على عكس التوقعات اتخذت "وول ستريت" اتجاهاً إيجابياً، أمس الخميس، بارتفاع حاد في الأسهم الأميركية قادته مكاسب بنسبة 3 في المئة في بورصة "ناسداك"، بعد أكثر من أربع جلسات متتالية من التراجع على خلفية تصاعد التوترات الروسية الأوكرانية، وبعد اقتناع الأسواق أن قطاع الطاقة الروسي لن تمسه العقوبات الغربية.
عوامل ارتفاع "وول ستريت"
ولعبت عوامل عدة في تصحيح البورصات الأميركية؛ أهمها بلوغ الأسهم مستويات متدنية خلال الفترة الأخيرة، ما جعل أسعارها جاذبة للاستثمار. فقد هوى مؤشر بورصة "ناسداك" الذي يقيس بشكل أساس شركات التكنولوجيا بنسبة قاربت 20 في المئة منذ أعلى مستوى وصله خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ويصنف هذا الهبوط بين المستثمرين بأن المؤشر دخل في منطقة "سوق هابطة"، لذلك وجد كثير من المستثمرين فرصة للاستثمار بعد هذا الهبوط القوي، ما جعله يقفز، أمس، بنسبة 3 في المئة.
تصحيح في المؤشرات
الأمر ذاته ينسحب على المؤشرين الرئيسيَن الآخرين؛ "داو جونز" و"أس أند بي 500"، حيث هبط الأول بنسبة 10 في المئة من أعلى مستوى وصله في يناير الماضي، بينما كانت الخسائر تلاحق الأخير لأربع جلسات متواصلة، وهي عوامل دفعت للتصحيح في المؤشرات.
وفي تفاصيل ارتفاعات المؤشرات، قفز مؤشر "ستاندرد أند بورز" بنسبة 1.50 في المئة إلى 4288 نقطة، كما قفز مؤشر "ناسداك" المجمع بنسبة 3.34 في المئة إلى 13473، بينما ارتفع مؤشر "داو جونز" 0.28 في المئة إلى 33223 نقطة.
تحييد قطاع الطاقة
وهناك عوامل أخرى لعبت دوراً أيضاً في الارتفاعات، منها اقتناع "وول ستريت" أن العقوبات التي فرضت على روسيا لم تمس أهم قطاعين؛ النفط والغاز، حيث إن ضرب هذين القطاعين يعني خسائر لجميع المنتجين والمستهلكين، لذا كان هذا التحييد إيجابياً للشركات الأميركية التي لن تتحمل تكاليف إضافية من ارتفاعات قوية لقطاع الطاقة حال فرضت عقوبات على روسيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتقنياً، عدم ارتفاع التكاليف يعني بقاء مستوى زيادة التضخم عند النسب المتوقعة، التي احتسبها المستثمرون في الأسهم منذ فترة، حيث تتوقع "وول ستريت" زيادة في معدل الفائدة بنسبة تصل إلى نصف نقطة مئوية في اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي منتصف مارس (آذار) المقبل. كل هذه العوامل مجتمعة لعبت دوراً في عودة المستثمرين للأسواق والشراء من مستويات دنيا تحققت من هبوط البورصات خلال الفترة الأخيرة.
عقوبات إضافية
من ناحية أخرى، واصل البيت الأبيض، أمس، فرض العقوبات على روسيا، حيث أعلن عقوبات تعيق قدرة روسيا على القيام بأعمال تجارية بالعملات الرئيسة في العالم، إلى جانب عقوبات ضد البنوك والشركات المملوكة للدولة.
لكن البيت الأبيض حذر الأميركيين من أن الصراع قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الوقود في الولايات المتحدة، علماً أن المسؤولين الأميركيين عملوا مع نظرائهم في دول أخرى على الإفراج المشترك عن نفط إضافي من احتياطيات الخام الاستراتيجية العالمية.
أسعار النفط
وعلى وقع الأزمة الأوكرانية، واصلت أسعار النفط ارتفاعها قرابة دولارين للبرميل، حيث استمر الغزو الروسي لأوكرانيا في تأجيج مخاوف الإمدادات العالمية، بينما تستعد الأسواق لتأثير العقوبات التجارية في روسيا، أحد المصدرين الرئيسيَن للخام.
وارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت 1.99 دولار أو 2 في المئة إلى 101.07 دولار للبرميل، بينما قفز خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 1.89 دولار أو 2 في المئة تقريباً إلى 94.70 دولار للبرميل.
وكان الهجوم على أوكرانيا، أمس، تسبب في ارتفاع الأسعار إلى أكثر من 100 دولار للبرميل للمرة الأولى منذ 2014، مع وصول سعر خام برنت إلى 105 دولارات، قبل تقليص المكاسب لاحقاً عندما اقتنعت الأسواق أن الدول الغربية حيدت قطاع الطاقة من العقوبات.
الذهب سلعة آمنة
وفي ظل هذه الأوضاع، لجأ المستثمرون إلى سلع الملاذات الآمنة، وعلى رأسها الذهب، حيث يتجه المعدن الأصفر نحو رابع مكسب أسبوعي، وهو أطول مسار منذ أوائل سبتمبر (أيلول) الماضي.
وارتفع الذهب 0.4 في المئة إلى 1910 دولارات للأوقية، بعد أن كانت الأسعار قد قفزت إلى 1974 دولاراً، الخميس، وهو أعلى مستوى منذ سبتمبر 2020 قبل أن تغلق على انخفاض بنسبة 0.3 في المئة عندما ظهر أن العقوبات الروسية ليست بالحجم الكبير الذي كان متوقعاً.
كما ارتفع البلاديوم المستخدم في صناعات عدة بعد تقلبات كبيرة في الجلسة السابقة، بسبب مخاوف من تعطل محتمل للإمدادات، حيث تنتج روسيا حوالى 40 في المئة من معدن البلاديوم على مستوى العالم.