الانهيار الاقتصادي لـأفغانستان "يقترب من نقطة اللاعودة"، هذا ما قالته مبعوثة الأمم المتحدة لكابول ديبورا ليونز.
وفي حين أعلنت ليونز، أمام مجلس الأمن التابع للمنظمة الدولية، الأربعاء الثاني من مارس (آذار)، أن حل المشكلات الجذرية للأزمة الاقتصادية هو الأمر الأكثر إلحاحاً، قالت إن حلها سيتطلب التعاون في جميع القضايا مع حركة "طالبان" التي سيطرت على السلطة في أغسطس (آب).
وقالت "لا نعتقد أن بوسعنا مساعدة الشعب الأفغاني حقاً من دون العمل مع السلطات الفعلية"، طالبة من مجلس الأمن الموافقة على تفويض جديد لمهمتها.
وتفتقر سلطات "طالبان" إلى الاعتراف الدولي بعد ستة أشهر من اجتياحها كابول مع رحيل القوات الدولية التي تقودها الولايات المتحدة منهية حرباً دامت 20 عاماً.
ستة أشهر من التردد
وخفض المانحون المساعدات المالية التي تشكل أكثر من 70 في المئة من الانفاق الحكومي وجرى تجميد مليارات الدولارات هي أصول للبنك المركزي الأفغاني. ولا يزال كثير من زعماء "طالبان" يخضعون لعقوبات أميركية وعقوبات من الأمم المتحدة.
وعجلت تلك الخطوات بانهيار اقتصادي وتسببت في تفاقم نقص السيولة والبطالة والجوع، مما أثار تحذيرات من الأمم المتحدة بأن أكثر من نصف الشعب الأفغاني البالغ عدده 39 مليوناً يواجهون الجوع.
وقالت ليونز لمجلس الأمن إن وكالات الأمم المتحدة وشركاءها قدموا مساعدات لقرابة 20 مليون أفغاني في أنحاء البلاد.
ومضت تقول "نعتقد مع اقتراب فصل الشتاء من نهايته أننا ربما تجنبنا أسوأ مخاوفنا من حدوث مجاعة وجوع واسع النطاق".
لكن ليونز قالت إنه يجب اتخاذ خطوات عاجلة لمواجهة أزمة السيولة والقيود على المدفوعات الدولية والقيود على البنك المركزي.
وأضافت "ستة أشهر من التردد المصحوب بالعقوبات المستمرة، وإن كانت مع قدر من الإغاثة والمشاركة السياسية غير المنظمة، أدت إلى تآكل أنظمة التكيف الاجتماعية والاقتصادية الحيوية وتدفع السكان إلى قدر أكبر من عدم اليقين.
"ما فعلناه هو شراء القليل من الوقت وحسب".
واشنطن وموسكو تعرضان رؤيتين متعارضتين
في السياق ذاته، عرضت الولايات المتحدة وروسيا في مجلس الأمن الدولي، الأربعاء، رؤيتين متباينتين بشأن مستقبل الأمم المتحدة في أفغانستان، إذ دعت واشنطن التي انتقدت الصين إلى الدفاع عن حقوق الإنسان بينما لا ترى موسكو ضرورة لتكثيف الجهود في هذا المجال.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال نائب السفيرة الأميركية جيفري ديلورينتيس إن الولايات المتحدة تنوي تقديم "دعم حازم" للمساعي الحميدة للمهمة السياسية لبعثة الأمم المتحدة التي يفترض أن يتم تمديدها في 17 مارس على أبعد حد، ولتقاريرها "حول مراقبة حقوق الإنسان" ودورها في "تنسيق العمل الإنساني".
وتنوي واشنطن دعم نشاطات هذه البعثة في "حماية الأطفال والمدنيين" والدفاع عن "المشاركة الكاملة والهادفة وبمساواة للمرأة في مجالات الحياة العامة".
وردت نائبة السفير الروسي آنا إيفستينييفا بالقول "لسنا متفقين بشأن ضرورة تعزيز جانب الحقوق الإنسانية ونعارض فكرة ربط وضع حقوق الإنسان بالمساعدات الإنسانية ومساعدات إنعاش" الاقتصاد.
وأضافت أن بعثة الأمم المتحدة "ينبغي ألا تصبح مشرفاً بشكل ما لخدمة مصالح الذين ليسوا على استعداد لمساعدة الأفغان من دون شروط مسبقة".
من جهة أخرى، قال ديلورينتيس "من المؤسف أن تقضي الصين وقتاً في انتقاد الإجراءات الأميركية أكثر من التركيز على مساعدة الشعب الأفغاني نفسه".
وأضاف أن "الصين هي ثاني أكبر مساهم في الأمم المتحدة، وما فعلته لمساعدة الشعب الأفغاني أو المساهمة في الأمن الإقليمي لا يتوافق مع هذا الوضع".
انتقاد صيني للقرار الأميركي
وقال السفير الصيني لدى الأمم المتحدة تشانغ جون إن "مساعدة أفغانستان في تخفيف أزمتها الإنسانية وتحقيق الاستقرار في الاقتصاد يجب أن تكون الأولوية الأكثر أهمية وإلحاحا" لدى للمجتمع الدولي.
وانتقد القرار الأميركي الأخير بتغيير وجهة سبعة مليارات دولار من الأموال الأفغانية المجمدة في الولايات المتحدة. وقال الدبلوماسي الصيني إن "الممارسة التي تقضي بإدارة تعسفية لأصول دول أخرى في الخارج بموجب القانون الوطني غير مسبوقة".
ومن دون أن يشير إلى مجال حقوق الإنسان، قال تشانغ جون إن التفويض المقبل لبعثة الأمم المتحدة "يجب أن يعطي الأولوية إلى دفع المجتمع الدولي لزيادة المساعدة لأفغانستان".
من جهتها، قالت نائبة السفير الفرنسي ناتالي برودهيرست أن باريس ترى أنه "منذ استيلائها على السلطة بالقوة وخلافاً لالتزاماتها، ضاعفت طالبان تجاوزاتها وانتهاكاتها للحقوق بما في ذلك الحقوق الأساسية الكبرى".
وقالت برودهيرست إن هذه الممارسات تشكل جزءاً من "لائحة العار" التي وضعها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشأن "الأطفال والنزاعات"، مشددة على ضرورة أن "تثبت طالبان أنها تغيرت ومستعدة للانضمام إلى المجتمع الدولي".