غادر علماء أوكرانيون مكرهين جلسة الموافقة على تقرير تاريخي للأمم المتحدة حول المناخ استمرت 11 ساعة، وذلك خوفاً على سلامة ذويهم جراء هول الهجوم الواسع النطاق الذي تشنه روسيا على بلادهم.
أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العنان للحرب على أوكرانيا في الساعات الأولى من الخميس الماضي في 24 فبراير (شباط). قُتل المئات، فيما يهرب المواطنون بأعداد غفيرة علّهم ينجون بأرواحهم، بعد أن أمطرت روسيا بلادهم بهجمات جوية ومدفعية على جبهات عدة. ويوم الجمعة، كانت القوات الروسية تتقدم نحو العاصمة الأوكرانية كييف.
خلال الأيام العشرة الماضية، اجتمع عدد من العلماء الأوكرانيين مع مئات من كبار الخبراء في المناخ من مختلف أنحاء العالم من أجل وضع اللمسات الأخيرة على الفصل الثاني من تقرير مناخي بالغ الأهمية تصدره "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ" التابعة للأمم المتحدة (اختصاراً IPCC) كل خمس إلى سبع سنوات.
خلال الاجتماع، ينكب 270 عالماً على تقييم ما يربو على 34 ألف منشور علمي والبحث في 62 ألف ملاحظة على المراجعات، بغية التوصل إلى تقييم عالمي موثوق به.
لكن الوضع المتدهور في أوكرانيا لم يترك لهم أي خيار سوى التخلي عن المهمة، على ما جاء في تعليقات تداولها مستخدمون على وسائل التواصل الاجتماعي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هكذا، "غادر العلماء الأوكرانيون جلسة الموافقة على تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ"، قالت كلوي فاراند، واحدة من كبار المراسلين في الموقع الإخباري "كلايمت هوم نيوز" Climate Home News، في تغريدة نشرتها على "تويتر".
وأضافت أن أحد العلماء الأوكرانيين أخبرها أن "علينا التفكير في [سلامة] عائلاتنا، وليس ممكناً التركيز على نص [محتوى وكلمات] خلاصات واضعي السياسات تحت وقع الهجمات والقصف".
نشر علماء آخرون رسائل تعرب عن تضامنهم مع زملائهم الأوكرانيين. من بين هؤلاء البروفيسور جان باسكال فان إيبيرسيل، عالم في فيزياء المناخ في بلجيكا، ونائب رئيس التقرير السابق الصادر عن "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ"، الذي قال في تغريدة له إن "أخبار مغادرة العلماء الأوكرانيين الاجتماع تركت في نفسه الحزن".
وذكر في تغريدته أن "شجاعة وفد # أوكرانيا، الذي لم يتوقف عن المساهمة في مناقشاتنا بالأمس رائعة. لا حدود للعلم"، منهياً منشوره بهاشتاغ #ClimateReport.
وجاء في رسالة عبر البريد الإلكتروني أرسلها متحدث باسم "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ" إلى "اندبندنت" أنه "نظراً إلى أن الجلسات تُعقد مغلقة، فإننا لا نبلغ عن وجود، أو غياب، أو حضور أي من المندوبين".
تذكيراً، سيتضمن التقرير المهم الذي تصدره الأمم المتحدة سبعة فصول إقليمية، ويبحث في أوجه تأثير الظواهر المناخية المتطرفة الشديدة والمتكررة على حياة الناس اليومية، مع صب التركيز [إيلاء الأولوية للبحث في الأثر المناخي] على المدن.
لم تعرف بعد التفاصيل المحددة للتقرير لأن المحتوى يخضع لمناقشة مستفيضة من جانب الباحثين والحكومات، ولا بد من التوصل إلى توافق في الآراء بغية إصدار النسخة النهائية.
ولكن من المتوقع نشر التقرير يوم الاثنين في 28 فبراير.
وصف أنطونيو غوتيريش، الأمين عام للأمم المتحدة، الفصل الأول من التقييم الثلاثي الأجزاء الذي أصدرته "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ" في أغسطس (آب) بأنه بمثابة "الإنذار الأحمر للإنسانية" [يدق ناقوس الخطر الذي تواجهه الإنسانية].
وجد الفصل الأول من التقرير "أنه، وعلى الأغلب، سيصل ارتفاع درجة حرارة الكوكب إلى 1.5 درجة مئوية (قياساً بمستويات ما قبل العصر الصناعي)، علماً بأنه الحد الطموح المدرج في "اتفاق باريس" للمناخ، خلال العشرين عاماً المقبلة. معلوم أن متوسط درجة الحرارة العالمية يبلغ حالياً نحو 1.1 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي.
ومن المتوقع صدور التقرير الثالث في أوائل أبريل (نيسان)، وسيركز على الإجراءات التي يمكن اتخاذها للحد من أزمة المناخ والتكيف مع التغيرات التي لا مفر منها فعلاً.
© The Independent