لا يزال ملف الإرهاب يشغل بال السلطات في الجزائر على الرغم من النجاح المحقق في حصر هذه الظاهرة إلى أبعد الحدود، وبعد تصنيف حركتي "رشاد" الإسلامية و"الماك" الانفصالية ضمن قائمة الإرهاب، أتى الدور على الأفراد.
ووقع وزير الداخلية الجزائري كمال بلجود، قراراً يتضمن إصدار قائمة الأشخاص والكيانات الإرهابية في الجزائر، حيث نص القرار المؤرخ في 6 فبراير (شباط) 2022، والصادر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، على تسجيل 16 شخصاً كإرهابيين، إلى جانب كيانين اثنين ويتعلق الأمر بـ"حركة رشاد" التي يسيرها محمد زيطوط، و"حركة الماك" التي يقودها فرحات مهني.
وتضمنت قائمة الأشخاص المصنفين "إرهابيين" الأسماء مع تواريخ وأماكن ميلادهم وأرقام بطاقات الهوية الخاصة بهم، حيث يعتبر نشرها بمثابة تبليغ لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحظر نشاط الأشخاص والكيانات المسجلين بها، وحجز أو تجميد أموالهم، ومنعهم من السفر، بموجب ما ينص عليه القرار نفسه.
لجنة وزارية
وسبق القرار الوزاري، مرسوم تنفيذي يحدد كيفية التسجيل في القائمة السوداء للأشخاص والكيانات الإرهابية، كما تم حينها، استحداث لجنة وزارية مشتركة مهمتها إدراج أو شطب الأشخاص والكيانات من القائمة السوداء للإرهاب، وتتولى أيضاً، متابعة حجز أموال وممتلكات المدرجين في القائمة السوداء، مع سحب جواز السفر والمنع من السفر أو من دخول الجزائر لكل شخص ورد اسمه في القائمة، إضافة إلى تجميد أموال الأشخاص المدرجين ضمن قائمة الإرهاب المقيمين في الخارج.
إدراجهم في لوائح دولية للإرهاب
وفي السياق، يرى الباحث في العلاقات الدولية، عدنان محتالي، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أنه من الصعب جلب هؤلاء الأشخاص المصنفين ضمن قائمة الإرهاب، إذا لم نقل من المستحيل، وقال، إن "الدول التي تؤويهم ستستعملهم كأوراق ضغط، خصوصاً فرنسا التي تبقى تمارس الضغط على السلطات في الجزائر"، مضيفاً أن جلبهم يحتاج إلى مفاوضات وأوراق مساومة، وتحقيق مصالح.
ويواصل محتالي، أنه بالنسبة لتصنيفهم ضمن قائمة رسمية، فالهدف هو ترسيم انتمائهم لتنظيمات إرهابية، وهي خطوة يمكن اعتمادها كأساس قانوني تنبثق منه إجراءات قانونية ذات طابع إقليمي ودولي، كإدراجهم في لوائح دولية للإرهاب، ما قد يضع الدول التي تأويهم في بعض الحرج.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جانبه، يعتبر المدير التنفيذي لمنظمة "صوت حر" بجنيف السويسرية، محمد خذير، أنه من "الصعب أن تتسلم الجزائر هؤلاء الأشخاص على اعتبار أن إثبات انتماءاتهم للإرهاب صعب جداً، بدليل أن المدعو مراد دهينة الموجود ضمن القائمة، طلبته سلطات بلاده منذ فترة ماضية وما زالت، ولم يتم تسليمه، على الرغم من إلقاء القبض عليه في فرنسا، حيث حاولت الجزائر تسلمه غير أن القضاء الفرنسي رفض وأطلق سراحه، ونفس الأمر حدث مع المدعو رشيد مسلي الذي قبض عليه في إيطاليا ثم أفرج عنه، وأيضاً بالنسبة لأحد أبناء زعيم "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المنحلة، عباسي مدني، الذي ألقي القبض عليه في الهند، ثم أخلي سبيله، وذلك بسبب أن وصف الإرهاب غير دقيق لدى الغرب، ويختلف من بلد لآخر".
ويتابع خذير، أن هذا التصنيف سياسي بالدرجة الأولى، بخاصة أن القضاء في فرنسا أو في بريطانيا أو في سويسرا أو في دولة أخرى لم يصدر أحكاماً بالإرهاب ضد أحد من هؤلاء، بل لم يتم استدعاؤهم أصلاً، كما أنهم ليسوا متابعين من طرف الشرطة الدولية "الإنتربول"، وختم أنهم ليسوا بالأهمية التي تجعل من مسألة تسليمهم ورقة ضغط ضد الجزائر.
تصنيف وتعريف
وفي مايو (أيار) من العام الماضي، صنف المجلس الأعلى للأمن في الجزائر حركتي "رشاد " و"الماك"، كيانين إرهابيين، وقال في بيان، إن "مجلس الأمن الذي ترأس اجتماعه الرئيس عبد المجيد تبون، اتخذ قراراً يقضي بوضع حركة استقلال منطقة القبائل ورشاد ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، والتعامل معهما بهذه الصفة".
كما تم في يونيو (حزيران) من العام نفسه، توسيع تعريف الإرهاب في المادة 87 مكرر من قانون العقوبات ليشمل "محاولة الوصول إلى السلطة أو تغيير نظام الحكم بوسائل غير دستورية"، وأعلنت الرئاسة في بيان عقب اجتماع لمجلس الوزراء برئاسة تبون، أنه تمت المصادقة على "مشروع أمر يتضمن تعديل الأمر رقم 66-156 المؤرخ في 8 يونيو 1966 المتضمن قانون العقوبات"، وأبرزت أن الهدف من التعديل هو "تعزيز المنظومة القانونية لمكافحة الإرهاب، لا سيما من خلال استحداث قائمة وطنية للأشخاص والكيانات الإرهابية".