نيران الغزو الروسي تشعل جيوب المصريين

شعر المصريون بلهيب حرب روسيا وأوكرانيا مع موجة الغلاء والتضخم التي اجتاحت الأسواق خلال الأيام الأخيرة، وطالت أغلب القطاعات الاقتصادية الرئيسة، وفي الوقت الذي يشير المراقبون إلى وقوف الحرب وراء زيادة قيمة السلع، فإن هناك أسباباً محلية أخرى.

"اندبندنت عربية" أجرت جولة ميدانية لتقصي أحوال الأسواق المصرية وتحدثت إلى تجار وبائعين ومستوردين ومنتجين ومواطنين أعقاب اشتعال الأسعار بدرجات متفاوتة بداية من الخبز غير المدعوم (الخبز السياحي) مروراً بأسعار الخضروات والفاكهة واللحوم والدواجن، وحتى أسعار مواد البناء مثل حديد التسليح والأسمنت.

زيادة سعر الخبز السياحي 100 في المئة

البداية جاءت مع ارتفاع أسعار الخبز السياحي (يباع في السوق الحرة بعيداً عن البطاقات التموينية) متأثراً بالغزو الروسي، مع تعطل الإمداد من المصادر الرئيسة لمصر من كييف أو موسكو.

يقول أحمد ماهر، صاحب أحد المخابز السياحية، "إنه ينتج ويبيع الخبز السياحي منذ عامين تقريباً، وأن سعر الرغيف (90 غراما) ارتفع بنسبة 100 في المئة بقيمة 0.75 جنيه (حوالى 0.04 دولار أميركي) منذ بداية مارس (آذار) الحالي". يضيف، "أن سعر الرغيف للمستهلك النهائي كان يُباع بـ0.75 جنيه"، لافتاً إلى "أنه أضطر إلى أن رفع السعر إلى 1.5 جنيه (0.09 دولار)"، مؤكداً "أن سعر طن الدقيق ارتفع من 7500 جنيه (477.75 دولار) إلى 10500 جنيه (668.85 دولار) منذ بداية الشهر الحالي"، مشيراً إلى "أن مطاحن الدقيق زودت الأسعار مع عدم ضخ كميات في السوق لحين تثبيت السعر". حيلة أخرى لجأ إليها خالد إسماعيل، صاحب أحد المخابز، يقول "إنه لم يرفع أسعار الخبز للحفاظ على زبائنه، وأنه اضطر إلى تقليل وزن الرغيف من 90 غراماً إلى 70 غراماً لتقليل التكلفة والبيع بالسعر القديم".

طن القمح يرتفع إلى 66.88 دولار

من جانبه، قال عضو غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية، إيهاب إدريس، "إن سعر طن القمح ارتفع بنحو 1050 جنيهاً (66.88 دولار) منذ بداية مارس، وإن سعر طن القمح يُباع في القاهرة حالياً بـ 6500 جنيه (414 دولاراً) مقارنة بـ5500 جنيه (350 دولاراً) قبل اندلاع الحرب بين موسكو وكييف". وأكد "أن زيادة القمح عالمياً تسببت في ارتفاع الدقيق في الأسواق، إذ يتراوح سعر الطن بين 8500 إلى 9 آلاف جنيه (541.45 إلى 573.3 دولار) في الوقت الحالي، مرتفعاً من 6700 جنيه (426.79 دولار) قبل اندلاع الحرب".

ارتفاع أسعار المعكرونة والطن بـ 637 دولاراً

امتد تأثير ارتفاع أسعار القمح إلى زيادة أسعار المعكرونة في السوق المحلية، بعدما أكد رئيس شعبة المواد الغذائية بالغرف التجارية عمرو حامد، "وصول سعر الطن إلى نحو 10 آلاف جنيه (637 دولاراً) خلال الأسبوع الماضي بنسبة زيادة بلغت نحو 35 في المئة عقب الزيادة بقيمة 2500 جنيه (159.25 دولار)".

وتابع، "أن سعر طن الزيت ارتفع بقيمة 3500 جنيه (223 دولاراً)، بعدما وصل إلى 28500 جنيه (1815 دولاراً) مرتفعاً من 25 ألف جنيه (1592 دولاراً)"، مؤكداً "أن الزيادات جاءت كأحد التداعيات السلبية للحرب الأوروبية، بعدما رفع المُصدرون للسوق المصرية أسعار الزيوت".

زيادة أسعار الخضروات 30 في المئة 

من الخبز والقمح ومشتقاتها إلى الخضروات والفاكهة تغير السبب، ولكن النتيجة واحدة، وهي ارتفاع أسعار معظم الأصناف، وقال رئيس شعبة الخضروات والفاكهة، باتحاد الغرف التجارية حاتم النجيب، "إن قطاع الخضروات والفاكهة لم يتأثر بالحرب الروسية الدائرة الآن"، مؤكداً "أن مصر من الدول المصدرة للخضروات والفاكهة، ولا تلجأ إلى الاستيراد إلا في نطاق محدود"، مشيراً إلى "ارتفاع بعض الأصناف محلياً بنسبة لا تزيد على 30 في المئة"، مبرراً ذلك "بموجات الصقيع التي مرت بها القاهرة علاوة على أن الفترة الحالية تشهد تغير العروة الصيفية (دورة الزراعة في مصر خلال أشهر الصيف)"، مؤكداً "أن تلك الفترة عادة تشهد ارتفاعاً في الأسعار".

