روسية. وتعهد رئيس الحكومة بوريس جونسون بمنع الشركات الروسية من بيع سندات دين، أي اقتراض الأموال للاستثمار، من الأسواق المالية في بريطانيا. إلا أن تقريراً لصحيفة "فايننشال تايمز" خلص إلى أن تأثير ذلك التهديد قد لا يكون كبيراً لتراجع اعتماد الشركات الروسية على السوق المالية البريطانية.
ومنذ فرض العقوبات على روسيا عام 2014 تراجع عدد الشركات الروسية التي تسجل في أسواق المال البريطانية، بعدما كان حي المال والأعمال (سيتي أوف لندن) مركزاً مهماً لسنوات للشركات الروسية الراغبة في الوصول إلى الأموال الاستثمارية. فمنذ عام 2005، سجلت 39 شركة في سوق لندن وتمكنت من جمع استثمارات بنحو 44 مليار دولار، حسب أرقام شركة "فاكت ست" للمعلومات.
وفي الفترة ما بين عامي 2010 و2014، أجرت الشركات الروسية 44 صفقة تمويل واقتراض مكنتها من جمع 26 مليار دولار. لكن، في السنوات السبع منذ فرض العقوبات السابقة حتى الآن، لم يصل حجم الصفقات المماثلة سوى إلى ثمانية مليارات دولار. ومنذ عام 2014 لم تسجل غير ثلاث شركات في سوق لندن، هي شركة تعدين الذهب "بوليوس" وشركة المعادن والطاقة "أن+" وشركة مبيعات التجزئة "فيمكس برايس".
مع ذلك، بدأ المستثمرون في سوق لندن وبنوك الاستثمار الكبرى في حي السيتي التحسب لعقوبات أخرى أكثر تشدداً، وبالتالي نقلوا مراكزهم الاستثمارية بعيداً من الشركات الروسية، خشية انكشافهم على خسائر كبيرة جراء تلك العقوبات.