رأى مراقب قانوني مستقل أن المواطنين البريطانيين الذين يقاتلون إلى جانب القوات الأوكرانية ضد روسيا، يمكن إدراجهم تحت تعريف المملكة المتحدة للإرهاب، وذلك بعدما أعلنت وزيرة الخارجية البريطانية عن تأييدها لما يقوم به هؤلاء المتطوعون.
وأكدت ليز تراس أنها ستدعم "بشكل مطلق" المواطنين البريطانيين الذين يتوجهون إلى مناطق القتال، في استجابة لدعوة وجهها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى حشد مقاتلين دوليين لمساندة بلاده.
وكان بيان صدر عن وزارة الدفاع الأوكرانية، قد أعلن، الأحد، عن تشكيل فيلق دولي، موضحاً أنه يمكن للأشخاص الراغبين في الانضمام إليه، التجنيد عن طريق سفارات كييف في دولهم الأصلية. وأضافت: "يمكن لأي شخص يريد الدفاع عن أوكرانيا وأوروبا والعالم، أن يأتي ويقاتل إلى جانب الأوكرانيين ضد مجرمي الحرب الروس".
وزيرة الخارجية البريطانية التي استضافها برنامج "صاندي مورنينغ" على محطة "بي بي سي"، سئلت عما إذا كانت تؤيد مواطني المملكة المتحدة الذين قرروا الاستجابة للنداء الأوكراني، فأجابت: "إن خياراً من هذا النوع يمكن أن يتخذه الناس بأنفسهم. فالشعب الأوكراني يقاتل من أجل الحرية والديمقراطية، ليس فقط من أجل أوكرانيا، بل من أجل أوروبا بأسرها. وبالتأكيد، إذا شاء الناس أن يدعموا هذا النضال، فسأدعمهم للقيام بذلك".
لكن القتال خارج البلاد كان موضع ملاحقة قضائية في السابق بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، التي وجهت اتهامات إلى أفراد سبق أن انضموا إلى مجموعات مسلحة كردية تدعمها المملكة المتحدة في وجه تنظيم "داعش".
ويعرف "قانون الإرهاب لعام 2000" Terrorism Act 2000 الإرهاب بأنه استخدام العنف أو التهديد به، للتأثير على حكومة أو على جمهور "بقصد النهوض بقضية سياسية أو دينية أو عرقية أو أيديولوجية".
محامي المرافعة جوناثان هول الذي يحمل لقب "كيو سي QC" أو "مستشار الملكة"، والذي عين "مراجعاً مستقلاً لقانون الإرهاب" Independent Reviewer of Terrorism Legislation، أوضح أن المشاركة في القتال في أوكرانيا، سيتم تحديدها من خلال تعريف الإرهاب، لكن الملاحقات القضائية تبدو غير مرجحة.
وقال لـ"اندبندنت": إن "العدوان الروسي على النظام الشرعي الدولي وأهمية دعم أوكرانيا، يجعلان أي مشاركة من مقاتلين أجانب يرغبون في السفر إلى أوكرانيا للوهلة الأولى، أمراً جذاباً".
وأضاف: "نظراً إلى الدعم الواضح من الحكومة، تبدو مقاضاة المقاتلين الأجانب ضد روسيا بموجب قانون الإرهاب، أمراً غير مجد حتى لو انطبق التعريف القانوني الواسع للإرهاب على هذه الحالات".
وتابع هول: "إلا أن إمكان وجود حالات غير مرغوب فيها هو أمر مطروح بشكل دائم- كالأفراد الذين يتوجهون إلى أوكرانيا تحت ذريعة زائفة، إما لدعم روسيا أو للقتال إلى جانب مجموعة أيديولوجية مثل "كتيبة آزوف" (النازية المحدثة)".
وتنص توجيهات "دائرة الادعاء الملكية" Crown Prosecution Service (CPS) على أن الأشخاص الذين يسافرون من المملكة المتحدة إلى الخارج للمشاركة في القتال، "تطبق عليهم موجبات أحكام القسم الأول من ’قانون الإرهاب لعام 2000‘".