كيلو اللحوم البلدي يرتفع 15 في المئة

ارتفعت أسعار اللحوم مع بداية مارس الحالي وفقاً لرئيس شعبة القصابين بغرفة القاهرة التجارية، محمد وهبة، مؤكداً زيادتها للمرة الأولى منذ فترة كبيرة مع اندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية"، موضحاً "أن سعر كيلو اللحوم البرازيلية المستوردة ارتفع بقيمة تتراوح من 50 إلى 70 جنيهاً (3.1 إلى 4.45 دولار) مع مطلع الأسبوع الأول من الشهر الحالي، وأن كيلو اللحوم السودانية ارتفع بنحو 30 جنيهاً (1.9 دولار) إذ ارتفع من 80 إلى 110 جنيهات (5 دولارات) إلى 7 دولارات)، لافتاً إلى "زيادة أسعار اللحوم البلدي بمقدار 15 في المئة مع ارتفاع أسعار الأعلاف عالمياً".

128 دولاراً زيادة في أسعار الذرة الصفراء

من جانبه، قال نائب رئيس شعبة الحاصلات الزراعية، حسن العطار، "إن أسعار الذرة الصفراء ارتفعت بقيمة 2000 جنيه (128 دولاراً) في الطن الواحد"، مؤكداً في تصريحات صحافية "أن سعر الطن قبل حرب موسكو وكييف كان يسجل نحو 5300 جنيه (337.16 دولار) قبل أن يرتفع الأسبوع الحالي إلى نحو 7300 جنيه (465 دولار)"، مشيراً إلى "أن الذرة الصفراء تمثل أكثر من 80 في المئة من صناعة العلف الحيواني المُستخدم في التسمين والمزارع الحيوانية ومزارع الدواجن في مصر"، وأشار إلى "أن سعر طن العلف زاد بنحو 1500 جنيه (96 دولاراً) في الطن الواحد ليصل إلى 10500 جنيه (669 دولاراً) بعدما كان بـ9 آلاف جنيه (573.3 دولار) للطن".

الغلاء يلهب المواطنين 

نيران الغلاء شعر بها المصريون على نحو عاجل ، يقول سائق تاكسي، أحمد حسن، "إن الأسعار ارتفعت بشكل مخيف خلال الأسبوعين الماضيين"، أضاف "أنه متزوج ويعول طفلين ومنذ 10 أيام تقريباً ضاعف النفقات اليومية لشراء مستلزمات المأكل والمشرب من 100 جنيه (6.37 دولار) في اليوم إلى 200 جنيه (12.74 دولار)"،  مشيراً إلى "أنه كان يشتري يومياً 10 أرغفة من الخبز بقيمة 10 جنيهات (0.63 دولار) وهو ما يكفي أسرته يومياً"، لافتاً إلى "أنه مع بداية الأسبوع ارتفعت نفقات شراء الخبز فحسب من 10 إلى 20 جنيها"، مطالباً الحكومة بالتدخل للحد من جشع التجار والسيطرة على الأسواق، خصوصاً في المناطق الشعبية التي لا رقيب عليها.

طن حديد التسليح بـ 1050 دولاراً

لم تنج مواد البناء من موجة الغلاء التي تضرب القاهرة في الوقت الحالي، إذ يؤكد رئيس شعبة مواد البناء بالاتحاد العام للغرف التجارية أحمد الزيني، "أن الحرب الروسية – الأوكرانية كان لها تأثير بالغ في قطاع مواد البناء، وأشار إلى "ارتفاع طن حديد التسليح بمقدار يتراوح بين 500 إلى 1500 جنيه (31.5 إلى 96 دولارا) في الطن الواحد"، لافتاً إلى "أن طن حديد التسليح يُباع حالياً للمستهلك النهائي بنحو 17 ألف جنيه (1082 دولاراً) منذ بداية مارس الحالي".

أسعار الأسمنت ترتفع 80 في المئة 

وتابع أن ارتفاع أسعار الأسمنت محلياً غير مرتبط بالأحداث العالمية الدائرة الآن، مؤكداً "أن سعر طن الأسمنت ارتفع 80 في المئة خلال الـ8 أشهر الماضية، إذ ارتفع من 950 جنيهاً (60 دولاراً) في أغسطس (آب) الماضي إلى 1450 جنيهاً (92 دولاراً) في الوقت الحالي"، مبرراً "ارتفاع أسعار الأسمنت بخفض الشركات المُصنعة للإنتاج منذ 5 أشهر"، رافضاً الحديث عن الأسباب، متوقعاً "مزيداً من الارتفاعات إن لم تتدخل الدولة بأجهزتها الرقابية لوقف موجة الغلاء".

ويصل إنتاج القاهرة من حديد التسليح نحو 7.9 مليون طن سنوياً، علاوة على 4.5 مليون طن من حديد البليت (يستخدم في صناعة الصلب) في المقابل تستورد من الخارج نحو 3.5 مليون طن حديد بليت، وفقاً لتقارير غرفة الصناعات المعدنية التابعة لاتحاد الصناعات المصرية.