وتقضي هذه الأحكام بأن ينظر في الظروف الفردية، بما فيها موقع القتال والغرض منه، والنية في خوضه، لكنها تخلص إلى أنه: "إذا قرر أفراد الانتقال إلى الخارج للمشاركة في قتال، ولم يكن تصرفهم هذا وفق عملية مصرح بها من حكومة المملكة المتحدة على نحو صحيح، فمن المرجح أن يميل الحق العام نحو ملاحقة هؤلاء قضائياً".
وكانت السلطات البريطانية قد قامت بسلسلة من المحاكمات الفاشلة لمتطوعين غادروا للقتال ضد تنظيم "داعش" إلى جانب "وحدات حماية الشعب الكردي" في سوريا. وقد أسقطت تقريباً جميع التهم الموجهة إليهم بالإرهاب قبيل المحاكمة، أو انتهت الدعاوى بالبراءة. ودفعت هذه القضايا إلى إجراء تدقيق في مسألة استخدام قوانين مكافحة الإرهاب ضد فصيل كان يتلقى دعماً عسكرياً من حكومة المملكة المتحدة.
ولا يمكن توجيه أي تهمة تتعلق بجرائم إرهاب مزعومة تم ارتكابها في الخارج، أو تتعلق بشؤون دولة أخرى، إلا بموافقة المدعي العام ومدير النيابات العامة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بيبا وودرو المحامية المرافعة التي مثلت شخصين من المتطوعين المناهضين لـ"داعش"، وجه إليهما الاتهام بجرائم إرهاب، رأت أن تطبيق القوانين كان يخضع لـ"أهواء سياسية".
وقالت لـ"اندبندنت"، إن "الإجراءات التي دعت إليها وزيرة الخارجية البريطانية، والتي تعاملت معها الشرطة والمدعون العامون في السابق على أنها إرهاب، قد تشكل صدمة بالنسبة إلى كثيرين".
وأضافت وودرو، أن "الغموض القانوني الذي يحيط بأولئك المتحمسين لحمل السلاح دفاعاً عن الشعب الأوكراني، هو دليل آخر على أن قوانين الإرهاب لدينا فضفاضة للغاية وغير حاسمة، وأن تطبيقها يخضع لأهواء سياسية".
ورأت، أن "مثل هذه القوانين تشكل لعنة لسيادة القانون، وللمبادئ الأساسية نفسها للديمقراطية التي تتعرض للاعتداء الآن في أوكرانيا".
المحامي جوناثان هول أشار إلى وجود بعض الاختلافات المهمة بين احتمال انضمام متطوعين بريطانيين إلى القوات المسلحة الأوكرانية، والأفراد الذين قاتلوا ضد تنظيم "داعش" في سوريا. وأوضح أن الذين انتقلوا إلى سوريا انضموا إلى فريق غير حكومي- هو "وحدات حماية الشعب الكردي"- لمحاربة فريق آخر غير حكومي- هو "داعش"- بدلاً من الجيش الوطني.
لكنه أشار في تقريره الأخير عن قوانين الإرهاب في المملكة المتحدة، إلى أن القضايا المتعلقة بسوريا "أدت إلى طرح أسئلة تعريفية حول ما إذا كان ينبغي، في وضع كالذي فيه هؤلاء الأفراد، توجيه تهم بالإرهاب إليهم"، وهو ما لم تجب عليه السلطات المعنية.
وتبين للمحامي هول أن المتطوعين المناهضين لـ"داعش"، "يبدو أنهم يحظون بمقدار من تفهم الرأي العام ودعمه"، لكنهم ما زالوا يحاكمون كإرهابيين.
ورأى أن "من الممكن تالياً أن يكون التشريع المتعلق بالإرهاب قد استخدم لمحاكمة أشخاص لا يعتبرون في العادة إرهابيين. وفيما تم وقف النظر في تلك القضايا في نهاية المطاف (في جميعها باستثناء واحدة)، كان هناك نقص في توضيح سبب القيام بذلك".
لم ترد وزارة الخارجية البريطانية على طلب وجهته إليها "اندبندنت" بالتعليق على الموضوع.
© The Independent